ما هي أهمية خيرسون لروسيا وأوكرانيا؟
جفرا نيوز - النجاح الأوكراني الواضح في خيرسون هو الأحدث في سلسلة من الانتكاسات لروسيا، وقد يكون الأبرز أيضا بسبب حجم المدينة وأهميتها الاستراتيجية.
ومن شأن النصر أن يعزز أوكرانيا وداعميها الغربيين قبل فصل الشتاء عندما تنخفض حدة القتال. واستهدفت روسيا البنية التحتية للمدنية الأوكرانية في الأسابيع القليلة الماضية ما تسبب في انقطاع التيار الكهربائي في مدن في أنحاء البلاد وأثار مخاوف من شتاء بارد وقاس.
وتوجد في منطقة خيرسون قناة مهمة تعود إلى الحقبة السوفيتية، وفرت لفترة طويلة إمدادات حيوية من المياه العذبة لشبه جزيرة القرم، حسب "واشنطن بوست”.
ومنعت أوكرانيا ذلك التدفق المائي في عام 2014، مما كلف موسكو مئات الملايين من الدولارات، وكانت إحدى الخطوات الأولى التي اتخذتها روسيا بعد بدء الغزو، هي الاستيلاء على القناة وتجديد تدفق المياه.
وخلال الفترة الماضية، أصبح سد كاخوفكا ومحطة الطاقة الكهرومائية محور اتهامات متبادلة بين الجانبين، حيث أكد زيلينسكي أن "الإرهابيين الروس” يخططون لتدميرها، في حين اتهم المسؤولون الروس أوكرانيا بالتخطيط لفعل الشيء نفسه، لكن لم يقدم أي من الجانبين أدلة، وفقا لـ”واشنطن بوست”.
وقد يؤدي إلحاق أضرار بالسد إلى إغراق جزء كبير من المدينة والريف المحيط بها. ويمثل الانسحاب المزمع ضربة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي أعلن في سبتمبر خيرسون وثلاث مناطق أخرى جزءا من روسيا.
وأعلن عن تعبئة جزئية في سبتمبر، وألقى بعشرات الآلاف من الجنود مباشرة في القتال من أجل دعم خطوط الدفاع الروسية المتعثرة.
كل هذا سيبدو بدون جدوى إلى حد كبير في حال تمكنت أوكرانيا من تحرير المدينة.
ويقول محللون عسكريون للصحيفة إن من غير المرجح أن تسعى أوكرانيا إلى ملاحقة الروس عبر نهر دنيبرو. وقال جندي كان يقاتل هناك إن وحدته عادت إلى القاعدة وتستعد للتوجه شرقا.
وتقول أوكرانيا إنها تريد طرد القوات الروسية من كل أراضيها لكن من المرجح أن تصبح المعركة أكثر صعوبة.
وتباطأ تقدم كييف في شمال شرقي البلاد في الأسابيع الأخيرة أمام خطوط دفاع روسية أقوى تعززها قوة بشرية جديدة.
تخلى الجيش الروسي تدريجيا عن خيرسون، بدءا من القادة والإداريين، وفقا لمسؤولين غربيين وأوكرانيين.
وقال أحد السكان إن الروس كانوا يجلبون الجرحى إلى مستشفى في المدينة في الأيام الأخيرة.
وكان العديد منهم قد ماتوا بالفعل عند وصولهم، وصدم الأطباء من حالة الجثث، التي لم يكن لدى الكثير منها ضمادات على الجروح الشديدة.
وقال سكان المدينة خلال الأيام الماضية، إن القوات الروسية نهبت كل ما في وسعها، السيارات من المرائب والمعدات المكتبية والقوارب. وقال أحد السكان "كانت هذه الفوضى الأسبوع الماضي”. أخذوا كل شيء”.
وأضاف آخر إن محلات البقالة أغلقت معظم الأيام الأربعة الماضية، لكنها فتحت مرة أخرى اليوم.
مباني إدارة المدينة ومراكز الشرطة فارغة الآن. قال ساكن آخر: "يمكنك المشي في الداخل ولا أحد يمنعك”. وأزيلت نقاط التفتيش في جميع أنحاء المدينة، وأطلق سراح السجناء من السجون أو نقلوا شرقا عبر النهر.
وقال سكان إن خدمة الإنترنت انقطعت بالكامل تقريبا، وضعف تجهيز الكهرباء والمياه.
وقال وزير الدفاع الروسي شويغو أن القرار "صعب” ولكن الانسحاب "سيحافظ على حياة الجنود والاستعداد القتالي للقوات”.
وفي خطابه الليلي، اعترف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الأربعاء، بالسعادة بعد الإعلان عن أن روسيا تخطط للانسحاب من خيرسون، حتى عندما حذر بشدة من أن ضبط النفس العاطفي ضروري في مواجهة الحرب. "هناك الكثير من الفرح في الفضاء الإعلامي اليوم، ومن الواضح لماذا. لكن يجب كبح جماح عواطفنا”.
وأضاف أن تحرير خيرسون وكاخوفكا ودونيتسك ومدن أخرى سيأتي من "نتيجة جهودنا وعملياتنا الدفاعية – تلك الجارية حاليا وتلك التي نخطط لها”.
وباعتبارها ميناء حيويا على البحر الأسود، سقطت خيرسون تحت السيطرة الروسية بعد أقل من أسبوع من الغزو.
وتعد المدينة التي اشتهرت ببناء السفن وتقع على بعد حوالي 340 ميلا من العاصمة الأوكرانية عقدة مهمة للوصول إلى البحر الأسود وبوابة إلى شبه جزيرة القرم.
ونقلت نيويورك تايمز عن مسؤول في إدارة بايدن، لم تكشف هويته، قوله إن روسيا تحاول من خلال الانسحاب عبر النهر الحفاظ على قوتها للقتال في يوم آخر.
وتقول الصحيفة إن قرار التخلي عن السيطرة على المدينة يمكن أن يثبت أنه حدث مهم في حرب طاحنة غيرت العلاقات الدولية بشكل جذري.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يأمل في استخدام منطقة خيرسون الأوسع كرأس جسر لرحلة أبعد غربا، إلى مدينة أوديسا الساحلية، لكن ذلك فشل.
وتمثل خسارة مدينة خيرسون ضربة رمزية للكرملين، وطموحه لغزو كل جنوب أوكرانيا.
لكن في الوقت نفسه، يقول بعض الخبراء العسكريين الغربيين إن الانسحاب من المدينة نفسها إلى الضفة الشرقية للنهر سيكون منطقيا من الناحية التكتيكية، نظرا لضعف القوات الروسية المتمركزة هناك وعزلتها النسبية.
ولو اختارت موسكو الدفاع عن المدينة بدلا من الانسحاب، يقول خبراء عسكريون إنه كان من الممكن أن تكون معركة دموية من شارع إلى شارع، مما قد يسفر عن خسائر فادحة لروسيا.
ويقدر النشطاء الأوكرانيون أن ما بين 30 ألفا و60 ألف شخص ما زالوا في المدينة، لكن من الصعب معرفة العدد الحقيقي.