في ذكرى رحيل يحيى السعود .. هذا ما كتبه نضال الفراعنة
جفرا نيوز - خاص - كتب نضال الفراعنة
كاتب هذه السطور ممن يصمتون ويلوذون ب"حزن القلوب" حين يباغتهم "موت الرفاق" أو مرضهم، وأتحاشى الكتابة عنهم، وأحتسب وجعي وألمي وصمتي عند الله، وكنت أؤثر أن يقول رفاقي "رثائي"، لكن كثير منهم تركوني لأقول رثاءهم دون أن أقوى على قول كلمة واحدة، أو كتابة سطر واحد، لكن لأنه يحيى السعود فقد قررت أن أكتب لا عن يحيى الذي ارتحل عن "الفانية" إلى "الباقية"، بل عن يحيى الذي "صدق ما عاهد الله عليه" عائلة صغيرة كان أباها البار، وعائلة أكبر هي "أهله وناسه ومحبيه" الذين لا يرون فيه سوى "أخا أكبر" صان "الود والخبز"، ولم يغدر أبدا ب"رفيق" مهما ادلهمت خطوب وحلّت شدائد.
لست ممن يجيدون فنون الرثاء ل"إبن بلد" لوّحت شمس الأردن جبينه، فهي تقسو أحيانا ل"تنتج الرجال"، وسأكتب "شهادة مجروحة" عن رجل حين اختاره الله إلى جواره اختار له وفاة فوق صحرائها المنسية، وعلى تخوم جنوبه المهمش والمهمل الذي لطالما صدح بإسم "مدنه وقراه وبواديه"، حاثا حكومات تعاقبة بأن "ترحم الحال"، وأن تنزل من عليائها المزيف لتعاين أحوال الناس الموجوعة ب"الفقر والبؤس".
كنا اليوم ننتظره عند "ملَمّ الغانمين" غازي عليان.. العبد الراجي لرحمة ربه، وسمير الصاحب وأيسر النمر، اتصلت به قبل "الخبر المفجع" بلحظات أسأله أن يلتحق بنا، لكنه اختار مكانا آخر بعيدا عنا، والعزاء أننا كنا نسهر معه طيلة ساعات ليل الإثنين، كان "رجلا غريب الأقوال والإيحاءات" كأنه كان يقول لنا شيئا لم نفهمه إلا حين فجعنا جميعا بمغادرته ل"الفانية" إلى جوار البقاء، فقد قال لنا ب"حزن وتوتر" أن غير مطمئن لوضعه في الانتخابات، فانبريت للتأكيد له على "شعبية قوية" في عمان الثانية، إذ طلب منا جميعا أن "نرضى عنه" بصورة ملفتة لم نألفها منه سابقا، فلعل الصديق والأخ كان يعرف أنه لن يرانا بعد تلك الليلة.
تباهى ب"الطفيلة" وطنا وظلت هاجسه، وظل "يشتاقها وتشتاقه" إبنا بارا أمينا، وصف نفسه مرارا ب"الحراث إبن الحراث"، وأن كل المهن التي عمل بها يعتبرها مشرفة لأنها ب"الكد والعرق والذراع"، وأنه لا يرى في تاريخه ما يدفعه إلى التواري أو الخجل، وعلى صعيد شخصي كان لي أخا عزيزا بارا نبيلا لا يجور ولا يشحّ بوصاله ومحبته، وكان رجل مواقف صلبة جدا مع "الوطن والرفاق".
وأما لفلسطين التي ظل "قابضا على جمرها" فلم يخنها أبدا، ولم يفرط بها، وظلت "قضيته الأولى"، وقد وُصِف مرارا بأنه "الفلسطيني من أصول أردنية"، ولم يساوم عليها أو على "شعبها الموجوع والملهوف".
نم قرير العين أيها الصديق والرفيق والشقيق والرقيق والأنيق. وستظل القلوب تتذكرك، مثل العيون التي تبكيك الآن ب"دمع سخي"، وستظل ذكراك حية، فمن الأقدار ألا تموت "سِيَرْ" الكبار.