علينا أن نشعر بالخجل نحن أيضاً
جفرا نيوز - بقلم نسيم عنيزات
تداولت وسائل التواصل الاجتماعي أمس، خبرا مفاده وفاة شخص في الأردن نتيجة فصل التيار الكهربائي عن بيته حيث كان يعيش على جهاز الأكسجين، وسبب الفصل فاتورة الكهرباء البالغ قيمتها 150 دينارا .
وهنا استوقفني حكم لقاض أمريكي بعد أن حكم على نفسه وعلى كل من تواجد في قاعة محكمته عندما مثل أمامه طفل لسرقته خبزا وجبنة لإطعام والدته المريضة بأن يدفع كل واحد منهم 10دولارات ويسلمها للطفل .
بعدما قال إنني أشعر بالخجل، وعليكم جميعا ان تشعروا بذلك، وفي دولتنا وبلدنا من يسرق الخبز، لا بل لم يتوقف عند هذا الحد، بل حكم على المشتكي صاحب المتجر بمبلغ 1000دولار بسبب الشكوى التي قدمها ضد الطفل لهذا السبب المعيب.
فاذا كان ذلك القاضي الأمريكي قد شعر بالخجل، فما هو موقفنا امام موت رجل من بلدنا يشبهنا، ويعيش معاناتنا بسبب فاتورة لا تتجاوز قيمتها ال 150 دينارا، الا نشعر بالخجل ؟ لا بل بالخزي والعار امام أنفسنا، وفينا من ينثر أضعاف المبلغ في لذاته وشهواته، او ثمنا لسيجاره الكوبي، دون ان نسأله من أين لك هذا ؟.
ان الخجل لا يكفي بل علينا ان نطأطئ رؤوسنا امام أبنائه وأسرته، امام هذا الموقف الذي تقشعر له الأبدان، باعتبارنا جميعا مسؤولين عن هذه الجريمة التي نستحق كلنا عقوبة عليها، لأننا شركاء فيها مع سبق الإصرار والترصد.
فيكفينا تبجحا وهروبا من مسؤوليتنا الأخلاقية والاجتماعية وننتظر من غيرنا ان يبادر او يقوم بالواجب عنا، وكأننا فقدنا قيمنا وانسانيتنا، التي اضعناها بحجة الازدحام وبين أكوام الخيبات التي صنعتها ايدينا، وبسبب صمتنا بعد ان اغمضنا اعيننا ووضعنا اصابعنا في أذاننا حتى لا نسمع أنفسنا، ولا نرى ما يدور حولنا، فقبلنا طواعية ما يجري لنا، اما خوفا وعجزا، او ضعفا وقلة حيلة، او طمعا بأعطية على حساب أنفسنا ومجتمعنا، تحت ذرائع ومبررات شتى.
فكفانا تبجحا، لأننا جميعا مسؤولون عن سوء حالنا، وما وصلنا اليه من فقر وجوع، وحال لا يسر قريبا ولا بعيدا .
نعم علينا ان نشعر بالخجل امام مشهد صنعناه من تمر لنأكله عندما نشعر بالجوع، او من صلصال وفخار نهدمه عند أول هزيمة، لأننا تعودنا الانكسار الذي يعيش في داخلنا ويتحكم بتفاصيل حياتنا .
مشهد هش وضعيف، غير متماسك، ولا محكم البناء، كأنه من قش يهدم وتتطاير اعشابه اليابسة امام زمجرة الرياح ودموع السماء.