لماذا يرمز إلى صناعة السينما الأميركية بهوليود وفي الهند ببوليود؟

جفرا نيوز - ربما تكون فكرت في هذا السؤال من قبل: لماذا يطلق على الأفلام الأميركية اسم أفلام هوليود، بينما نطلق على الأفلام الهندية اسم أفلام بوليود؟

لمن يعرف أسماء المدن الشهيرة في الولايات المتحدة أو في الهند سيعرف أن اسم الأعمال الفنية التي ينتجها البلدان يأخذ اسم مدينة أو منطقة شهيرة في كل منهما، لكن هناك قصصا مثيرة للاهتمام حول تسمية هذه المدن والمناطق، ثم ارتباطها بعالم صناعة الأفلام حتى أصبحت يشار إليها ببساطة بكلمة "هوليود" أو "بوليود".

لماذا هوليود؟

هوليود التي تعرف أيضا باسم "تينسل تاون" (Tinseltown) هي منطقة (شمال غرب وسط) في مدينة لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا، واسمها مرادف لصناعة السينما الأميركية.

أما بخصوص تسمية المدينة، فيعتقد أن النباتات المحلية المزهرة بالزهور الحمراء وتنبت ثمارا تشبه التوت نمت في جنوب كاليفورنيا وأعطت هذه التلال اسمها، ورغم أن فكرة الزهور تبدو فكرة رومانسية، فإن هناك رابطا ماديا بين ثري وزوجته خلف التسمية.

ففي عام 1886 اشترى رجل ثري يدعى هارفي هندرسون ويلكوكس وزوجته دايدا نحو 120 فدانا من بساتين المشمش والتين بالقرب من ممر كاهوينجا، وتشير بعض المصادر إلى أن هذا الثري كان بإمكانه جني الكثير من هذه البساتين، إذ اشترى الفدان مقابل 150 دولارا وكان قادرا على بيعه مقابل ألف دولار، لذلك عرفت المنطقة باسم تقسيم ويلكوكس باسم الثري، حسب موقع "ناتشرال هيستوري ميوزيم" (Natural History Museum) الأميركي.

وبعد عام، تعرفت الزوجة أثناء رحلة بالقطار إلى أوهايو على صديق ثري يملك عقارا فاخرا يحمل اسم هوليود، في ولاية إيلينوي. ولدى عودتها من الرحلة كانت فكرت في اختيار اسم لممتلكاتهم، وتقول بعض المصادر إن هذا الصديق هو من ألهمها بالتسمية، وترجح مصادر أخرى أن ذلك الصديق هو نفسه من اختار الاسم وشجّع دايدا على توثيقه.

لكن المتفق عليه أنها شجعت زوجها على اختيار اسم لممتلكاتهم بعد هذه الرحلة، ألا وهو "هوليود"، تقديرا لشجيرة "تويون" المنتشرة هناك، والمعروفة أيضا باسم "كريسماس بيري"، أو "كاليفورنيا هولي".

وقد تم تخليد الاسم عندما قدم هارفي خريطة تقسيم فرعي إلى مكتب التسجيل بمقاطعة لوس أنجلوس في عام 1887.

خريطة تقسيم فرعي لهوليود مقدمة إلى مكتب مسجل مقاطعة لوس أنجلوس (غيتي)
وهناك قصة أخرى تشير إلى أن اسم هوليود كان مبنيا على حب مهاجر عاش في هذه المنطقة من لوس أنجلوس لقريته الأصلية في أيرلندا. هذه القصة تشير إلى المهاجر ماثيو جيرك، المولود في عام 1826 في قرية هوليود، بمدينة ويكلو في أيرلندا، وقد وصل إلى الولايات المتحدة في عام 1850، وعمل مربيا للخيل، وأنشأ مضمارا هناك أطلق عليه اسم قريته تكريما لمسقط رأسه، وعرفت المنطقة بها لاحقا، كما أشار موقع سلسلة "فنادق هوليود"، وموقع "آيرش كلتشر" (Irish Culture) الأيرلندي.

كيف ارتبط بالأفلام الأميركية؟

في أوائل القرن الـ20، عمل قطب العقارات رجل الأعمال الأميركي هوبارت جونستون وايتلي على تحويل المكان إلى منطقة سكنية عبر جلبه خطوط الهاتف والكهرباء والغاز إلى الضاحية الجديدة، لذلك عرف باسم "أبو هوليود"، لكن لعدم كفاية إمدادات المياه التي تصل إلى المنطقة، فقد صوّت سكانها للاندماج مع لوس أنجلوس.

وفي هذه المرحلة وجد رواد صناعة الأفلام في جنوب كاليفورنيا مزيجا مثاليا يجمع المناخ المعتدل، وأشعة الشمس، والتضاريس المتنوعة، وسوق العمل الكبيرة، كما أشارت موسوعة "بريتانيكا" (Britannica) البريطانية-الأميركية.

وقد كان من أوائل الأفلام المكتملة بهوليود فيلم "كونت مونت كريستو" (Count of Monte Cristo) الذي أنتج في عام 1908، بعد أن بدأ تصويره في شيكاغو واكتمل بهوليود.

وبحلول عام 1911، بني أول أستوديو لهوليود، وسرعان ما أصبحت نحو 20 شركة تنتج أفلاما في المنطقة.

ثم أصبحت هوليود مركز صناعة السينما الأميركية بحلول عام 1915 إذ انتقل إليها مزيد من صانعي الأفلام المستقلين من الساحل الشرقي. وعلى مدى أكثر من 3 عقود، منذ بداية الأفلام الصامتة حتى ظهور الأفلام الناطقة، افتتن العديد من الكتّاب وصانعي الأفلام بهوليود.

ولكن بعد الحرب العالمية الثانية، بدأت أستوديوهات الأفلام في التحرك خارج هوليود. ولاعتماد بعض الأفلام حينئذ على التصوير "في الموقع"، أصبح منتجو البرامج التلفزيونية يتولون هذه المهمة. ومع نمو صناعة التلفزيون، تطورت أستوديوهات هوليود لتواكب هذه السوق أيضا، إلى أن أصبحت هوليود موطنا لكثير من وسائل الترفيه التلفزيونية الأميركية بحلول أوائل الستينيات من القرن الماضي.

حتى إن المناطق المجاورة لها مثل "بيفرلي هيلز" أصبحت مجهزة لإقامة مشاهير "هوليود"، ولدفنهم أيضا في مقبرة "هوليود فور إيفر" (Hollywood Forever)، حيث دفن عدد من أوائل مشاهير هوليود مثل رودولف فالنتينو، ودوغلاس فيربانكس، وتيرون باور.


كلمة بوليود تشير إلى مدينة بومباي (الاسم السابق لمومباي) والكلمة الثانية مقتبسة من هوليود (شترستوك)
وكانت لافتة "هوليود" الشهيرة على تلال المنطقة يكتب فوقها "هوليود لاند" (Hollywoodland) للإعلان عن منازل جديدة تُبنى في المنطقة، ومع الوقت أزيلت كلمة "لاند" أو "الأرض" عند تجديد اللافتة.

لماذا اسم "بوليود"؟

أما اسم السينما الهندية "بوليود" فهو في الأصل مزيج لكلمتين: الكلمة الأولى تشير إلى مدينة بومباي (الاسم السابق لمومباي)، والكلمة الثانية مقتبسة من هوليود، لتشير إلى هوليود الهندية، حسب قاموس "فوكابلري" (Vocabulary).

لكن بخلاف هوليود، لا توجد مجموعة أستديوهات أو منطقة جغرافية باسم بوليود، بل فقط تأخذ الرمزية المعنوية لتسمية الأفلام الهندية، وقد نُسب جزء الاسم الأول إلى مومباي حيث تصنع معظم الأعمال السينمائية الهندية.

وقد اختير هذا الاسم واشتهر في السبعينيات من القرن الماضي، حينما تفوقت الهند على الولايات المتحدة باعتبارها أكبر منتج أفلام في العالم.

وصاغ هذا المصطلح الكاتب والشاعر والمخرج والمنتج الهندي أميت خانا، في عمود كتبه لإحدى المجلات، ثم أصبح اسما رسميا لصناعة الأفلام في مومباي.

لكن هذا الاسم رغم استخدامه العالمي حاليا لم يلق استحسان أحد نجوم السينما الهندية عند ابتكاره، إذ قال خانا إن النجم الهندي أميتاب باتشان اتصل به يوما وسأله بغضب شديد: "لماذا تسمي بوليود هذه؟ أنا لا أحب هذا الاسم"، كما أشار تقرير لموقع "نيوز 18" (News 18).