القصة كاملة.. استثمارات عربية تبتلعها بنوك لبنان
جفرا نيوز - ليس فقط ودائع اللبنانيين هي التي جمدت أو ضاعت على ما يبدو في المصارف، فقد حجزت أيضاً ملايين الأموال العراقية في هذا البلد الغارق في أزماته الاقتصادية المتلاحقة.
فقد أكد مصدر "مطلع" في مصرف لبنان المركزي أن أكثر من 18 مليار دولار تخص سياسيين عراقيين والحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان "تبخرت" بسبب الأزمة المصرفية في لبنان.
وقال المصدر الذي طلب عدم نشر اسمه، إن "هذا ما يمكن حصره وهو مسجل رسمياً بأسماء شخصيات أو شركات أو جهات حكومية عراقية"، لافتاً إلى أن "هناك العديد من الشخصيات التي تم تسجيل أرصدتها بأسماء أخرى ومع جنسيات أخرى"، بحسب ما أفاد موقع "ميديا لاين".
"أعلى بكثير"
كما أوضح أن "الأرقام أعلى من ذلك بكثير. إذ هناك سياسيون يخشون العقوبات، لذلك فتحوا حسابات مصرفية بأسماء شخصيات لبنانية تتبع نفس الاتجاه، وهم في الغالب من أتباع حزب الله وحركة أمل، موالون لإيران، أو حتى شخصيات سنية".
كذلك أردف أن "العراقيين لم يطلبوا حتى الآن سحب أموالهم، وإن فعلوا ذلك، فلن يتمكن مصرف لبنان من تلبية الطلب لأنه لا يملك سيولة كافية. و"حتى تتوفر السيولة" تظل هذه الأموال مجرد أرقام في البنوك".
وأشار إلى أن "هناك أكثر من 1.3 مليار دولار تخص الحكومة العراقية وأكثر من 650 مليون دولار تخص حكومة إقليم كردستان. أما باقي المبالغ فهي تخص شخصيات سياسية ورجال أعمال وغيرهم ممن يحملون الجنسية العراقية، وقد تم إيداع أموالهم في البنوك اللبنانية بأسمائهم وجنسياتهم. أما الذين يحملون جنسيات أخرى، كالأوروبية والإيرانية والآسيوية والأميركية، فلن نتمكن من عدهم".
استرداد الأموال على أقساط
من جهته قال عبد الرحمن المشهداني، المحلل الاقتصادي العراقي، إنه "يمكن استرداد هذه الأموال إذا طلبت الحكومة ذلك، غير أنه لا يمكن المطالبة بأموال السياسيين العراقيين".
وأضاف أن لبنان لا يستطيع دفع الأموال الآن، لكن يمكن التوصل إلى اتفاق من أجل استرداد الأموال على أقساط.
كما لفت إلى أن "لبنان من أكثر الدول التي يودع فيها العراقيون أموالهم لأن الحكومة هناك موالية لحزب الله، الموالي بدوره لإيران، وهذا يتفق مع توجهات كثير من السياسيين العراقيين".
كذلك اعتبر أنه "في لبنان، وبسبب تأثير حزب الله، يمكن التحايل على العقوبات الأميركية المفروضة على الشخصيات والأحزاب الموالية لإيران حتى يتمكنوا من إيداع أموالهم هناك دون خوف".
"أزمة مالية"
وأوضح أن "ما حدث للبنوك اللبنانية أوقع بعض السياسيين العراقيين في أزمة مالية. لكن بصراحة، هو جزء صغير مما يمتلكه السياسيون الفاسدون. فأصولهم تتجاوز هذه المبالغ بكثير".
كما أضاف أن "السياسيين العراقيين السنة يمكنهم بسهولة إيداع أموالهم في البنوك الأوروبية والتركية.
إلا أن السياسيين الشيعة العراقيين يمكنهم استخدام البنوك فقط في إيران وسوريا ولبنان. وبما أن الأوضاع الاقتصادية في إيران وسوريا كانت شديدة الخطورة، كانت البنوك اللبنانية هي الحل المفضل قبل الانهيار الاقتصادي في ذلك البلد".
فائدة تزيد عن 5%
بدوره قال أحمد.أ، الموظف السابق بالسفارة العراقية في لبنان، مشترطا عدم ذكر اسمه الكامل، إنه شاهد في عمله تحويل العديد من الأموال العراقية إلى لبنان.
وأوضح أن "المبالغ كانت بالمليارات ولم يتم سحبها"، مضيفاً أن "البنوك اللبنانية كانت تدفع فائدة تزيد عن 5%، وهو ما دفع السياسيين العراقيين لإيداع أموالهم فيها، والآن لا يمكنهم سحبها".
بعضها إلى إيران
كما لفت إلى أن "شركات متخصصة (..) مرتبطة ضمنياً بحزب الله أشرفت على تحويل الأموال وأدارت الحسابات المصرفية لسياسيين عراقيين في لبنان إذ اختير لبنان للتعامل مع هذه الأموال بسبب سيطرة حزب الله على البنوك".
كذلك كشف أن بعض الأموال تذهب إلى إيران كشكل من أشكال الدعم فـ"السياسيون لديهم أموال بمليارات الدولارات، بعضها ناتج عن صفقات فاسدة لشركات أجنبية، تحوّل هذه الأموال مباشرة إلى حسابات العراقيين في لبنان".
وكان مظهر محمد صالح، مستشار رئيس الوزراء العراقي، قد صرح لوسائل إعلام محلية"، أن "على السياسيين الذين لديهم أموال في البنوك اللبنانية أن ينسوها. لن تعود". إلا أنه رفض الإجابة عن أسئلة حول أموال الحكومة العراقية.
فساد سياسي
يشار إلى أن الفساد السياسي بالعراق ساهم في هروب الأموال إلى الخارج. فالسياسيون العراقيون الذين حصلوا على الأموال بشكل غير قانوني أودعوها بانتظام في البنوك الأجنبية.
ومع ذلك، منذ نهاية عام 2017، عندما بدأت الحكومة الأميركية في عهد الرئيس السابق دونالد ترمب فرض عقوبات على بعض السياسيين، أصبح إيداع الأموال في الخارج أمراً صعباً، باستثناء الدول التي لم تطبق عقوبات الولايات المتحدة.