اضطراب ساعتك البيولوجية يعرّضك لحالة مزمنة من الإجهاد نهاراً والأرق ليلاً
جفرا نيوز - إذا كنت تعاني فجأة من اضطرابات شديدة في قدرتك على النوم والاستيقاظ، وتجد أن مواقيت شعورك بالتعب واليقظة والنشاط بدأت تتداخل وتختلف دون سبب واضح، فقد يكون ذلك عائداً إلى إصابتك بحالة تُسمى بـ"اضطراب الساعة البيولوجية".
ما هي الساعة البيولوجية للجسم؟
يعمل الجسم على مدار الساعة في إفراز هرموناته الداخلية التي تجعلك تشعر بالنعاس في الليل والإحساس بالنشاط والاستيقاظ أثناء النهار.
وبحسب موقع Cleveland Clinic للصحة والطب، تُعرف دورة النوم والاستيقاظ الطبيعية تلك، والتي تتكرر كل 24 ساعة، بإيقاع الساعة البيولوجية للجسم. إذ تعتمد على الإشارات البيئية المحيطة بالإنسان مثل الضوء والظلام، وتوقيت الوجبات الأساسية، والنشاط البدني.
كذلك هناك مؤثرات أخرى لساعة الجسم الداخلية، من ضمنها الميلاتونين (هرمون يفرز بالدماغ ويلعب دوراً في عمق وجودة النوم). كما يمكن أن يؤثر العمر أيضاً على حساسية دورة النوم والاستيقاظ.
وتتضمن اضطرابات النوم المتعلقة بإيقاع الساعة البيولوجية إحدى المشكلات التالية:
المعاناة من الصعوبة في النوم.
الكفاح من أجل البقاء نائماً، والاستيقاظ عدة مرات خلال دورة النوم.
الاستيقاظ المبكر جداً وعدم القدرة على العودة للنوم.
وبالتالي يمكن اعتبار اضطراب هذه الدورة بمثابة اضطراب في إيقاع الساعة البيولوجية للجسم في النوم، والذي يمكن أن يسبب أعراضاً تتراوح بين النعاس والخمول المستمر أثناء النهار وصولاً إلى الاكتئاب والأرق والإجهاد المزمن.
يتغير إيقاع نوم الشخص ويتطور مع تقدم العمر. هذا هو السبب في أن المراهقين مثلاً، غالباً ما يذهبون إلى الفراش في وقت متأخر عن الأطفال الصغار والبالغين عنهم.
ومع تقدمنا في السن، نميل إلى النوم والاستيقاظ في أوقات مبكرة من اليوم.
أعراض اضطراب الساعة البيولوجية
رغم أن أعراض هذه الاضطرابات يمكن أن تختلف من شخص لآخر وفقاً لكثير من المتغيرات، فإن معظمها يسبب النعاس المفرط في أثناء النهار، والأرق وهو صعوبة النوم أو الاستمرار في النوم.
ويتضمن التشخيص الرسمي لاضطراب الساعة البيولوجية معايير محددة، من ضمنها:
اضطرابات النوم المزمنة أو المتكررة بسبب تغيرات في الإيقاع اليومي الداخلي للفرد أو اختلالات بين إيقاع الساعة البيولوجية وتتابع الليل والنهار.
أعراض متكررة من الأرق أو النعاس المفرط أثناء النهار.
اضطرابات الأداء العقلي أو البدني أو الاجتماعي أو المهني أو التعليمي للفرد والتي يمكن أن تُعزى إلى اضطرابات النوم بسبب الإجهاد المستمر.
غالباً ما تكون أكثر يقظة وإنتاجية وانتباهاً في وقت متأخر من الليل.
إذا اضطررت إلى الاستيقاظ مبكراً، فستشعر بالنعاس الشديد خلال اليوم.
غالباً ما يُنظر إليك على أنك كسول أو غير متحمس أو ذو أداء ضعيف وتتأخر دائماً عن مسؤولياتك الصباحية.
الاضطراب أكثر شيوعاً عند المراهقين والشباب.
الأنواع الشائعة لاضطراب الساعة البيولوجية
هناك ستة اضطرابات نوم بسبب تعطُّل إيقاع الساعة البيولوجية. يتم تعريف كل واحد من خلال أنماط معينة من اضطراب النوم الذي يؤدي إلى الأرق أو النعاس المفرط أثناء النهار.
وبحسب موقع Healthline للصحة والطب، يمكن أن يكون لهذه الحالات تأثير سلبي على الصحة العقلية والجسدية، إضافة إلى الأداء اليومي.
1- اضطراب مرحلة النوم والاستيقاظ المتقدم (ASWPD)
ينام الأشخاص المصابون بهذه الحالة في وقت أبكر من معظم الأشخاص، عادةً ما بين الساعة 6 مساءً و9 مساءً، وعادةً ما يستيقظون مبكراً للغاية، بين نحو الساعة 2 صباحاً و5 صباحاً.
2- اضطراب مرحلة النوم والاستيقاظ المتأخر (DSWPD)
هذا هو اضطراب النوم اليومي الأكثر شيوعاً. وفيه عادةً ما ينام الأشخاص المصابون حتى وقت متأخر عن غيرهم، وإما أن يستيقظوا متأخراً أكثر من غيرهم أو يواجهوا صعوبة في الاستيقاظ بللوقت المحدد.
وتُعد هذه الحالة أكثر شيوعاً عند المراهقين والشباب اليافعين.
3- اضطراب إيقاع النوم والاستيقاظ على مدار 24 ساعة (N24)
يعاني الأشخاص المصابون بهذا النوع من اضطرابات النوم من أنماط نوم لا تتوافق مع نظام 24 ساعة في اليوم. إذ تصبح أوقات نومهم متأخرة تدريجياً كل يوم، إلى أن يناموا في النهاية خلال النهار.
4- اضطراب إيقاع النوم والاستيقاظ غير المنتظم (ISWRD)
ينام الشخص المصاب بهذه الحالة لفترات قصيرة لا يحددها نظام الساعة البيولوجية. نتيجة لذلك، سينام لعدة نوبات قصيرة موزعة على مدار الـ24 ساعة، مع فترات من اليقظة بينهما.
وتشمل الأعراض عدم القدرة على النوم المزمن الثابت، والنعاس المفرط. ويمكن أن تساهم هذه الحالة في الإصابة بالاضطرابات العصبية، مثل الخرف.
5- اضطراب الرحلات الجوية الطويلة (إرهاق السفر)
تؤثر هذه الحالة التي تُسمى "Jet Lag" على الأشخاص من جميع الأعمار، ويمكن أن تحدث عند السفر جواً عبر منطقتين زمنيتين مختلفتين.
وغالباً ما يواجه الجسم صعوبة في التكيف مع الوقت الجديد في تلك الحالة، وكلما زاد الاختلافات الزمنية بين المناطق، زادت حدة الأعراض.
عادةً ما يكون اضطراب الرحلات الجوية الطويلة مؤقتاً، ويؤثر على بعض الأشخاص أكثر من غيرهم.
أسباب الإصابة باضطرابات النوم الناجمة عن خلل الساعة البيولوجية
تحدث اضطرابات النوم الناتجة عن إيقاع الساعة البيولوجية، بسبب اضطراب مستمر أو عرضي في أنماط النوم وساعات التعرُّض للضوء والليل.
وينتج الاضطراب عن خلل في "ساعة الجسم الداخلية" أو عدم تطابق بين "ساعة الجسم الداخلية" والبيئة الخارجية، مما يؤثر على توقيت ومدة النوم.
وتتضمن المواقف التي يمكن أن تؤدي إلى اضطراب الساعة البيولوجية:
تغييرات متكررة في وردية العمل.
اختلاف التوقيت.
تغييرات متكررة في وقت النوم ووقت الاستيقاظ.
تلف الدماغ الناتج عن حالات طبية مثل السكتة الدماغية والخرف وإصابات الرأس والإعاقات الذهنية.
العمى أو قلة التعرض لأشعة الشمس لفترات طويلة من الزمن.
نتيجة آثار سلبية لبعض الأدوية.
عادات النوم السيئة، ولدى كبار السن.
علاج اضطرابات النوم الناتجة عن خلل الساعة البيولوجية للجسم
يعتمد علاج اضطرابات النوم المتعلقة بإيقاع الساعة البيولوجية على التشخيص المحدد للمصاب. ومع ذلك، تؤكد معظم العلاجات أهمية عادات النوم الجيدة، والحصول على بيئة نوم صحية، ووضع جدول زمني ثابت للنوم والاستيقاظ.
وبحسب موقع Sleep Foundation لعلاج النوم، يمكن لهذه العوامل تحسين الانغماس وتقليل الحرمان من النوم للأشخاص الذين يعانون من هذه الاضطرابات.
كما قد يشمل علاج اضطراب النوم الناتج عن إيقاع الساعة البيولوجية تناول مكملات الميلاتونين. ومع ذلك، يجب أن يصف الطبيب هذه المكملات وأن يتم إعطاؤها في أوقات محددة؛ للحث على الشعور بالنعاس.
يمكن أن يساعد التعرض الدوري للضوء الساطع في الصباح الأشخاص الذين يعانون من اضطراب مرحلة النوم والاستيقاظ المتأخر، وكذلك منع الأنوار الاصطناعية خلال ساعات الليل لتهيئة الجسم للنوم.
أما بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من اضطراب النوم بسبب ظروف العمل، يمكن أن يكون التعرض للضوء الموقوت أثناء نوبات عملهم مفيداً. هؤلاء المرضى يمكنهم أيضاً الاستفادة من نظام القيلولة قبل العمل وتناول الكافيين المعتدل أثناء ساعات العمل.
وبشكل عام، يمكن أن تعمل مكملات الميلاتونين أو المنومات كأدوات مساعدة على النوم أثناء الليل بشكل ثابت، ولكنها حل مؤقت ولن تصحح اختلال الساعة البيولوجية للجسم، علاوة على أعراضها الجانبية المحتملة.