الشيخ ضيف الله القلاب..(منقع دم) يرتدي عباءة من قيم عشائرية نبيلة
جفرا نيوز - ابراهيم قبيلات
تنبه الشيخ ضيف الله حمود القلاب لخطورة ما وقع في شفا بدران، وأن هناك تكسيراً لأقدام الأعراف العشائرية الأردنية، ولي عنق تقاليدها؛ فأصر على إنجاز مهته القيمية، بفراسة أردنية، لا يستوي معها إلا الفخر بوجود شخصيات تصر على نزع التوتر وسقاية المحبة والتسامح في أرض شفا بدران.
الشيخ ضيف الله القلاب، هوشيخ مشايخ قبيلة بني حسن، ويكنى بابي فيصل، وهو من مواليد قرية العالوك وسكانها، وهو نائب سابق في البرلمان الاردني، وقاضٍ عشائري مختص بقضايا القتل والعرض ويلقب عشائريا بقاضي "منقع الدم"، ويعد من وجهاء الاردن ويحظى باحترام كبير بين القبائل والعشائر الاردنية وقضى أزيد من 60 عاماً في إصلاح ذات البين من شمال الاردن الى جنوبه.
حين أوشك الاردني على فقد ثقته بمؤسسات الدولة نحا سريعاً باتجاه العشيرة، ليس في كونها ضامنة لأمنه فقط، بل أكثر من ذلك، في ان العشيرة تساعده (الأردني) على التوازن في بيئة غير موثوقة أصلاً، عقب أن فشلت في إنجاز منظومتها المدنية الكاملة، فلاذت برجال من وزن الشيخ ضيف الله القلاب؛ ليرتق ما يمكن رتقه قبل فوات الأوان.
صحيح أننا نسعى لدولة مدنية مكتملة الأركان والفلسفة، لكن هيهات.
يدرك الشيخ القلاب وندرك معه أن الغاية من مسعاه مع عشيرة العدوان (أهل الكرم والصيت)، هو خلق توازن نفسي، اجتماعي، وأخلاقي، لجدارنا المتين، أقصد (العشيرة) بوصفها القادرة على إسناد الفرد نفسياً أولاً، وتوفير بعضٍ من الأحساس بأمنه اجتماعي ثانياً، بعد أن فشلنا في تكريس قيم دولتنا المدنية، وفق أسس من عدالة.
ماذا يعني إذا فقدنا ثقتنا بالعشيرة وأدواتها، بعد ان تهالكت خيوط الثقة بين مؤسسات الدولة والناس؟.
لم يتبقَ من حطب اجتماعي، طالما استأنسنا بحسيس ناره في ليالي البرودة القارسة، في ظل عملية التجريف والتفكيك التي قادتها الليبرالية الجديدة إلا أن تفقد العشيرة قيمتها في المجتمع الاردني، لنتحول بعدها الى مجتمع منفلت على جميع المستويات ولا سيما ما بعد الحداثة الليبرالية: بطالة، فقر، فراغ، جوع، جهل، مخدرات، أدّت جميعها إلى فقدان للضابط القيمي العشائري.
ثم أن الأخطر من ذلك كله، هو أن ترتد الدولة - ولا بدّ لها أن تفعل شيئاً- إلى حالة القبضة الحديدية اجتماعياً، فتطيح كل ما عرفناه عنا نحن الاردنيين، من آليات تنظيم طبيعية، أفرزتها حاجاتنا للآمان على مر عصور ما قبل الدولة، من دون أن تقدم الجديد المدني.
ياتي ذلك، فيما تغيب دولة القانون ومخالبها عن المشهد، وتعجز دونها مؤسسات الدولة، وكذلك يغيب الايمان بها عن العقل الشعبي الجمعي.
ما حدث ويحدث في شفا بدران خطير، لأنه حجر يريد أن يهشّم ضوابط القيم العشائرية، ليهوي بنا وبمجتمعنا نحو واد سحيق، لا نعلم أين وكيف قراره.