خبراء: الظروف المعيشية وراء وقوع 17,581 حالة عنف اسري
جفرا نيوز - تنامت ظاهرة «العنف الاسري» بنحو 14% خلال النصف الاول من العام الحالي مقارنة مع العام 2021 حسب آخر احصائية صدرت عن ادارة حماية الاسرة التابعة لمديرية الامن العام، والتي تعد من اكثر القضايا السكانية مناقشة وتحديا.
وحدد خبراء أن العنف الاسري ناجم عن دواع نفسية أو اقتصادية لتشكل الظاهرة حالة اجتماعية مرتبطة بشكل وثيق بنسب الفقر والبطالة وتدني المستوى التعليمي لبعض الجناة.
وشددوا على ضرورة المضي باستخدام القوانين الرادعة خصوصا بين الفئات «المعنفة» الذين يلجأون الى التنازل عن حقوقهم الشخصية خوفا من الفضيحة.
و دعوا الى ضرورة منح الفئات الاكثر عرضة للعنف الاسري للتوعية والارشاد بأهمية استخدام حقوقهم واستردادها بعيدا عن الخوف والقلق من توابع استخدام البنود القانونية.
واعتبر الخبراء أن تنامي العنف الاسري من ابرز القضايا التي يعاني منها السكان بمختلف اماكن تواجدهم، بالرغم من ايلاء الاستراتيجية الوطنية للسكان للسنوات 2021 – 2030 التي اعدها المجلس الاعلى للسكان اهمية خاصة في سبيل التعامل مع هذه الظواهر التي تؤثر على صحة وسلامة المجتمع نتيجة سلوكيات شخصية.
من جانبها عرفت الباحثة في الشؤون السياسية والقانونية الدكتورة دانييلا القرعان «العنف الأسري» او ما يسمى «العنف المنزلي» بأنه الإساءة المتعمدة بين أشخاص تربطهم علاقات ضمن حدود العائلة الواحدة أو يؤدون وظيفة الأسرة، كعنف الزوج ضد زوجته، وعنف الزوجة ضد زوجها، وعنف أحد الوالدين أو كليهما تجاه الأولاد، أو عنف الأولاد تجاه والديهم، أو العنف بين الأشقاء، وعادة ما يكون المعنف هو الطرف الأقوى الذي يمارس العنف ضد الطرف الأضعف.
واشارت القرعان إلى أن غالبية الدراسات التي أُجريت حيال قضية العنف الاسري أن الزوجة هي الضحية الأولى، ويأتي بعدها في الترتيب الأبناء والبنات والمسنون، وتبين أنه بنسبة 99% تقريبًا يكون مصدر العنف الأسري رجلًا، كما ذكرت دراسة أجرتها منظمة الأمم المتحدة للمرأة على مستوى العالم، أن التقديرات تشير إلى أن 35% من النساء في جميع أنحاء العالم قد تعرضن لأحد أشكال العنف الأسري في مرحلة ما من حياتهن.
ولفتت إلى أن العنف الأسري من أكثر الجرائم التي لا يتم التبليغ عنها من قبل النساء أو الرجال، على مستوى العالم، لاعتقاد كثير من الناس أن العنف الأسري مقبول به ومبرر، ويندرج تحت مفهوم «المشاكل الأسرية».
ورجحت القرعان الأسباب والدوافع للعنف الاسري ومنها ما يكون اجتماعياً او اقتصادياً او نفسياً.
وحول الدوافع الاجتماعية أوضحت القرعان بانها تتمثل في العادات والتقاليد بأن تمنح الصلاحية للرجل الحق في السيطرة على شريكة حياته، وأنه من الواجب إعطاء رب الأسرة قدرًا عاليًا من الهيبة، والاعتقاد بأن مقدار رجولته يتمثل في مقدار قدرته على السيطرة على عائلته وإرهابها، بينما تقل هذه الدوافع كلما زادت نسبة الثقافة والوعي في المجتمع، إلا أن بعض الأفراد لا يؤمنون بهذه التقاليد، لكن الضغط الاجتماعي من حولهم يدفعهم إلى تعنيف عائلاتهم.
اما العنف الناجم عن الدوافع الاقتصادية أكدت القرعان أن الظروف المعيشية من فقر وبطالة وضغط نفسي ناتج عن فقدان الوظيفة او قصور الاجور الشهرية وتراكم الديون، تذهب الفرد الى ممارسة العنف تجاه أفراد أسرته، نتيجة مشاعر الإحباط والخيبة والتوتر بسبب حالة الفقر التي يعيشها.
وتابعت القرعان ان ملاحظة القضية من وجهة نظر سكانية في وقتنا الحالي، تعد الدوافع والبواعث الاقتصادية التي يمر بها الشريحة الاكبر من المواطنين تعد من أهم الأسباب التي تدفع الى ارتكاب العنف الاسري داخل المنزل والتي ترتبط بشكل مباشر بالعامل النفسي.
وفيما يتعلق بالدوافع الذاتية والنفسية بينت القرعان انها ناجمة عن اسلوب التربية والتنشئة السلبية اضافة الى صعوبة التحكّم بالغضب، وتدنّي احترام الذات، والشعور بالنقص، واضطرابات الشخصية، وتعاطي الكحول والمخدرات والتي تعد ابرز دوافع العنف الاسري وارتكاب الجرائم.
وطالبت القرعان بضرورة احداث تعديلات قانونية واجتماعية للتصدي للعنف الاسري والذي يؤدي في معظم الأحيان الى القتل والذي يخلص الجناة من جرمهم بدوافع نفسية او قضايا شرف.
وقالت القرعان ان غياب الدعم الاجتماعي وضعف اجراءات الحماية الوقائية والاستباقية الى جانب الثغرات القانونية تبقى العامل الابرز أمام فشل الجهود في الحد من جرائم قتل النساء وتعنيفهن بشتى الطرق والوسائل.
واشارت القرعان الى الثغرات القانونية في قانون العقوبات خصوصا في المادتين المتعلقتين بسورة الغضب وإسقاط الحق الشخصي، واللتين تسهمان الى حد بعيد في تخفيف العقوبة عن الجناة»، والثغرات المتعددة في قانون الحماية من العنف الأسري، والتي جعلت منه «قانونا غير قابل للتطبيق»، فضلا عن غياب تدابير الحماية للضحايا المحتملين.
حيث تنص المادة 98 من قانون العقوبات على أنه «يستفيد من العذر المخفف فاعل الجريمة، الذي أقدم عليها بسورة غضب شديد ناتج عن عمل غير محق وعلى جانب من الخطورة أتاه المجني عليه». فيما تنص المادة 99 من ذات القانون على تخفيض العقوبة الى النصف في حال اسقاط الحق الشخصي.
وشددت القرعان على ضرورة العمل لالغاء بند «اسقاط الحق الشخصي في الجرائم الواقعة داخل الاسرة»، بسبب تضارب المصلحة بين الضحية وعائلة الجاني.
وطالبت بضرورة العمل على توفير مؤسسات تقدم الدعم النفسي والاجتماعي للضحية وأسرتها على حد سواء، بالتزامن مع ذلك إطلاق حملات توعية لرفض العنف وعدم تبريره.
من جانبها اوضحت المحامية الحسن ابو رمان ان العنف الاسري غير مرتبط بمجتمع دون غيره في دول العالم اجمع، اذ اصبحت الدول تركز بشكل كبير على توفير الحماية للاسره ليتوجه الاردن في السنوات الاخيرة لوضع قوانين رادعة للعنف الاسري، وتعتبر تلك النصوص التي وضعها المشرع كافية تناسب جرائم العنف الاسري.
واستدركت أبو رمان إلا أن العائق الاكبر يتمثل بصعوبة تطبيق العقوبة ووصول العنف الى الجهات المختصة لتطبيق نصوص القانون بمعاقبة الجاني او الابلاغ عن وجود عنف اسري.
وعزت أبو رمان السبب في ذلك إلى ضعف النصوص القانونية التي تتطلب المزيد من التعديل، ووجدت ان التحدي الاكبر يكمن في الشخص المعنف ذاته حيث هناك الكثير من الاسر تكتم موضوع التعنيف وذلك ناجم من (الخوف من الفضائح) والتي تقع غالبيتها مع النساء المعنفات من الازواج أو الفتيات أو الاطفال المعنفين من الاباء ليستمر التعنيف بداية من تعنيف نفسي مرورا بالتعنيف المعنوي وصولا الى تعنيف جسدي وينتهي بجريمة في بعض الاحيان.
واعتبرت أبو رمان أن القوانين كافية ورادعة ولكنها بحاجة الى المزيد من التوعية القانونية فيما يتعق بموضوع العنف الاسري لكسر حاجز الخوف.
ودعت الى ضرورة دمج المفاهيم القانونية عبر تدريسها في المدارس والجامعات واقامة وتنظيم ورشات عمل ومحاضرات بالتعاون مع الجهات المختصة لتوعية النساء بخطورة التستر على الشخص المعنف وايضا تعزيز الاشخاص بالثقة بانفسهم والمجتمع والعدل والقانون.
بدوره كشف مدير إدارة حماية الأسرة والأحداث العقيد بلال العواملة في تصريحات صحفية أن عدد الأشخاص الذين راجعوا الإدارة والأقسام المنتشرة في المملكة بلغ (59,480) شخصاً في النصف الأول من العام الحالي وبزيادة عن نفس الفترة من العام الماضي.
وأشار الى أن عدد الحالات التي تعاملت معها إدارة حماية الأسرة والأحداث في النصف الأول من العام الحالي كانت 17,581 حالة، في حين كانت العام الماضي من نفس الفترة 15,413، أما عدد المراجعين بلغ بالنصف الأول من العام الحالي 59,480، مقارنة مع 49,790 من نفس الفترة العام الماضي.
أما عدد البلاغات التي تلقتها الإدارة على نظام تلقي الشكاوى والبلاغات المحوسبة، بين العواملة انها بلغت في النصف الأول من العام الحالي 28،529، مقارنة مع 26,52 من العام الماضي بنفس الفترة، وعدد القضايا التي تم توديعها للقضاء كانت في النصف الأول من هذا العام 4,155، مقارنة مع 4,204 من الفترة ذاتها بالعام الماضي.
الرأي - سرى الضمور