دق جرس إنذار المخدرات من جديد
جفرا نيوز - بقلم الدكتورة دانييلا القرعان - أصبحت المخدرات من أكبر المشاكل والتحديات التي تواجه مجتمعنا، ومن أخطر القضايا التي تهدد أسرنا وشبابنا وتنذر بانهيارها ودمار اركانها وأسسها، ومهما تنوعت أشكال المخدرات فهي من أخطر الآفات الاجتماعية التي تعصف بمجتمعاتنا لما لها من آثار سلبية جسيمة على كل من الفرد والأسرة والمجتمع، لذا وجب علينا حماية أسرنا وشبابنا وأن نتصدى لهذه الآفة بكل الوسائل والأساليب.
يعد تعاطي المخدرات من المشكلات الإجرامية التي تواجه جميع المجتمعات الثقافية والمتقدمة، وعلى الرغم من الجهود التي تبذل لمواجهتها إلا أنها لا تزال في تزايد مستمر، والإحصائيات الخاصة بالانحراف والجريمة تشیر إلى الزيادة الكبيرة في عدد حالات السلوك المنحرف بأنواعه المختلفة بین الصغار والشباب والكبار، وعلى رأسها تعاطي المخدرات التي غزت المدارس والكلیات والجامعات والشركات والاسواق والبيوت، حتى أصبحت ظاهرة المخدرات مشكلة تهدد كیان المجتمع بالفساد والانحلال والدمار. وحیث أن تعاطي المخدرات موضوع ذو ماض وحاضر، أما الماضي فبعید یصل إلى فجر الحیاة الاجتماعية والإنسانية، وأما الحاضر فمتسع یشمل العالم بأسره. فما من مجتمع ترامت إلينا سیرته عبر القرون أو عبر مراحل التطور الحضاري المتعددة، إلا وجدنا بین سطور هذه السیرة ما ینبئنا بشكل مباشر أو غیر مباشر عن التعامل مع مادة أو مواد محدثة لتغيرات في الحالة النفسية بوجه عام، والحالة العقلیة بوجه خاص لدى المتعاطي، ویبدو ذلك واضحاً في تاريخ الصینیین والهنود والمصریین والفرس والیونان وغیرهم من الأمم. وشهدت العقود الأخیرة في القرن العشرین تطورات سریعة وكثیرة في مختلف جوانب الحیاة، وتطورت مع تلك الأساليب التي یعیشها الإنسان، وازداد الاتصال بین دول العالم، ومع ذلك التطور ظهر العديد من المشاكل التي ألحقت الضرر بالأفراد وللمجتمعات والاقتصاد، ومن أهم هذه المشكلات تعاطي المخدرات وبالتالي الادمان عليها.
فازداد ظهورها في العالم اجمع، إلا أنها تعتبر مشكلة حديثة نوعاً ما في الأردن ولكنها أصبحت تأخذ أشكالاً وأنماطاً جدیدة بحیث أصبح من الضروري الوقوف عندها ودراستها وتعرف أسبابها ودوافعها وأساليب الوقایة منها وطرق علاجها، وما یلفت الانتباه اساءة استعمالها على نحو غیر مشروع.
إن تعاطي المخدرات من أهم واعقد المشاكل الاجتماعية والإنسانة لما لهذه المشكلة من انعكاسات سلبیة على حیاة الأفراد والمجتمعات. والأردن من الدول التي تزداد به حركة تهریب المخدرات نظرا لموقعه الجغرافي، وقد أدى هذا الوضع الى تسرب المواد المخدرة الى السوق المحلية، وبالتالي وصولها إلى المتعاطین والمدمنین والى الأشخاص المهیئین أصلا لدخول عالم المخدرات بحكم ظروفهم الاجتماعية والاقتصادية أو النفسية. وقد حرمت كافة الشرائع السماوية تعاطي المخدرات انطلاقا من الحفاظ على الضروریات الخمس "الدین والنفس والعرض والعقل والمال" وذلك للحفاظ على سلامة المجتمع الإنساني، حیث أصبح تعاطي المخدرات والإدمان علیها المشكلة الرئیسیة التي تواجه العديد من المجتمعات في الوقت الحاضر، وهي آفة تنتشر بین الشباب والكبار، والفقراء والاغنياء وما من دولة في العالم في وقتنا الحاضر تستطع أن تكف أذى الإدمان عن أبنائها، حیث یترتب على هذه المشكلة تكاليف باهظة، تؤدي إلى الصعوبة في علاجها، حتى أصبح تعاطي المخدرات عند طلبة الجامعات والمعاهد مشكلة حقيقية، والتي تقود بالتالي إلى الإدمان على المخدرات، وارتكاب الجريمة، وأصبحت هذه المشكلة واضحة المعالم تسیطر على المجتمعات وتسهم في تدمير الأفرد والجماعات والدول.
فقدنا ونفقد كل يوم شباب في مقتبل العمر، بعد أن يتم غسل أدمغتهم تجار ومروجي المخدرات، وبالتالي يصبحون ضررا وخطرا على اسرهم بالدرجة الاولى قبل المجتمع والاقتصاد، والمشكلة لا تقف الى هذا الحد، بل تتعدى الى ارتكاب جرائم قتل من قبل الاهل ضد ابنائهم المتعاطين، فالنصيحة والتوبيخ للأبناء لم تعد تجدي نفعا، فيضطر الاب ان يقتل ابنه فلذة كبدة، لأنه وصل الى حال لا يحمد عقباه. إذن أصبحت لدينا جريمة اخرى سببها المخدرات.
مناطقنا لم تعد آمنة ومحصنة من تجار المخدرات ومروجيها، بل اصبحت مسرح لتجار الحشيش وغيره لكسب المال، وبالتالي ابنائنا هم ضحايا في هذا المسرح الاليم. لم يعد السكوت ممكنا عما يجري، خصوصا أن اسماء المتعاطين باتت معروفة لدى أجهزتنا الامنية، لكن ومع كل الاسف هنالك غض للبصر من قبلنا كمجتمع، واليوم نحن أصبحنا في مواجهة حقيقية ومباشرة مع تجار المخدرات ومروجيهم، ونحتاج الى اجراءات صارمة للقضاء على هذه الآفة، والحفاظ على منطقتنا كما كانت سابقا، وعلى شبابنا وأسرنا من ارتكاب الجرائم والتشتت.