القوات الأوكرانية تحقق مكاسب في الشرق وتوقف آخر مفاعل في زابوروجيا

جفرا نيوز - أعلنت أوكرانيا، الأحد، أن قواتها أجبرت الجنود الروس على التراجع في مواقع استراتيجية شرقي البلاد، بعدما أشارت موسكو إلى عملية انسحاب نتيجة هجوم كييف المضاد الواسع النطاق.

في الأثناء، ذكرت وكالة الطاقة النووية الأوكرانية أنه تم إغلاق آخر مفاعل في محطة زابوروجيا الخاضعة لسيطرة القوات الروسية والتي تعد الأكبر في أوروبا وتتسلط أنظار المجتمع الدولي عليها، وذلك في إجراء احترازي.

ويبدو أن سرعة عملية الجيش الأوكراني فاجأت الجيش الروسي فنجحت في إعادة مساحات واسعة من الأراضي التي سيطرت عليها روسيا على مدى شهور إلى قبضة أوكرانيا.

وشوهدت صناديق ذخيرة ومعدات عسكرية مهجورة متناثرة في مناطق غادرتها القوات الروسية، بحسب صور نشرها الجيش الأوكراني.

وأكّد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الأحد أن الجيش الأوكراني استعاد من القوات الروسية مدينة إيزيوم الاستراتيجية الواقعة شرقي أوكرانيا.

وفي كلمة وجّهها إلى الأمة بمناسبة مرور 200 يوم على بدء الحرب الروسية، شكر زيلينسكي القوات الأوكرانية التي "حرّرت المئات من مدننا وبلداتنا ... ومؤخرا بالاكليا وإيزيوم وكوبيانسك"، في إشارة إلى ثلاث مناطق استراتيجية استعادها في الآونة الأخيرة الجيش الأوكراني.

من جهة ثانية حمّل زيلينسكي روسيا الأحد مسؤولية انقطاع الكهرباء شرقي أوكرانيا، متهما موسكو بأنها تعمدت استهداف بنى تحتية مدنية.

وقال زيلينسكي في بيان "انقطاع كامل للكهرباء في منطقتي خاركيف ودونيتسك، وانقطاع جزئي في مناطق زابوريجيا ودنيبروبيتروفسك وسومي"، متهما "الإرهابيين الروس". واضاف "لا منشآت عسكرية. الهدف هو حرمان الناس الإنارة والتدفئة".

وأفاد الجيش الأوكراني في تعميم بشأن الوضع الميداني الأحد الذي يصادف مرور 200 يوم على بدء الحرب الروسية، أن "تحرير البلدات جار في منطقتي كوبيانسك وإيزيوم التابعتين لمنطقة خاركيف".

ومساءً أكد الجيش أنه "بفضل نجاح الهجوم المضاد لقواتنا في منطقة خاركيف تُخلي القوات الروسية سريعا مواقعها وتلوذ بالفرار".

من جهته، أعلن حاكم خاركيف أوليغ سينيغوبوف "تحرير قسم كبير من مناطق تشوغوييف وكوبيانسك وبلاكليا"، وتابع "اليوم يمكننا أن نؤكد تحرير نحو أربعين ناحية، لكن العدد أكبر بكثير".

"أسلحة، أسلحة، أسلحة"

أعلن قائد الجيش الأوكراني صباح الأحد أن قواته استعادت من القوات الروسية مناطق يتجاوز مجموع مساحتها ثلاثة آلاف كيلومتر مربّع منذ بدأ الهجوم المضاد مطلع الشهر.

وهذا الرقم أكبر بنسبة الثلث من إجمالي المساحة التي أعلن عنها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في وقت متأخر السبت. وأعلن الأحد أن القوات الأوكرانية سيطرت على قرية تعد نحو 4000 نسمة بين خاركيف وإيزيوم.

وقال في تسجيل مصوّر نشر عبر الإنترنت "عاد العلم الأوكراني العظيم إلى تشالوفسكي. وسيكون الحال كذلك في كل مكان. سنطرد المحتلين من كل بلدة وقرية أوكرانية".

وأشاد مسؤولون أوكرانيون نهاية الأسبوع بالوتيرة "المذهلة" للهجوم المضاد بينما استغل وزير الخارجية دميترو كوليبا هذا الزخم الأحد، لمناشدة الحلفاء الغربيين إرسال مزيد من الأسلحة المتطورة.

وقال كوليبا "الأسلحة، الأسلحة، الأسلحة كانت على أجندتنا منذ الربيع. أنا ممتن للشركاء الذين استجابوا لدعوتنا: نجاحات أوكرانيا في ساحة المعركة مشتركة بيننا".

وجاء في بيانه أن "الإمدادات الفورية تقرّب النصر والسلام".

ولم يصدر أي رد فعل رسمي روسي على المكاسب التي تحققها القوات الأوكرانية، لكن خريطة لخاركيف عرضتها وزارة الدفاع الروسية خلال إحاطتها اليومية الأحد، بيّنت انسحاباً كبيراً للجيش الروسي من هذه المنطقة.

وأظهرت الخريطة المعروضة في فيديو الإحاطة الذي أصدرته الوزارة أنّ الجيش الروسي لم يعد يسيطر الأحد سوى على جزء صغير من الأراضي الواقعة شرقي منطقة خاركيف خلف نهر أوسكول.

وكانت الوزارة عرضت السبت خريطة بيّنت أنّ الجيش الروسي كان يحتل مناطق أكبر بكثير في تلك المنطقة.

والأحد قال مسؤول في منطقة بيلغورود الحدودية إن "آلاف" الأشخاص فروا من منطقة خاركيف وعبروا الحدود إلى روسيا.

وأفاد حاكم منطقة بيلغورود فياشيسلاف غلادكوف بوجود أكثر من ألف شخص يتم إيواؤهم في مراكز مؤقتة.

في الأثناء، صدر إعلان مفاجئ عن الجيش الروسي السبت مفاده بأنه "يعيد تجميع" قواته من خاركيف إلى منطقة دونيتسك جنوبا للتركيز على الجهود العسكرية هناك.

لكن الإعلان جاء بعد وقت قصير من تأكيد موسكو أنها ترسل تعزيزات باتّجاه خاركيف.

وفي محيط بالاكليا، إحدى أولى البلدات التي استعادتها القوات الأوكرانية، شاهد مراسلو فرانس برس أدلة على وقوع معارك شرسة إذ بدت المباني مدمّرة أو متضررة والشوارع مقفرة.

"كان مخيفا"

وقالت إريانا ستيبانينكو (52 عاما) التي خرجت لأول مرة منذ شهور على متن دراجتها الهوائية، إنها اختبأت في الطابق السفلي في منزلها على مدى ثلاثة أشهر.

وأفادت وهي تستذكر سيطرة روسيا على البلدة التي كانت تعد 27 ألف نسمة قبل الحرب ومحاولات الأوكرانيين لاستعادتها "كان هناك الكثير من الخوف والقصف. كان الأمر مخيفا".

وأشارت إلى أنها تشعر بالارتياح لرؤيتها القوات الأوكرانية تستعيد البلدة، لكن ما زال القلق يراودها حيال مستقبلها. وقالت "أشعر بالقلق من إمكان عودة الروس. أشعر بالقلق من إمكان تجدد القصف".

في موازاة ذلك، قال مستشار الرئيس الأوكراني ميخائيلو بودولياك إن "أوكرانيا هي من يحدد شروط مفاوضات السلام"، مشيرا إلى أن شروطها معروفة وهي "في المقام الأول تحرير كل الأراضي، وثانيا تسديد الروس فاتورة إصلاح الأضرار، وثالثا معاقبة مجرمي الحرب".

وعلى الرغم من المكاسب الأوكرانية المعلنة، واصلت القوات الروسية عمليات القصف عبر خط الجبهة وفي منطقة دونيتسك. وقال مسؤولون إن القصف أسفر عن مقتل 10 أشخاص وإصابة 19 بجروح.

في الأثناء، عزز تصاعد حدة المعارك في محطة زابوريجيا النووية ومحيطها المخاوف من احتمال وقوع حادث نووي على غرار كارثة تشيرنوبيل التي وقعت شمالي أوكرانيا عام 1986.

والأحد، حذّر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون من "عواقب كارثية" للهجمات على محطة زابوريجيا للطاقة النووية التي اتّهم أوكرانيا بشنّها.

من جهته أكد ماكرون لبوتين أن "الاحتلال الروسي هو سبب المخاطر" التي تهدد محطة زابوريجيا، وطلب منه سحب "الأسلحة الثقيلة والخفيفة" من موقعها، وفق ما أفاد الإليزيه الأحد.

وذكرت الوكالة النووية الأوكرانية الرسمية الأحد أن المفاعل السادس والأخير في المحطة أُغلق وتم وقف عمل الوحدة على البارد.

ولفتت شركة "إنرغوأتوم" الى أن المفاعل السادس كان يولد الطاقة للمحطة نفسها لمدة ثلاثة أيام وأن قرار وقف تشغيله جاء مع معاودة المنشأة التزوّد بالطاقة الخارجية.

وحذّرت مجددا من أنه بكل الأحوال، فإن الطريقة الوحيدة لضمان سلامة المنشأة ستكون عبر إقامة منطقة منزوعة السلاح في محيطها.

أ ف ب