صورة ميرفت أمين.. مجتمعات التفاهة العربية وميراث “الثرثرة فوق النيل”!
جفرا نيوز - بقلم ايهاب سلامة - أشغلت صورة الممثلة المصرية ميرفت أمين خلال حضورها عزاء المخرج الراحل علي عبد الخالق وسائل الإعلام وتصدرت "ترندات” مواقع التواصل، بعد أن ظهرت وقد بدى على وجهها علامات التقدم في العمر، وأخذت تلوذ بنظراتها نحو الأرض، محاولة تجنب فضول كاميرات المصورين التي كانت تتصيد افتراسها!.
المقرف جداً، أن عشرات ومئات التعليقات والمنشورات وتعقيبات الصحافة الصفراء تنمرت بشكل وقح على الفنانة التي كانت جريمتها أنها استقلت قطار العمر، وسرق الزمان شبابها مخلفاً على وجهها بصماته التي لا مفر لأحد منها.
ربما لا يدرك الأغبياء الذين حملت تعليقاتهم الفاظاً غبية مثلهم، أنها ذات الصبية التي كانت جميلة الجميلات، والأميرة الساحرة التي غنى لعينيها عبدالحليم : يا خلي القلب.. وترنم لها فريد الاطرش : علشان مليش غيرك.. والفاتنة التي لقبت يوما ً: ليدي السينما العربية.
قبل سنوات تلاشت بلمح البصر.. كان جمالها يحكم قبضته على قلوب العاشقين!
كانت الأرض.. تهيم بقامتها الممشوقة كالسيف. وكحلها الأخاذ يتفنن في رسم قصائد الشوق لأهدابها التي تعرش كدالية حول العيون، وأي عيون!.
كان ثغرها، أشهى من طلقة مباغتة، وأحلى من برعم دحنون..
كانت حينما كانت.. تتسابق النسمات لعلها تلامس شعرها المنساب على ظهرها كشلال مخملي دافق، وتعلن اكتشاف الانوثة!
بالأمس، تذكرت فيلماً شاهدته لها بعنوان: "ثرثرة فوق النيل”، وهو مأخوذ عن رواية للكاتب الفذ نجيب محفوظ، تلك الرواية التي سببت لكاتبها لاحقاً غضب "مجلس قيادة الثورة” في عهد جمال عبد الناصر.
الفيلم حينها، جسد تفاهة المجتمعات العربية في حقبة مصيرية من تاريخها الغابر، تماما حال تفاهة مجتمعات التواصل العربية اليوم، التي انشغلت – رغم الخوازيق التي تجلس عليها – بالسخرية من صورة سيدة بلغت من العمر خمسة وسبعين عاما!
ما لا يدركه – بعد – جيل التيك توك والفلاتر وصناع المحتوى الرديء، أن كل جمال سيذوي.. وكل شباب سيهرم.. وكل مخلوق سيفنى لا محالة. والوقت خطاف لأعمار البشر، جميع البشر.. و "أبناء اليوم” سيصبحوا غداً رغم أنوفهم.. أبناء البارحة!.
العبرة في الاتعاظ فقط!، وحساب أيام العمر بدقة، ووضع الحياة على ميزان السماء، ليستقيم المخلوق على طريق الخالق. دون ذلك، كل ما في الدنيا وعليها مجرد.. "ثرثرة فوق النيل”!
عمان / الاردن