«جيوب الفقر»
جفرا نيوز - سهم محمد العبادي
في كثير من الندوات والمؤتمرات والتصريحات الرسمية يظهر لنا مصطلح «جيوب الفقر» ، وهذا المصلح يقصد به مناطق معينة تعاني بيئتها من ارتفاع نسبة الفقر لعدة أسباب تطالعنا بها دوما مراكز الدراسات، بالمقابل نستمع إلى إجراءات حكومية تتحدث عن معالجات إجرائية لما يسمى بجيوب الفقر، وعلى ما أعتقد أن جيوب الفقر بحكم متابعتي لأحوال الناس وظروفهم المعيشية لم تعد محصورة في بيئة معينة أو مناطق معينة، فقد أصبحت جيوب الفقر منتشرة في كل مكان وزمان وبمختلف المناطق والبيئات، فكل جيب مواطن هو احد جيوب الفقر.
بدأت رحلة دوام المدارس ، وبانتظار انطلاق قطار دوام الجامعات ، وهذه البدايات لها تكاليف مالية كبيرة تتحملها العائلات من مداخيلها التي لم تعد تحتمل أصلا أية نفقات في مواجهة تكاليف المعيشية اليومية ومتطلباتها ، خصوصا مع أزمة الارتفاعات التي شهدها العالم بأسره وليس الأردن فقط ، والتي طالت مختلف السلع والخدمات.
أي جيب لأي مواطن نستطيع تعريفه رسميا بأنه أحد جيوب الفقر، تلك الجيوب التي اصطف أصحابها داخل المكتبات لشراء اللوازم المدرسية لأبنائهم، من قرطاسية وحقائب ولوازم أخرى، فتستمع لروايات لا يمكن أن يصدقها عقل، منهم من يقنع أطفاله بان الحقائب التي لديهم منذ سنتين ما زالت صالحة للاستخدام، مع أن الطفلين يريدان حقائب جديدة مثل أقرانهم، كذلك طريقة توزيع الدفاتر على الأبناء ومحاولة الأب إقناع الأطفال « مشو حالكم بدفتر32 وبس يخلص ربنا ييسرها واجيب غيره»، كذلك الأدوات المدرسية مثل باقي القرطاسية والتي لا تتيح للأب شراء أكثر من قلم وممحاة و «براية» للطفلين يتناوبان عليها، وحال الاب في داخل المكتبة سمعته من عديد الاباء الذين لديهم اطفال في المدارس ويعانون من هذه الامور في كل عام مرددين ان «فتوح المدارس مثل الغارة ما يطلع منها الا طويل العمر».
آخرون يضيق بهم الحال في توفير الزي المدرسي، فبينما يقوم الأب أو الأم بإقناع أحد الأبناء بارتداء الزي المدرسي لأخيهم الأكبر كون مقاسه أصبح صغيرا، نلاحظ أن هنالك من يطرق الباب ، الهاتف ، الجمعيات الخيرية أو ميسوري الحال لتوفير الزي المدرسة لأبنائهم في مختلف المراحل الدراسية، أما قصة المصروف اليومي للأبناء فتلك فصل آخر من فصول الأرق التي يعاني منها رب الأسرة يوميا في ضوء ثبات وتآكل الدخل وارتفاع تكاليف الحياة، وهذه المشاهدات جميعها عايشتها مع أصحابها وكذلك سمعتها في مجالسنا وجمينا يعلم ماهيتها واسرارها فنحن نتحدث عن واقع حال.
هنالك في وطني مؤسسات قادرة على القيام بدورها في المسؤولية الاجتماعية وتساهم في دعم المجتمعات المحلية في المناطق الموجودة بها، ومن هنا لماذا لا يكون لدينا تبرع من هذه المؤسسات أو حتى من الميسورين في تقديم القرطاسية والمستلزمات على شكل هدايا للطلاب في بداية العام الدراسي بالتنسيق مع وزارة التربية والتعليم أو حتى المديريات التابعة لها؟ كذلك مديرين المدارس والمعلمين هم أكثر الفئات اطلاعا على أحوال الطلاب وبالتالي لديهم المقدرة في تحديد الاحتياجات اللازمة لهم من هذه المستلزمات وطرق توزيعها.
أما الاستعداد للجامعات ورسوم الطلبة وما إلى ذلك فأتمنى على الجامعات إعادة تفعيل دورهم في تقسيط رسوم الفصل الدراسي على الطالب على امتداد الفصل ضمن أقساط متساوية وليس إجبار الطلاب على دفع الرسوم مرة واحدة كما هو معمول في عديد من الجامعات.
جيوب الفقر قصة طويلة تحتاج إلى علاجات منها الطارئة ومنها على المستوى المتوسط والطويل الأمد ولكن لا بد من استشعار خطورة هذه الجيوب خصوصا على مستقبل الأبناء والعائلات.