«يا طايح ع الغور»

جفرا نيوز - كتب - سهم محمد العبادي

الغور يمثل لنا التنمية الزراعية والأمن الغذائي منذ القدم، فكانت سلة الأردن الزراعية تأتي من هناك، نعرف مياه زقلاب والبساتين وغنينا لها ونعرف شجر الدفلى والقصيب كما نستطيع أن نفرق بين خضار منطقة الكتار والكرامة والكفرين ، وعشنا الحب العذري بالغزل من الحبيبة « يا شوقي يالله انا واياك ع الغور نزرع بساتين ، لأزرع لحبي ثلاث وردات وأسقيهن من مية العين»،وتناولنا قلايات البندورة في المزارع، كل الحياة وجمالها وشقائها كانت في الغور، مثلما كانت أرض الكرامة وموطن الجيش والعسكر وطريقهم.

تابعنا بشغف انطلاق استراتيجية الأمن الغذائي، وكان لتوجيهات جلالة الملك المفدى وولي عهده الأمين الأثر الكبير في خروجها بهذه الصورة البهية، وكذلك بوجود وزير الزراعة الحالي ، خالد الحنيفات، ومشاركة من مختلف القطاعات الرسمية والخاصة والأهلية، لكن إذا أردنا أن تنجح هذه الاستراتيجية الزراعية ، وهي لأول مرة تحدث في الأردن، فيجب علينا تجهيز البنية التحتية التي تخدم هذه الاستراتيجية وتحقق أهدافها، وتجعل من الأردن مركزا إقليميا في المنطقة والشرق الأوسط للغذاء.

بداية هذه الأمور الانتباه للمزارعين ، هؤلاء الذين تلفح جباههم شمس الأغوار وهم بين « التلوم « أو بين البيوت البلاستيكية أو حتى بين «برابيش الري»، نحتاج إلى الجلوس معهم وسماع شكواهم وما هي المعيقات التي تقف أمامهم، نريد أن نقدم له كل أنواع الدعم ليعود ويمتد بالرقعة الزراعية بدلا عن تقليصها لأن الأسعار لم تعد مجدية ولان تكاليف الزراعة أصبحت مرتفعة جدا، نريد شركات وطنية تقدم له البذار الجيدة بأسعار مناسبة ، مثلما نريد ذات الشركات أن تقدم له مدخلات الزراعة من مبيدات ومستلزمات بأسعار معقولة، نريد أن نقدم له طرقا لنقل منتجاته بكل سهولة ويسر، ونريد أن نقدم له عماله مرخصة وبأجور معقول لا يخضع لابتزازها، نريد أسواقا كبيرة لا تكون السلطة فيها للسماسرة، ونريد ارشاد زراعيا حقيقيا يسهم في غزارة وتنوع المنتوج الزراعي، نريد شركات لتدريج الخضار والفواكه، ونريد شركات للتعبئة والتغليف مثلما نريد رؤية ثنائية الزراعة والصناعة واقامة المعارض الزراعية الدائمة ، التي قد تنمي السياحة وتدخل مفهوم جديد باسم السياحة الزراعية، تكون مكانا للترويج الزراعي امام الوفود القادمة للاستيراد من الاردن للاطلاع على المنتجات.

من عايش المزارعين ودخل بيوتهم ومزارعهم يعرف جيدا حجم معاناتهم وهمومهم، وهم بكل تأكيد أول عامل من عوامل نجاح هذه الاستراتيجية إذا توفرت لديهم وسائل النجاح وأسبابها، نجاح الاستراتيجية يبدأ من الغور ومن بين المزارع ومن إعادة تأهيل المنطقة، وتأهيل العمالة في القطاع الزراعي وإنشاء الأسواق وتأهيل الطرق وإنشاء ميناء بري لنقل البضائع والمنتجات.

ما ينطبق على الأغوار ينطبق على باقي المساحات الزراعية في المملكة، فالخطة الاستراتيجية رائعة وقابلة للتطبيق والنجاح وبقدرتنا الوصول إلى أهدافها وتحقيق مضامينها ، ولكن في البداية لا بد من مراجعة المزارع ومزرعته ومحيطهم والعوامل التي تسهم في تحقيق التنمية الزراعية المنشودة الأمن الغذائي ، لان الأردن بالاصل بلد زراعي.