"الزراعه والأمن الغذائي"


جفرا نيوز  د عوني ذنيبات 
الامن الغذائي في أي مجتمع هو القدرة الاقتصادية على توفير الغذاء الأساسي للمواطنين بكميات ونوعيات واسعار مناسبه وفي متناول الجميع سواء من خلال الإنتاج الوطني أو الاستيراد .
ظهر الكساد العظيم في بداية القرن الماضي ومع تعمق الصراع بين الكتلتين الرأسمالية والاشتراكية وتحت آثار وويلات الحرب العالمية الثانيه وبعد هذا الكساد  انتهى فكر (آدم سميث) والذي يركز على اقتصاد السوق والحرية الاقتصاديه ليحل مكانه فكر (كينز) الذي نادى بعد الكساد بتدخل الدولة في الاقتصاد وتأميم الخدمات الأساسية والصناعات الكبرى مما أدى إلى إزدهار العالم اقتصاديا حتى الثمانينات.
وتدخلت الدولة وبشكل قوي في 
الاقتصاد  وراقبت أداء القطاع الخاص.
وفي مطلع التسعينات وبعد انهيار منظومة الدول الاشتراكية حصل ارتداد كبير في العالم الغربي لصالح الخصخصه وبيع مشروعات الدولة الكبرى إلى القطاع الخاص .
نتيجة ذلك برزت مظاهر ألازمة الماليه العالميه والتي أولها الإقراض بدون ضمانات كافيه والفوائد مرتفعه مما أدى إلى انكشاف المدينين وعجزهم عن تسديد الديون فنشات أزمة بين البنوك والمقترضين ووصلت قيمة الأصول الهالكة إلى حوالي تريليون دولار.
كل ذلك أدى لزيادة عرض بيع العقارات والذي بدوره عمل على إنهيار الاسعار ووصل حجم المعروض للبيع إلى 2.2مليون عقار بقيمه تزيد عن 4تريليون دولار.
وتهاوى الانفاق وضعفت قدرة البنوك على التمويل وزاد عدد البنوك المنهاره عن 92بنك عام 2009منها 25بنك امريكي.
وانتقلت الازمه لتهدد الاقتصاد العالمي وأوروبا واليابان وتأثرت كل من الصين والهند وغيرها من الاقتصاديات.
وهنا نشأت أزمة الغذاء العالميه نتيجة ارتفاع أسعار البترول وتراجع الإنتاج العالمي من الغذاء بسبب التغير المناخي وكذلك تحول المضاربه من الأسهم والسندات والعملات إلى السلع الغذائية الاستراتيجية وارتفعت مستويات المعيشة في دول مثل الصين والهند وارتفاع أسعار المدخلات الزراعيه.
وكان من نتائج هذه الأزمة ارتفاع الأسعار بنسب عاليه ونقص العرض لسلع العجز عالميا(خاصة القمح والأرز 
والصويا والذره والشعير).
وبالتالي فإن نقص المعروض من المنتجات الغذائية عالميا وزيادة اسعارها إلى مستوى مرتفع شكل خللا في القدرة الاقتصاديه للدول العربيه على تحقيق أمنها الغذائي وطنيا وعلى المستوى القومي وكان ذلك متزامنا مع الاسباب التاليه:-
_ ضعف عناية الحكومات العربية بالقطاع الزراعي وغياب بيئة الاستثمار المناسبه لهذا القطاع.
_ حالة الجفاف المستمرة لفترة طويله بسبب التغير المناخي والتي أدت إلى هجر الزراعه وضعف الإنتاج وكلفته العاليه.
_ تركيز القطاع الخاص العربي موخرا على الاستثمار في قطاعات أخرى والعزوف عن الاستثمار في الزراعه مما أدى إلى عدم قيام مشاريع زراعيه كبرى.
_ الضعف الكبير في نقل التكنولوجيا الزراعيه المتنوعه والبحث العلمي لرفع إنتاجية وحدة الموارد .
_ الوضع السياسي السلبي على الاستغلال للموارد الطبيعيه .
ارتفع العجز الغذائي في الوطن العربي ليصل إلى ما يزيد عن 50مليار دولار بسبب الأزمة الغذائيه ومن المعروف أن الوطن العربي ينتج أقل من 50%من احتياجاته الغذائيه ويقوم باستيراد الباقي .
لقد قامت المنظمة العربية للتنمية الزراعيه وبطلب من القمة العربية عام 2007باعداد وثيقة التنمية الزراعيه في الوطن العربي حتى عام 2025 وهي بشكل عام نظرة شمولية للواقع الزراعي العربي دخولا بالتفاصيل وتاشيرا على الحلول.
فقدمت هذه الوثيقه وبشكل تفصيلي حلولا نظريه وواقعيه للأزمه ولكن لم يتم تطبيقها فانكشف الامن الغذائي في الأقطار العربية فأصبح كل قطر من هذه الأقطار مرتبكا وغير قادر على مواجهة تداعيات أزمة 2008.
لن يتحقق الأمن الغذائي العربي إلا ضمن رؤيا منهجيه تعتمد عدم التقاطع بين ما هو وطني وقومي بل التكامل وان يكون التقدم في أي منها في خدمة الآخر فنحن في زمن الكبار وما يحدث في اليونان ضمن الاتحاد الأوروبي درس يمكن الاستفاده منه.
وعليه فإنه ومن الضروري عمل الآتي:-
_ وضع استراتيجية الامن الغذائي العربي موضع التنفيذ.
_ تحديد الخرائط الزراعيه للمشاريع الكبرى وعلى مستوى الوطن العربي.
_ وضع آليات وفرق للتنفيذ والمتابعة.
_ وضع تشريعات إنتاجية وتجارية بينية تخدم الاستراتيجية القومية لتحقيق الأمن الغذائي.
_ الاستثمار في البحث العلمي وإعادة النظر في مناهج التعليم الزراعي .
_ شمول هذه الاستراتيجية ملف التصنيع الزراعي لأهميته في الحفاظ على الإنتاج والخزن الاستراتيجي لامتلاك القدرة على تحمل الأزمات لفترة أطول في حال حدوثها.
_ التأكيد على أهمية التنمية الريفية المستدامه في تنفيذ الاستراتيجية لامتلاك القدرة على تحمل الأزمات لفترة أطول .
_ توفير القوى البشرية لهذه الاستراتيجية من عمال زراعيين وعلماء وخبراء في مجالات الزراعة المختلفه.
_ المياه مورد محدد للانتاج الزراعي في الوطن العربي .
واخيرا فلا بد من التأكيد على أهمية التنمية الريفية المستدامة في تنفيذ استراتيجية الامن الغذائي واعتماد المشاريع الإنتاجية الصغيرة لمساهمتها الفعاله في التخفيف من مشكلتي الفقر والبطاله وهما اهم مخرجات الأزمة الاقتصادية          والمالية العالمية .