الأحزاب لا ينتجها إلا حزبيين
جفرا نيوز - بقلم الدكتور رافع شفيق البطاينة
مفارقات غريبة وتناقضات عجيبة يمر بها الأردن من خلال المشهد الحزبي، لا حزبيين يحاولون إقناع الشباب والمرأة بشكل خاص، والمجتمع الأردني بشكل عام بضرورة الإنضمام والانخراط في الحياة الحزبية والسياسية، ويوضحون لهم أهمية الأحزاب السياسية لمستقبل الدولة الأردنية لتطوير الحياة السياسية والاقتصادية والبرلمانية من خلال التحول نحو الحياة الحزبية التي سيتمخض عنها أحزاب برامجية تشكل حكومات برلمانية حزبية من خلال المشاركة في الإنتخابات النيابية عبر الحصول على أكبر عدد ممكن من مقاعد مجلس النواب لتشكل غالبية أعضاء المجلس النيابي ومن ثم تشكيل الحكومة، وللأسف من ينادون ويتحدثون للناس عن الأحزاب وأهمية المشاركة فيها هم أنفسهم ليسوا حزبيين، أو من شارك بحزب لفترة قصيرة ومن ثم استقال من الحزب قبل تشكله رسميا دون توضيح سبب الاستقالة، ومنهم ليس لديه النية للانضمام لأي حزب سياسي مستقبلا، أو التوجه لتشكيل حزب سياسي ، ولذلك فإن فاقد الشيء لا يعطيه، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا كيف لشخص ليس حزبيا ولم يمارس الحياة يسمح لنفسه بدعوة الآخرين للتوجه للأحزاب السياسية، وهنا أشبه هذا الطلب مثل المزارع الذي يعطي وصفه طبية لمريض من أجل العلاج، في خضم وجود الزخم الكبير من الأطباء، أو أن يقوم محاسب بإعطاء استشارة قانونية في ظل وجود الكم الهائل من المحامين والقانونيين، وهكذا دواليك،،، كلنا يعلم أن الديمقراطية لا يصنعها إلا الديمقراطيين، فلا يصنعها من كان ديكتاتوريا، حتى لو تحول إلى النهج الديمقراطي، لأنه تعود على هذا النهج والسلوك، فمن الصعب تغيير سلوكه بسهوله، وهكذا الحياة الحزبية، والأحزاب السياسية لا ينتجها إلا حزبيين مارسوا بالفعل وشاركوا وما زالوا في العمل الحزبي، فبعد نحو ما يزيد عن ستة عقود من تعطل الحياة الحزبية والتحديات والمعوقات والتشوهات التي واجهتها حتى بعد استئناف الحياة الديمقراطية والحزبية نريد أن نفرض الأحزاب السياسية على المجتمع الأردني، وننجح الأحزاب السياسية ونرسخها خلال فترة زمنية قصيرة، ونقنع بها الشباب، بشكل خاص، والمجتمع الأردني بشكل عام، فهذا تحدي صعب المنال والتحقيق، ولذلك يجب أن نترك الساحة الحزبية للحزبيين الممارسين والمنخرطين في أحزاب سياسية لتحفيز الناس وتشجيعهم للدخول في الأحزاب السياسية، أما من لم يمارس العمل الحزبي ولا ينوي ممارسته مستقبلا فاليترك الساحة لأهلها، لأن أهل مكة أدرى بشعابها، وأن يقتصر دورهم في الحديث عن قانون الأحزاب وإيجابياته من الجوانب القانونية دون التطرق لتشجيع أي كان لدخول الأحزاب، فعملية إقناع الناس بأهمية الأحزاب السياسية وتحفيزهم للانخراط بها مهمة صعبة جدا وليست بهذه السهولة، فعلى مدار ثلاثة عقود أي حوالي ثلاثون عاما لم تقتنع الناس بالأحزاب السياسية، ولم تتمكن الأحزاب من جذب الناس للانضمام إليها، فكيف ستنجح بتحقيق هذا الطموح الوطني خلال بضع سنوات قصيرة، أو بضع أشهر، في ظل وجود ما يزيد عن ستون حزبا مرخصا بموجب القانون القديم والجديد، علاوة عن وجود قانون يستثني عدد لا بأس به من الوزارات والمؤسسات العامة من السماح لموظفيها أو قياداتها الإدارية من الإنضمام للأحزاب السياسية بهدف الحيادية في العمل والأداء ، فهل وصلت الرسالة،،،؟. وللحديث بقية.