الصين تستهدف التكنولوجيا الإسرائيلية لبسط هيمنتها
جفرا نيوز - رغم أنها عملاق صناعي يكاد يكون الأكبر في العالم، إلا أن طموحات بكين بالتحول إلى "كيان متفوق" يعرقلها دائما شيء أساسي، التكنولوجيا، بدءا من التقنيات التي تضطر لاستيرادها من الغرب وإلى الأبحاث المتقدمة التي تضعها إلى الخلف في صف الدول المتقدمة.
وفي القصة الأولى من سلسلة "الصين السرية" التي تعدها مجلة نيوزويك، تستكشف المجلة طرق عمل الصين لتوسيع نفوذها "من أجل تحقيق التفوق العالمي بحلول 2049، ذكرى الثورة الصينية المائة.
وتقول المجلة إن الصين حاولت استجلاب تقنيين من إسرائيل، ومتخصصين في مجالات مختلفة خاصة التكنولوجيا، من خلال عرض مبالغ مالية كبيرة نسبيا مقابل العمل في الصين.
وتعود هذه الجهود إلى مركز تشجيانغ الذي يستضيف وحدة من وحدات خطة تطوير العلوم والتكنولوجيا الوطنية الصينية "863"، مما يجعله على الأرجح يسعى إلى وضع يده على تطبيقات عسكرية، وفقا للمجلة.
ونقلت المجلة عن محلل إسرائيلي، لم يوافق على الكشف عن هويته، قوله إن شخصا اتصل به عبر تطبيق ويجات، الشهير في الصين، وقال له إن المركز يقدم وظائف في الصين برواتب مغرية، وهو يعرض مساعدة ومعلومات عن العمل في البلاد.
وتقول المجلة إن الدولة الصينية تدير مئات شبكات التجنيد التي تستهدف الملكية الفكرية في جميع أنحاء العالم، فيما لدى إسرائيل قطاع مزدهر في التقنيات الناشئة مثل بصريات الليزر والواقع المعزز والافتراضي.
وهي واحدة من أهم مراكز الابتكار في العالم، مع حوالي 4000 شركة ناشئة نشطة، وتنفق 5 في المئة من ناتجها المحلي الإجمالي السنوي على البحث والتطوير – وهو المقدار الأعلى في العالم، وفقا لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ومقره واشنطن العاصمة.
وتقول إن إسرائيل جذابة بشكل فريد في مزيجها من التكنولوجيا والأبحاث الدفاعية والأمنية المتقدمة للغاية.
وخلال السنوات ال 20 الماضية، 97 في المئة من الاستثمارات المعروفة في إسرائيل من الصين كانت في قطاع التكنولوجيا.
مخاوف من علاقات إسرائيل مع الصين
وتشترك إسرائيل والولايات المتحدة في علاقات دفاعية عميقة في مجالات مثل تكنولوجيا الطائرات بدون طيار والذكاء الاصطناعي، لذا فإن تركيز الصين على الحصول على التقنيات الرقمية الناشئة يثير القلق بشأن الأبواب الخلفية للتكنولوجيا الأميركية وتدفق التكنولوجيا غير المرغوب فيه إلى الخارج.
وتقول المجلة إن كابوس واشنطن هو أن الصين، ومن خلال الشراكة مع شركة إسرائيلية أو شرائها، يمكن أن تحصل على تكنولوجيا مهمة تمنحها ميزة في المجال العسكري أو غيره من المجالات الحساسة.
وقالت وزارة الخارجية الأميركية لمجلة نيوزويك "لقد كنا صريحين مع أصدقائنا الإسرائيليين بشأن المخاطر التي تهدد مصالحنا الأمنية القومية المشتركة"، وتقول المجلة إنه "في الحديث الدبلوماسي، تعني كلمة صريح أن الناس يصرخون على بعضهم".
وقالت وزارة الخارجية الأميركية إن "الصين أعلنت أنها تسعى للحصول على تقنيات أجنبية للسيطرة على التقنيات الحيوية والناشئة في المستقبل ودعم سياسة الاندماج العسكري المدني لاستخدام التكنولوجيا المدنية لإعطاء جمهورية الصين الشعبية ميزة عسكرية".
وأشارت المجلة إلى أن الإسرائيليين يدركون موقف واشنطن من بكين، لكنهم مصممون على إبقاء التبادل التجاري.
ونقلت عن عساف أوريون، مدير برنامج الصين في المعهد الإسرائيلي لدراسات الأمن القومي والعميد السابق، قوله "مع الولايات المتحدة لدينا علاقة استراتيجية كاملة، لكنها ليست شريكنا التجاري رقم 1".
وتعمقت العلاقات الصينية الإسرائيلية خلال فترة ولاية رئيس الوزراء السابق، بنيامين نتانياهو، وفي عام 2017، وقع مع الصين على اتفاقية بعنوان "شراكة الابتكار الشاملة".
البنية التحتية
وتقول الصحيفة إن البنية التحتية هي الدليل الأكثر وضوحا على العلاقة المزدهرة.
وقامت شركات صينية مملوكة للدولة ببناء مرافق تشتد الحاجة إليها في مينائي أشدود وحيفا الإسرائيليين، وتقوم ببناء مشروع للطاقة الكهرومائية في كوخاف هاياردن في شمال البلاد، وخط من السكك الحديدية الخفيفة في تل أبيب للمدينة التي تعاني من انسداد حركة المرور على البحر الأبيض المتوسط.
ومما يثير قلق المسؤولين الأميركيين بشكل خاص هو الميناء في حيفا الذي افتتح في أواخر عام 2021، حيث تتمتع مجموعة ميناء شنغهاي الدولية، المملوكة لحكومة شنغهاي، بحقوق التشغيل لمدة 25 عاما، مما قد يتيح للمسؤولين الصينيين الوصول إلى الشبكات الإدارية والإلكترونية الحساسة.
وللحزب الشيوعي فروع في جميع الشركات المملوكة للدولة، وفقا للمجلة.
التكنولوجيا العسكرية مصدر قلق خاص
من بين 507 صفقات صينية مع إسرائيل بين عامي 2002 ومايو 2022، كانت 492 صفقة في مجال التكنولوجيا بما في ذلك تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والتكنولوجيا النظيفة والزراعية والروبوتات.
وفي حين أن العدد الإجمالي للصفقات قد انخفض في السنوات الأخيرة حيث أصبح الإسرائيليون أكثر حساسية للمخاوف الأميركية، إلا أن نسبة التكنولوجيا لباقي الصفقات لا تزال مرتفعة للغاية، ووصلت إلى 43 من أصل 44 استثمارا في عام 2021 حتى مايو 2022.
وتقول المجلة إنه ربما يكون من المستغرب أن آلية لفحص الصفقات التي تم إنشاؤها في مكتب كبير الاقتصاديين في وزارة المالية الإسرائيلية في عام 2020 - تحت ضغط الولايات المتحدة - لا تغطي التكنولوجيا.
ويمثل وصول الصين إلى الدراية العسكرية الإسرائيلية قلقا خاصا للولايات المتحدة، وفقا للمجلة.
وفي التسعينيات، اشترت الصين طائرات هاربي بدون طيار (UAVs) التي طورتها إسرائيل وطلبت ترقيات في عام 2003. لكن تحت ضغط أميركي هائل، ألغت إسرائيل صفقة الترقية.
وفي حديث غير رسمي، يقول خبراء أمنيون إسرائيليون إن الصين تتجسس بالتأكيد بحثا عن تقنيات دفاعية مع "بعض النجاح في بعض الأحيان".
وكتب نير بن موشيه، المدير السابق للأمن في وزارة الدفاع الإسرائيلية، في فبراير، أنه من المرجح أن "التركيز الكبير للاهتمام في نظر الاستخبارات الصينية هو نظام العلاقات المعقد بين إسرائيل وحليفتها، الولايات المتحدة".
وأضاف أن "أهداف هذه الجهود ستشمل أنظمة أسلحة رئيسية في إسرائيل يتم تطويرها بالتعاون مع الولايات المتحدة أو تنتجها".
وفي يناير قال آري إيغوزي، المسؤول في iHLS، وهي شركة أمنية إسرائيلية وموقع إلكتروني، إن الولايات المتحدة حذرت من شركات صينية تحاول الدخول في شراكة مع الشركات الإسرائيلية "لإنشاء شركات يمكن أن تبدو مشروعة للغاية، ولكنها في الواقع تهدف إلى نقل تقنيات الدفاع الإسرائيلية إلى الصين".
وأدرجت المجلة عدة أساليب صينية للحصول على التقنيات الإسرائيلية وحتى الأميركية من "الأبواب الخلفية" سواء من خلال التظاهر بأن أعطالا حصلت في رقائق شركة إنتل الإلكترونية المصنعة في إسرائيل للحصول على حلول هندسية، أو من خلال التجسس كما حصل في صفقة طائرات بدون طيار تنفيها الصين، أو بطرق أخرى.
وقالت وزارة الخارجية الأميركية في بيانها لمجلة نيوزويك، "وجهة نظر الرئيس بايدن هي أننا جميعا بحاجة إلى لعب دفاع أفضل، والذي يجب أن يشمل محاسبة الصين على ممارساتها غير العادلة وغير القانونية والتأكد من أن التقنيات الأميركية والإسرائيلية لا تسهل الحشد العسكري لجمهورية الصين الشعبية أو انتهاكات حقوق الإنسان".
وأصدر مدير جهاز المخابرات البريطانية (إم آي 5) كين ماكالوم ومدير مكتب التحقيقات الاتحادي كريستوفر راي تحذيرا مشتركا الشهر الماضي بشأن سعي الصين إلى إيجاد طرق غير مباشرة للحصول على معلومات استخباراتية قيمة من القطاع الخاص.
ولفت راي الانتباه إلى المكاتب الإقليمية التابعة لوزارة أمن الدولة الصينية، والتي قال إنها "أساسية على وجه التحديد في ابتكارات بعض الشركات الغربية".
بحوث أم "قنوات" لتدفق التكنولوجيا إلى الخارج
الأعمال التجارية، والتجسس، ليسا المجالين الوحيدين اللذين يتم فيهما نقل التكنولوجيا الناشئة والحرجة القيمة.
وقالت المجلة إن علماء إسرائيليين من أربع جامعات على الأقل شاركوا في أبحاث مشتركة مع ما لا يقل عن خمس مؤسسات بحثية عسكرية في الصين، بما في ذلك جامعة نورث وسترن للفنون التطبيقية في مدينة شيان، وهي واحدة من شبكة "أبناء الدفاع الوطني السبعة" التي تغذي صناعة الدفاع الصينية وجيش التحرير الشعبي.
وتتراوح المشاريع من أنواع جديدة من محركات الطائرات إلى خوارزميات تحليل الكلام والسمع - على سبيل المثال تقليل الضوضاء والضبابية في التسجيلات، وبالتالي تحسين القدرة على المراقبة.
كما قدم أثرياء صينيون وسلطات رسمية تبرعات لفرع معهد أبحاث التخنيون الإسرائيلي في جامعة شانتو بمقاطعة قوانغدونغ.
ويقدم "معهد قوانغدونغ للتخنيون الإسرائيلي للتكنولوجيا" درجات علمية في الرياضيات والهندسة الكيميائية والفضائية والتكنولوجيا الحيوية. وسبق لي أن قام باستثمارات متعددة في شركات التكنولوجيا الإسرائيلية.