ولي العهد يريد إعلاما يدرك تماما قيمة الأردن وقيمه

جفرا نيوز - بقلم *إحسان التميمي

مطلع العام الحالي كان الأمير حسين بن عبد الله الثاني ولي العهد يلفت إلى أهمية مواكبة التطورات التي يشهدها الإعلام.
مَقصِد الأمير الشاب كان واضحا لمن أصغى السمع وهو حاضر بقلبه، غير خائف من محاربة كل ما يفسد هذا الوطن، كل ما يضره، كل ما يمس بقيمته، إذن مَقصِد سموه؛ تقديم الرواية الإعلامية من قبل المؤسسات بوضوح وشفافية، والتحذير من غياب المعلومة الصحيحة تراجع الثقة وهما وصفة الخراب لتورم آفَة الإشاعة أكانت من حاجة المواطن إلى تداول المعرفة في شكل أخبار، أو عملا إجراميا يتغيّا تشويه الحقائق وإيذاء الآخرين.

(تأثير الفراشة أو نظرية الفوضى) هي وصف مجازي يقال للتأثيرات المتبادلة والمتواترة التي تنجم عن حدث قد يكون بسيطا في حد ذاته، لكنه يولد سلسلة متتابعة من النتائج والتطورات المتتالية والتي يفوق حجمها بمراحل حدث البداية، والمَغْزى من كلامي انه لا توجد دولة على وجه الأرض إلا وتتخللها أخبار سيئة، بل يمكن أن تكون الأخبار السيئة شبه يومية، ومع ذلك فالتعامل مع الأخبار السيئة من المهام السيئة لأسباب عديدة لكنها ليست مستحيلة، بل أن العديد من الدول العظمى والمنظمات والشركات الكبرى وضع استراتيجيات وسياسات تهدف لإدارة الأخبار السيئة المختلفة وتسلط الضوء على العديد من المعضلات التي تواجه الإعلام في إيصال الأخبار السيئة، لكن الإعلام الرسمي الأردني للأسف غالبا ما يتردد في القيام بذلك مكررا الأخطاء الاستراتيجية ذاتها التي تقترب من الانقراض في كل مرة وهي وضعية النعامة التي تدفن رأسها في الرمال، تاركا الباب مشرعا في كثير من الأحيان إلى تفشي نظرية المؤامرة في مجتمعنا والتي أصبحت مثل النار التي تأكل كل إيجابي وجميل.

يؤلمني ويخيفني أكثر عندما أكون في جلسة مع الأصدقاء أو الأقارب ما يأتي على مسامعي بالحديث عن "نهج" لتغييب الحقيقة وطمسها، بل وتزويرها في بعض الأحيان. ولا أقول إن الإعلام الرسمي قبيح أو يتقصد إخفاء الحقائق لكنه في مجمله سيء في عملية التواصل والتوصيل.

خذ مثلا كيف غابت الرواية الإعلامية المتماسكة والمحترمة في دراسة مركز "الباروميتر العربي" عما نسبته 45 في المئة من الشباب الأردني يفكرون جديا بالهجرة إلى الخارج، وهي دراسة تطابقت مع دراسة للمعهد الجمهوري الدولي واستطلاع للرأي أجراه مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية، فمن سيقنع آلاف الشباب بالسعي والمحاولة للتغيير طالما هم خائفين من مستقبل يرونه مجهولا.

مضحك محاولات الإعلام للتغيير الاجتماعي الإيجابي مع ان الإيجابية واضحة كالشمس وهي مرادفة للخير وكل ما هو مرغوب ومفيد وممتع بما بالأفعال أو العواقب. والسلبي هو عكس ذلك وبلدنا يفيض بالخير والإيجابية الذي تغسل القلوب، فيقرأها الإعلام الرسمي بالمقلوب فنراه يبث الكثير من المجاملات والنزر اليسير من الوقائع، ويتجرأ كثيرا على كسر التقاليد، ولا يتجرأ على كسر القيود التي رسمها لنفسه بنفسه.

الأمير الشاب-في بلد أكثر من ربع سكانه شباب-يدرك قوة المعلومات في العالم الحديث والبيئة الإعلامية والاجتماعية المتغيرة اليوم، والحاجة الملحة لتطوير العمل الإعلامي برمته بحيث يكون لدى الأردن فرصة لتقديم رواية محلية في أنشطتها، عالمية في منظورها وأدواتها. لذا يريد سموه إعلاما قيمة الأردن وقيمه.

لا نريد أن تكون الإيجابية هي الضحية الأولى دائما لأداء الإعلام الرسمي المرتبك ونؤمن في الوقت ذاته أن هناك خطًّا دقيقًا يفصل بين التهور والشجاعة، والحكيم العاقل الكفؤ هو الذي يستطيع التمييز بين هذه المتجاورات.