أدخلناها حياتنا بكل تفاصيلها
جفرا نيوز - بقلم نسيم عنيزات
ان حياتنا وبكل تفاصيلها اصبحت تفتقد الى الخصوصية بقدر ما هي أقرب الى التشاركية ودعوة الغير الى المشاركة فيها وابداء الرأي حتى بأدق التفاصيل في احيان كثيرة .
فلم يعد هناك ما هو خاص او شأن أسري او عمل شخصي او تصرف وسلوك يعنيني لهدف او غاية بنفسي.
بعد ان فرضنا نحن بأنفسنا وبمحض إرادتنا وسائل التواصل الاجتماعي على اختلاف انواعها على حياتنا وسمحنا لها ان تتدخل في تفاصيل حياتنا ، بأمر وطلب منا لا من غيرنا ومن اوسع الابواب ومن غير قيود .
واصبحت هذه الوسائل المحرك الرئيسي لحياتنا، والدافع لاي تصرف او اجراء آني او مستقبلي وكأن الغاية من السلوك هو النشر، والهدف من اي تصرف حتى لو كان انسانيا هو الاعلان والابلاغ .
عند اي عمل او حتى نية مهما كان نوعهما نراها عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل ان يبدأ او ينتهي او حتى ننجزه وقبل تقييمه ومشاهدة نتائجه وأحيانا كثيرة يرى الناس سفرتنا قبل ان نجلس عليها ونتناول لقمة منها .
ان وسائل التواصل هي لنشر المعرفة والاطلاع على ثقافة الغير وتقديم ما هو مفيد للناس من خلال منصاتها المتاحة للجميع بكل سهولة وأقل التكاليف ، تحولت الان لإدا ة للتسلية واضاعة الوقت ونشر الاشاعة وتبادل الاتهامات ونشر الخصوصيات والاساءة بين الناس لنشر غسيلهم على الملأ دون اي وازع انساني او قيود اخلاقية بعد ان فتحنا لها الاجواء والابواب على مصراعيها ومنحناها مساحة واسعة من فضائنا لتقوده وتتحكم بتفاصيله ويكون لها القول الفصل في النهايات والبدايات. تقودنا خلفها لتقرر عنا وتفرض علينا اراء وقرارات لا دخل لنا بها .
فهل فعلا كان الهدف منها وايجادها هو ما نفعله نحن في بلادنا؟ ام ان لها غايات واستعمالات اخرى عند غيرنا، واسرهم واطفالهم بآلية منظمة وقيود محددة، لا تسمح التعدي والتجاوز ، لها اوقات معينة بعيدا عن العبثية والعشوائية التي لا تعرف الوقت ولا تدرك اهميته لنقضي نحن دون غيرنا ساعات ونحن نقلب صفحاتها.
لا نميز بين الصواب والاخطاء ولا تفرق بين ما يلزم ولا يلزم نعبث بمشاعر الغير والدخول الى حياتهم وخصوصياتها ونسعى لحل مشاكلنا وادارة امورها.
وقتنا ، كله لها سواء كنا في البيت او العمل والشارع ، حتى ونحن في المناسبات الاجتماعية وأوقات الترفيه والترويح، مما أفقدنا الكثير من الاواصر المجتمعية وأثر على الروابط الأسرية، واصبحت القائد والمتحكم بسلوكياتنا وتصرفاتنا وقراراتنا على مختلف المستويات بسبب تفاعل الجميع معها اثرا وتأثيرا .