شركة تزرع أول “كمبيوتر” داخل دماغ مريض... وتحذير!
جفرا نيوز - قالت وكالة Bloomberg الأميركية، إن طبيباً بالمركز الطبي ماونت سيناي ويست في نيويورك قد مرر قطعة من النسيج طولها نحو 3.81 سم مصنوعة من أسلاك وأقطاب كهربائية، إلى داخل وعاء دموي في دماغ أحد المرضى المصابين بالتصلب الجانبي الضموري.
كان الأمل يحدوه بأن المريض، الذي فقد القدرة على الحركة والتحدث، سوف يكون قادراً على الولوج إلى الإنترنت والاتصال بمن حوله عبر البريد الإلكتروني والرسائل البسيطة عن طريق التفكير، فالجهاز سوف يترجم أفكاره إلى أوامر تُرسل إلى أحد الحواسيب.
شركة تزرع جهازاً داخل مرضى في استراليا
الوكالة الأمريكية قالت ان شركة Synchron الناشئة هي المسؤولة عن هذه التكنولوجيا، وقد زرعت أجهزتها فعلياً داخل أربعة مرضى في أستراليا ولم يعانوا من أي آثار جانبية، بل استطاعوا تنفيذ مثل هذه المهام، مثل إرسال رسائل عبر تطبيق واتساب والشراء عبر الإنترنت. أجرت الشركة أحدث عملياتها في الولايات المتحدة، مما جعلها تسبق منافسيها، مثل شركة Neuralink Corp التي يملكها الملياردير إيلون ماسك. يقول الدكتور شهرام مجيدي، جراح الأعصاب الذي أجرى العملية: "كانت هذه العملية خاصة، بسبب آثارها وإمكاناتها الهائلة”.
تأسست الشركة في عام 2016، وجذبت الانتباه إليها في مجال الواجهات الحاسوبية الدماغية (BCI) بسبب جهازها، الذي يُعرف باسم Stentrode ("ستينترود”، وهو اختصار لـ”صفيف تسجيل دعامة القطب الكهربائي”)، والذي يمكن إدخاله إلى دماغ المريض بدون شق جمجمته أو إتلاف أنسجتها. يُحدث الطبيب شقاً في رقبة المريض، ويضع جهاز ستينترود عبر أنبوب قسطرة من خلال الوريد الوداجي إلى داخل وعاء دموي يقع داخل القشرة الحركية. وعندما يُزال أنبوب القسطرة، يُفتح جهاز ستينترود -وهو عبارة عن شبكة أسطوانية سلكية جوفاء- وتبدأ في الالتحام مع الحواف الخارجية للنسيج الدموي. وفقاً للدكتور مجيدي، تعد هذه العملية مماثلة للغاية لزرع دعامة شريان تاجي وتستغرق بضع دقائق فحسب.
جهاز مزروع في صدر المريض
بعد ذلك، تربط الخطوة الإجرائية الثانية جهاز ستينترود عبر سلك إلى جهاز حاسوبي مزروع في صدر المريض. من أجل القيام بهذه الخطوة، يجب أن يصنع الجراح نفقاً للأسلاك وجيباً للجهاز أسفل جلد المريض، وهو أشبه بما يحدث عند زرع جهاز تنظيم ضربات القلب. يقرأ ستينترود الإشارات عندما تطلقها الخلايا العصبية في الدماغ، ويضخم الجهاز الحاسوبي هذه الإشارات ويرسلها إلى حاسوب أو هاتف ذكي عن طريق البلوتوث.
صحيحٌ أن هذه التفاصيل قد تجعل بعض الأشخاص مصابين بالغثيان، لكن هذه العملية أقل توسعاً بكثير من التكنولوجيا الحديثة الحالية التي تُعرف بـ”صفيف أقطاب يوتا”، التي تتطلب من الأطباء قطع فروة رأس المريض وشق الجمجمة لوضع إبر صلبة في الدماغ. تتصل هذه الإبر بعد ذلك بجهاز حجمه 3 إلى 4 سم يوضع فوق رأس المريض.
أتاح جهاز صفيف أقطاب يوتا للمرضى الذين يعانون من إعاقات بأن يؤدوا أشياء مذهلة، مثل توجيه أوامر إلى ذراع آلية لإحضار كوب مياه إليهم. لكنهم لا يستخدمون الجهاز في العموم إلا تحت إشراف طبي داخل مستشفى، بجانب أن الدماغ يشكل نسيج ندبات حول الشق، مما يؤدي إلى تدهور الإشارات التي تجمعها الإلكترونيات مع مرور الوقت.
حذر أمريكي من هذه العمليات
من المعروف أن الولايات المتحدة لديها سياسات أكثر حذراً من أستراليا فيما يتعلق بهذه الأنواع من العمليات، وقد استغرق الأمر سنوات من شركة Synchron قبل حصولها على موافقة من إدارة الغذاء والدواء الأمريكية. ويعد المريض الأمريكي هو الأول بين 6 أشخاص في تجربة ممولة بقيمة 10 ملايين دولار من معاهد الصحة الوطنية الأمريكية ويقودها دوغلاس ويبر، أستاذ الهندسة الميكانيكية لدى جامعة كارنيغي ميلون، وديفيد بيوترينو، مدير ابتكار إعادة التأهيل في مركز ماونت سيناي.
لا تزال التكنولوجيا في مراحلها الأولى من عملية التطوير، ويكمن المغزى من التجربة في إيلاء تركيز على كيفية استجابة الجسم البشري لزراعة الجهاز، وكذلك مدى وضوح إشارات الدماغ، أكبر من التركيز على الوظائف التي يستطيع الشخص تأديتها باستخدام الجهاز.
لكن القدرات الحاسوبية المحدودة لجهاز ستينترود تعني أنه غير قادر على ترجمة جمل كاملة. بل إن المريض الذي يُزرع الجهاز في جسمه يلتقط حروفاً واحداً تلو الآخر على شاشة، وتحول التكنولوجيا هذه الأفكار ذات الإجابة الثنائية بـ”أجل أم كلا”، إلى أوامر موجهة إلى الحاسوب.
ممارسة الحياة اليومية
رغم ذلك يعتقد الأطباء والباحثون أن تكنولوجيا Synchron يمكن أن تؤدي إلى تحقيق تقدم كبير على الطريق الذي يستطيع الأشخاص ذوو الإعاقات المضي قدماً فيه، في إطار ممارساتهم الحياتية اليومية.
يقول بيوترينو: "أحد الأسرار غير المكشوفة لتقنيات الزراعات الدماغية التي خضعت للتجارب على مدى العقدين الماضيين، هو أنها لم تُترجم فعلياً قط، ولو مرة واحدة، إلى استخدام منزلي مستقل”.
لكن المرضى الأستراليين الذين زرعوا أجهزة Synchron، استطاعوا استخدامها في منازلهم، على النقيض من المرضى الذين يستخدمون صفيف أقطاب يوتا.