اين سكة العقبة واين بوصلتها
جفرا نيوز - بقلم عامر المصري
خرجت منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة عن مسارها ,الطبيعي منذ العام ٢٠١٥ وسقطت عربات قطارها وتدمر منها ما تدمر وعطب منها ما عطب بعد أن صدعونا بإنشاء ٣٢ رصيف مينائي جديد مجهز بأحدث الأجهزة والتقنيات وبكافة التجهيزات ووسائل السلامة العامة واضخم المعدات لتعلن شركة التوريط البدء بالرحيل من الميناء المباع إلى الميناء الجديد وفي نفس المسار كان الهدم والخراب اسرع بكثير بحجة تسليم الموقع للمستثمر الاماراتي المهيوب الذي رسم لنا جنة السماء بين جبال العقبة وشواطئها ففجعنا بكارثة الصوامع التي كان ضحيتها حرق ٧ شهداء خلفوا عشرات الثكالى والأيتام بسبب ضعف الخبرات والاهمال والاستخفاف بأرواح الناس وضعف الواجهات المعينة وسوء الإدارات وكثرة التنفيعات ومحاصصة التعينات وتلزيم العطاءات وما انفكوا يتحدثون عن الإنجازات فلا يخجلهم موت عشرات العاملين ولا يردعهم دعاء الأمهات الثكالى لأنهم في احسن وصف مجرد أصنام على رقعة شطرنج وواجهات لتمثل مصالح فلان وتنفيع علان ثم يقالوا أو يطردون واحيانا ينقلون بحجة أنهم المقصرين أو المبدعين ويذهبون من مكان إلى مكان اكبر في المسؤولية ليستمر اللهث ولتبدل الاسماء وتعدل الواجهات بنفس طريقة المحاصصة والتنفيعات ولتتوالى الفاجعات بشكل اخطر و اكبر وتاتينا فاجعة انفجار الكلورين لتقتل ١٣ شخصا بحشرجة الصدور وخنق الروح بمواد سامة بعد أن صدعوا رؤوس الوطن بارصفتهم التي استبدلوها من ميناء مساحته ١٢٠٠ دونم لميناء بمساحة ٣٠٠ دونم وهنا لا اريد أن اخوض بفارق التجهيزات والمعدات والفنيات والمباني السكنية والعمالية والإدارية واللوجستية وضخامة الأرصفة والمساحات فقط سأكتفي بأن موانىء العقبة وعلى مدار أكثر من ستون عاما في عالمية الموانىء الأردنية وتنافسيتها لم يحصل فيها كوارث كما حصل من كوارث في اخر أربعة سنوات بسبب ضعف وسائل السلامة العامة في الميناء الجديد ونقص الخبرات في الادارات العليا والتي تجهل معظم الفنيات كل هذا لم يعيد العربات إلى سكتها أو يعيد المسيرة إلى أهدافها المعلنة وخلال هذه المراحل من المحاصصة والتنفيعات والواجهات وتبديلها مرات ومرات خلال أكثر من سبع سنوات من التخلف والتأخير والتراجع كانت العقبة في كل مرة تفقد بوصلتها وتتوه هويتها الاقتصادية بين لجان تشكل من وزراء وتزيد المعيقات اكثر ويصبح التخلف أشنع لأن الواجهات تعمل لمن ارسلها والتوجيهات مسبقة فيها منافع محددة فمن يبحث عن البوصلة ؟ ومن يبحث عن مشروع وطني يخص كل اردني ؟ للاسف لن تجد أحد لأن هوية القرار محددة والاتجاه محدد ومرسوم بدقة لمصالح مؤكدة لا يمكن أن تعدله بوصلة وطن ومصلحة بلد .
حدثونا وافرحوا كل الأردنيين وخاصة العقباويون عن استثمارات مؤكدة وفاعلة وموجودة وعاملة بقيمة ٢١ مليار دينار حصة مشروع مرسى زايد السياحي منها حوالي ١١ مليار وتوفير ١٥ الف فرصة وحوالي ٤٢٠٠ دونم أرض خصصت لهذه الغاية ولانجاح هذا المشروع تم تسجيل أكثر من ٧٠ شركة استثمارية في المنطقة الخاصة كانت تجدد تراخيصها بشكل سنوي ولمدة ٨ سنوات على أنها عاملة ولكن للاسف كانت وهمية ولم تشغل هذه الشركات أكثر من عشرون شخصا فقط وكانت تنتقي شخصيات متنفذة جدا لتسلم منصب مدير تنفيذي لمشروع مرسى زايد في العقبة حتى تولدت عندي قناعة شخصية وبحكم قربي ومعرفتي في كافة القطاعات الاقتصادية بأن هذا المشروع مجرد مشروع تجارة اراضي تم تسجيلها دون أي شرط لمنع التصرف على سندات تسجيل هذه الأراضي بعكس العادة التي كانت تشترط بكتب رسمية من سلطة العقبة إلى دائرة الاراضي بمنع التصرف على القطع إلا بعد إقامة المشروع وإنجاز مراحل محددة منه على الرغم من أنه أحيانا وفي بعض التخصيصات الأخرى تم اختراع الأسباب والأكاذيب لبعض القطع ذات واجهات بحرية كبيرة وبعشرات الدونمات لإزالة شرط منع التصرف عن سندات التسجيل دون القيام بأي بناء أو تطوير والأرض خصصت بمئات الدنانير للدونم وتعرض اليوم بمليون دينار الدونم وتم تخصيصها قبل ١٧ سنة لغايات إقامة استثمارات وهي ما زالت صحراء قاحلة ومحاطة بساتر ترابي للاسف ' وبالنسبة لمشروع مرسى زايد فإنني اطمئنكم بأن هذا المشروع لم يعد موجود حسب النماذج والخرائط والتصورات التي احتفلنا بها جميعا لسنوات طويلة وقد ألقيت كافة النماذج التي وضعت في مدخل سلطة العقبة ومدخل شركة توريط العقبة في المكب ولم تعد سلطة العقبة أو شركة التوريط تسوق لنماذج هذا المشروع السياحي الأكبر في المنطقة ويبدوا أن هناك توجه اخر لمشروع مرسى زايد غير المشروع الذي حلمنا به أكثر من عشر سنوات كما أن أصحاب الشركة التي غيرت شركائها مرات ومرات أصبحت اليوم في المراحل الأخيرة من الحصول على تلزيم شراكة بادارة الميناء الجديد وساحة ( ٤ ) التي تضم كل دوائر الرقابة والتفتيش والخدمات الحكومية والتخليص .
أما هوية العقبة الاقتصادية 'الغير واضحة فان الشراكات الحقيقية مع القطاع الخاص في منطقة العقبة الخاصة قد أسيء تقديرها وفهمها و لم يقدروا سمو فكرتها و اتخذوا القرار بأفضلية واولوية التنفيعات لاشخاص وجهات وحققوا منافع لغير الوطن بل أصبحوا يحاربوا العقبة كفكرة واستخدموا كل الوسائل لقمع اي كلمة أو موقف ضد مسيرة مصالحهم والتي عارضها وتفهمها الكثير من المتابعين لما يحصل في العقبة ثم تدخلوا في قانونها من خلال إصدار تعليمات وبلاغات وقرارات مشوهة ومدمرة بحجة دعم المالية العامة والنتائج كانت أضعاف مشروع الوطن وخسارة المالية العامة للدولة على المدى البعيد أضعاف مضاعفة وافقدوا المستثمرين الثقة في العقبة ومستقبل الاستثمار فيها الا أولئك الذين بنو استثماراتهم على أساس تجارة الأراضي و / أو تأجيرها فمهما خسروا فإن ثمن الأرض الحقيقي شبه مجاني وكانت النكسات تضرب العقبة و هويتها الاقتصادية ففي الصناعة فوضى ومجالس إدارات بنفس الطريقة وبنفس النهج وتسربات امونيا و فسفوريك وكلورين وغازات سامة تخرج من المداخن دون حسيب أو رقيب وفوسفات يتطاير من الشاحنات وبوتاس بحمولة ١٠٠ طن لكل شاحنة تمر من أمام بوابات الجامعات والمدارس والمستشفيات والمنازل وتخيف الناس على الإشارات في قلب المناطق السكنية فقوة مجالس إدارة هذه الشركات الملوثة للبيئة اكبر بكثير من قوة مجلس مفوضية سلطة العقبة وبالتالي تجد سلطة العقبة تبسط استحواذها وتفرض عضلاتها على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر فهي لا تسمح لأي منهم بتنظيف الرصيف بدلو ماء من مياه الديسي أما على كبرى الشركات فهي بلا تأثير أو كأنها مارد متوفي لذلك فإن الغبار الكيماوية وتلوث الهواء والمياه والشواطىء وتهديد حياة الناس نتيجة ما تقذفه أكثر من ٢٤ مدخنه ضخمة في منطقة الشاطىء الجنوبي وتحديدا في عطلة نهاية الأسبوع والعطل الرسمية تراها تتطاير فوق رؤوس الناس والعاملين في المنطقة وقد تصل لمسافات قريبة جدا من مراكز الغوص والشواطىء والمناطق السياحية في الشاطىء الجنوبي والأوسط حسب اتجاه وسرعة الرياح وكأن ذلك مبرمج ومتفق عليه وهذا يضر بالسياحة بكل أشكالها ابتداء من الطيران منخفض التكاليف وانتهاء بسياحة الغوص واما على الصعيد التجاري فبعد كل التدخلات والتعديلات والتعليمات والبلاغات في ما يتعلق بالمالية والجمارك لم تعد العقبة مميزة ولم يعد فيها ما يشجع على شراء السلع أو الخدمات بل على العكس فإن اتفاقيات الاردن التجارية مع الدول العربية والأوروبية وامريكا تجعل البضائع في عمان وباقي المملكة أقل سعرا من العقبة الخاصة وذلك بسبب ارتفاع كلف النقل للبضائع والأشخاص بين عمان والعقبة مما يزيد في سعر التكلفة بنسبة عالية جدا ربما تعادل نسبة الرسوم الجمركية على البضائع التركية والصينية المعفاة من الرسوم الجمركية في العقبة وبالتالي فإن العقبة أصبحت بلا هوية اقتصادية ولا رؤية واضحة و اختلت المنطقة الاقتصادية الخاصة فلا هي تجارية ولا سياحية ولا صناعية .
أن تتابع نهج الاتوقراطية الذي تابعناه منذ عام ٢٠١٥ أدى إلى المزيد من التراجع و التخلف ولن تعود العقبة مشروع وطني كبير يخص كل الأردنيين طالما أن إدارة العقبة توزع بطريقة الاتوقراطية التي لا تلتزم بقانون وتنتهج المحاصصة والتنفيعات والواجهات والولاءات والانفراد بالقرار لأشخاص بدل أن تدار العقبة بطريقة تكنوقراط تشرك ابناء وخبرات السلطة والحث على أن يكون ولاء الأشخاص والإدارات للفكرة من أساسها ولقانونها الاصلي اذا كنا نريد للعقبة أن تكمل مشوارها وتعود لمسارها وتحدد بوصلتها الوطنية كما حددها جلالة الملك عندما وضع حجر الأساس وأسند فكرتها بكل طاقاته وإمكاناته وجهوده التي فقدنا جزء منها بسبب تلك الإدارات الفاشلة وفي كل مرة تراجع اكبر وتخلف أعمى .