احتفالات كبيرة في الجزائر في الذكرى الستين للاستقلال
جفرا نيوز - احتفلت الجزائر الثلاثاء بعيد الاستقلال باستعراض عسكري غير مسبوق في العاصمة يخلّد الذكرى الستين لنهاية الاستعمار بعد 132 سنة من الوجود الفرنسي.
ورغم مرور ستة عقود على انسحاب الجيوش الفرنسية، إلا أنّ العلاقات بين باريس والجزائر لم ترتق إلى المستوى الطبيعي، على الرغم من المبادرات الرمزية التي تقوم بها فرنسا.
بعد حرب استمرت ثماني سنوات بين الثوار الجزائريين والجيش الفرنسي، توقف القتال بعد توقيع اتفاقيات إيفيان التاريخية في 18 آذار/مارس 1962 التي مهّدت الطريق لإعلان استقلال الجزائر في الخامس من تموز/يوليو من العام نفسه.
افتتح الرئيس عبد المجيد تبون الاحتفالات بوضع إكليل من الزهور على قبر الجندي المجهول في "مقام الشهيد" بأعالي العاصمة، ثم انتقل الى مكان الاستعراض العسكري بالضاحية الشرقية.
وعلى متن سيارة مفتوحة قام تبون مع رئيس أركان الجيش الفريق أول سعيد شنقريحة بتفقد القوات العسكرية وقوات الأمن والحماية المدنية، المشاركة في الاستعراض. وفي الوقت نفسه أطلقت 60 طلقة مدفع توازي ستين سنة من الاستقلال.
وحضر الاحتفالات العديد من الضيوف الاجانب من بينهم رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ورئيس النيجر محمد بازوم والرئيس التونسي قيس سعيد ورئيس جمهورية الكونغود دوني ساسو نغيسو ورئيس مفوضية الاتحاد الافريقي موسى فقي محمد.
كما حضرت رئيسة مجلس الشيوخ الإيطالية ماريا كازيلاتي ووزير التسامح الاماراتي نهيان بن مبارك آل نهيان ووزيرة خارجية ليبيا نجلاء المنقوش والأمين العام السابق للجامعة العربية عمرو موسى.
"دبابات وغواصات"
بدأ الاستعراض العسكري بعزف للفرقة النحاسية للحرس الجمهوري فيما عبرت الأجواء مروحيات وطائرات القوات الجوية من طراز سوخوي 30 و24 واليوشين 76 و78 وميغ 25 و29 وطائرات تدريب رسمت في الجو خطوطا بألوان علم الجزائر، الأخضر والاحمر والأبيض.
دام الاستعراض نحو ساعتين مرّت فيه امام المنصة الشرفية مختلف الأسلحة التي يمتلكها الجيش الجزائري من دبابات مثل تي 62 ال، وراجمات صواريخ وعربات مدرعة.
ثم سارت تشكيلات من المدارس العسكرية تتقدمها مدارس "أشبال الأمة" وهي ثانويات ومدارس تعليم متوسط تابعة للجيش.
وفي الساحل المقابل لساحة الاستعراض تعاقبت غواصتا الونشريس وجرجرة والبوارج الحربية وسفن التدريب لضباط البحرية، وسفن الإنقاذ في أعالي البحار.
انتزعت الجزائر الاستقلال بعد سبع سنوات ونصف من حرب دامية خلّفت مئات الآلاف من القتلى، ما جعلها المستعمرة الفرنسية السابقة الوحيدة في إفريقيا في سنوات 1960 التي تحرّرت بالسلاح من فرنسا.
لكن بعد 60 عامًا من نهاية الاستعمار، لم تندمل الجراح في الجزائر، رغم سعي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون منذ انتخابه الى تهدئة الذاكرة بسلسلة من المبادرات الرمزية التي لم تصل إلى حدّ تقديم "الاعتذار".
وردّاً على هذه المبادرات قال رئيس مجلس الأمة وأحد قادة حرب الاستقلال، صالح قوجيل "لا يمكن أن ننسى أو نمحي، لأي إجراء كان، مسؤولية فرنسا الاستعمارية عن الإبادة الإنسانية (التي تعرّض لها الشعب الجزائري) والإبادة الثقافية وإبادة هويته".
في آذار/مارس، أكد الرئيس عبد المجيد تبون أن "جرائم الاستعمار" الفرنسي في الجزائر لن تسقط بالتقادم، داعيا إلى "معالجة منصفة ونزيهة لملف الذاكرة والتاريخ في أَجواء المصارحة والثقة".
وبدا أنّ العلاقات بين البلدين تراجعت إلى أدنى مستوى لها في تشرين الأول/أكتوبر عندما صرّح ماكرون بأنّ الجزائر تأسّست بعد استقلالها على "ريع ذاكرة" يقف خلفه "النظام السياسي العسكري"، ما أثار غضب الجزائر.
وتحسنت العلاقات تدريجيًا في الأشهر الأخيرة، وأعرب ماكرون ونظيره الجزائري عبد المجيد تبون في مكالمة هاتفية في 18حزيران/يونيو عن رغبتهما في "تعميقها".
"مصالحة الذاكرة"
وأعلنت الرئاسة الفرنسية مساء الاثنين ان الرئيس إيمانويل ماكرون بعث ببرقية تهنئة لنظيره الجزائري بالمناسبة عبر له فيها عن أمله في "تقوية الروابط بين البلدية القوية أصلا".
وأكد له "التزامه بمواصلة مسار الاعتراف بالحقيقة ومصالحة الذاكرة بين الشعبين الجزائري والفرنسي" كما أضاف بيان قصر الإليزيه الذي أشار إلى أن إكليلا من الزهور سيوضع باسمه الثلاثاء في النصب التذكاري الوطني المخلد لحرب الجزائر في باريس إحياءً لذكرى الأوروبيين ضحايا مجزرة وهران التي وقعت في نفس يوم الاستقلال في 5 تموز/يوليو 1962.
وعلى الصعيد الداخلي، تسعى السلطات الجزائرية للإفادة من الذكرى التاريخية لتخفيف التوترات الداخلية بعد ثلاث سنوات من انطلاق تظاهرات الحراك المؤيد للديموقراطية.
أطلق تبون في أيار/مايو مبادرة لكسر الجمود السياسي من خلال استقبال عدد من قادة الأحزاب السياسية، بينهم من المعارضة، ومسؤولين في النقابات العمالية ومنظمات أرباب العمل.
وبمناسبة عيد الاستقلال وقع الرئيس تبون الاثنين خمسة مراسيم رئاسية تتضمن إجراءات عفو وتخفيض العقوبة لنحو 15 ألف سجين محكوم عليهم نهائيا في جرائم القانون العام.
كما أعلنت الرئاسة الجزائرية أن الرئيس "من خلال المشاورات مع ممثلي الأحزاب السياسية والمجتمع المدني، يجري حاليا إعداد قانون خاص لفائدة المحكوم عليهم نهائيا" يمكن ان يشمل مساجين الحراك أيضا.