من يوقف عبث «التمويل على الهوية»..!
جفرا نيوز - علاء القرالة
"عبث» هذا أقل وصف يمكن ان يطلق على عمليات «التمويل على الهوية» التي بدأت تنتشر كما النار في الهشيم وأصبحت نهجا للترويج والبيع من قبل العديد من القطاعات الاقتصادية وتحديدا سوق المركبات، وهذا ما نلاحظه في الاعلانات التي تنتشر حتى على ابواب المعارض ومنصات التواصل الاجتماعي.
مثل هذا النوع من عمليات التمويل وغيرها من التمويلات التي تمنح من قبل شركات اقراض وبشكل مباشر لا تخضع لرقابة اي جهة، وتسببت على مدار السنوات الماضية في مضاعفة اعداد الغارمين والغارمات والمدينين والذين تصل اعدادهم الى ما يفوق 100 الف مواطن، مستغلة حاجتهم لامتلاك بعض من كماليات الحياة التي يرغبون في اقتنائها او حاجتهم الى تغطية نفقات اخرى من خلال اغوائهم بسهولة الحصول على التمويل وبسرعة فائقة وبضمانات ومتطلبات اقل بكثير من البنوك والمؤسسات المصرفية المرخصة لكي يلجأوا اليها دون اي مراعاة او دراسة او استفسار عن الدخول الشهرية وقدرة المشتري على السداد.
عمليات التمويل تلك وغير القائمة على دراسات وتحليل منطقي وواقعي لظروف المقترض او المشتري ستستمر في استنزاف الدخول الشهرية للمواطنين وكذلك انهيار العديد من الاسر وهذا ما نلمسه في كل يوم لجار وصديق وقريب وكثير من الاسر التي دمرتها مثل هذه الانواع من التمويلات، فلا يمكن لعاقل ان يتخيل انه يستطيع امتلاك سيارة موديل حديث او تلفاز او اثاث بيت وموبايلات على الهوية فقط دون اي متطلبات اخرى، باستثناء كفيل درجة اولى وهنا الكارثة فاذا كنت متزوجا ستكون زوجتك الكفيل وان كنت اعزب فسيكون امك او ابيك او اخيك هو الكفيل، ومن هنا تأتي المشاكل الاسرية عند تعثر المقترض ولجوء الممولين الى القضاء لاسترداد قيمة اقساطهم وتمويلهم التي هي دائما اعلى باضعاف من ثمنها كاش.
وما يؤكد هذا الشيء هو أن أعداد المطلوبين لدوائر التنفيذ القضائي المدني، وصل الى (134861) مدينا حتى نهاية العام 2019، وبالتأكيد أن هذا العدد ارتفع كثيرًا في ظل الجائحة، والغريب هنا وما يؤكد أن هذه التمويلات غير القائمة على اسس صحيحة و غير مراقبة ساهمت في مفاقمة اعداد الغارمين إلى أن وصل عدد الغارمات ما بين عامي 2014- 2019 الى عشرة أضعاف، فقد وصل عدد «الغارمات» إلى (62) الف اردنية، معظمهن عليهن مبالغ مالية تقل عن (1000) دينار واللائي معظمهن مدينات لشركات التمويل والمشاريع الصغيرة وعددهم يصل (15) ألفا.
والمثير للدهشة أكثر ويؤكد كل ما ذهبت اليه، أن ما نسبته 72٪ من المتعثرين مدينون بأقل من (2000) دينار وعدد المطلوبين على مبالغ أقل من (1000) دينار وصل عددهم (37.723) الفا وعدد المطلوبين على أقل من (2000) دينار عددهم (25.362)الفا، اما المطلوبون على مبلغ ما دون (3000) دينار فقد وصل عددهم (13207).
مثل هذه العمليات التمويلية والتي تتفاقم في كل يوم يجب ان تتوقف فورا وان يتم وضع ضوابط كثيرة لها وباشراف حكومي لحماية المقترض اولا من اغراءات هؤلاء الممولين واستغلال حاجاتهم وثانيا حماية الكفيل الذي هو قرابة من الدرجة الاولى، والا ستستمر وتتفاقم قضية الغارمين والغارمات بشكل اوسع وستدمر بيوتا واسرا وتساهم الى حد كبير في التفكك الاسري الناتج عن الخلافات على عمليات السداد ما بين المقترض وكفيله، فهل هناك نية أو توجة لوقف هذا العبث؟.