سجادات الورود في بولندا تقليد فنّي تتوارثه الأجيال
جفرا نيوز - ترتّب كاتارزينا كاتشماريك بعناية مجموعة ورود على أحد الأرصفة أمام منزلها لتعدّ إلى جانب جيرانها سجادة ضخمة ملوّنة يصل طولها إلى أكثر من كيلومترين وتعبر قريتها سبيتشيميرز الواقعة وسط بولندا.
وتوضح كازماريك (38 سنة)، وهي مزارعة وأم لولدين، أنّ إعداد سجادات من الورود لمناسبة عيد القربان المقدّس الذي يصادف بعد ستين يوماً من عيد الفصح، يمثل "تقليداً يعود إلى أكثر من مئتي سنة وتتوارثه الأجيال".
وكان تقليد إعداد السجاد أُدرج السنة الفائتة في قائمة اليونيسكو للتراث الثقافي غير المادي، لكن منذ سنوات عدة أصبح هذا العمل الفني مصدر إعجاب لآلاف الأشخاص.
ويرجع إعداد سجادات الورود إلى التقاليد التي كانت سائدة في القرون الوسطى، إذ كانت الحدائق الملكية توفّر في يوم عيد "القربان المقدّس" زهوراً للكنيسة تُستخدم لتزيين الكنائس بهدف إضفاء طابع جمالي على الاحتفالات بعيد كوربوس كريستي.
ولإعداد سجادتها، ترسم كاتارزينا كازماريك بالكلس الشكل الذي ترغب في اعتماده ثم تحدد إطاره بالتراب وتملأ المساحة الفارغة بالرمل الذي تنشر فوقه بتلات الورود، في مهمة أشبه بالتلوين. وتقول "يستطيع كل شخص أن يختار الأشكال التي يريد، إذ لا يُفرَض أي أسلوب على أحد".
وتوضح أنّ "إعداد السجاد كان مختلفاً بالعودة إلى إحدى الحقبات، إذ لم تكن الأشكال معتمدة"، مضيفةً "أخبرتني جدتي أنهم كانوا بكل بساطة يمزجون البتلات بشكل عشوائي وينشرونها على الرصيف".
وتُقطف الورود والأوراق ولحاء الشجر والأعشاب المستخدمة في إعداد السجادة من الحقول والحدائق المحيطة قبل أيام عدة من العيد.
ويقول غريغور غوركا (49 عاماً) الذي يسكن في منطقة تبعد كيلومتراً واحداً عن سبيتشيميرز إنّ "التقليد يشير إلى أن كل شخص ينبغي أن يعمل على سجادة تمتد على طول منزله". ويضيف "بينما يبلغ طول أحد المنازل عشرة أمتار، يصل طول بيت آخر إلى 150 متراً. وعندما ينهي أحدهم السجادة أمام منزله يقدم المساعدة للآخرين".
ويمثل إعداد سجادات الورود تقليداً ثابتاً، ويقول غوركا "يخبرنا كبار السن في القرية أنّ سجادات الورود لم تكن حاضرة في الموكب إلا مرة واحدة فقط لأن عاصفة اندلعت في القرية أدت إلى بعثرة الورود بعد الظهر".
وقد تكسب سجادات الورود أهمية أكبر بعدما أُدرجت في كانون الأول/ديسمبر الفائت على لائحة اليونيسكو.