الزراعة بوصلة الأمن الغذائي الغمر أنموذجا
جفرا نيو:ـ د عبدالحكيم القرالة
يتصدر الأمن الغذائي أولويات معظم الدول في ظل اختلال وانقطاع في منظومة سلاسل التوريد وانسياب البضائع خلفتها أزمات اقليمية ودولية ألقت بتداعياتها السلبية على النظام الاقتصادي الدولي وطالت معظم أجزائه في مختلف أرجاء المعمورة.
الأهمية الاستراتيجية لمنظومة الامن الغذائي في أي دولة ليست حديثه أو مستجدة، بل على العكس، فلطالما تضع الدول مسألة تأمين الغذاء لشعوبها بشتى الطرق والوسائل سواء بالانتاج المحلي او الاستيراد من مصادر دائمة وامنه، في مقدمة ثوابتها، غير أنه يتصدر الأولويات عندما تشتد الأزمات.
الأمن الغذائي كجزء من منظومة الامن الوطني الاردني هدف استراتيجي لدى صانع القرار بضرورة تحقيق هذا الهدف وديمومته وأن لا يتأثر بالاهتزازات أو الارتدادات التي تخلفها أي أزمة على الصعيدين الإقليمي والدولي، ما يتطلب وضع خطط واستراتيجيات شمولية لتحقيق الغاية المرجوة.
لا يختلف إثنان على أن الإهتمام بالقطاع الزراعي وتطويرة جوهري واساسي في تحقيق الامن الغذائي الوطني وذلك باستغلال المناخات المتعددة في المملكة، فضلا عن خصوبة التربة والمياه، خصوصاً في منطقة وادي الاردن لاقامة مشاريع ريادية ونوعية ترفد سلة الغذاء.
من هنا فإن الحل يكمن في إقامة مشاريع زراعية ريادية ونوعية قادرة على تأمين العديد من المنتوجات الزراعية خصوصاً الزراعات الأساسية كالقمح والخضروات والفواكه بمختلف أصنافها.
وفي هذا فان المشروع الزراعي النوعي المقام على أراضي الغمر بإشراف الجيش العربي الأردني يعد نموذج نجاح لمشروع زراعي ذكي ومتطور ينتج العديد من الاصناف وبموازاة ذلك يوفر مئات من فرص العمل، ما يتطلب تعميم تجربة هذا المشروع وغيره من المشاريع الناجحة ليكون لبنة أولى نحو قطاع زراعي متطور ونموذجي في المنطقة والعالم.
ما يميز هذا المشروع في عامه الاول؛ أنه يطوع التكنولوجيا الحديثة في الزراعة ويقوم بزراعة الف دونم من الخضراوات وتصل انتاجيته الى ما يربو على ثلاثة الآف طن من صنف الفلفل حالياً، فضلاً عن مشاريع مستقبلية تهدف الى إنتاج الآف الاطنان من الخضراوات.
المتمعن بتفاصيل المشروع يدعو صناع القرار والمعنيين بالقطاع الزراعي من القطاعين العام والخاص الى إيجاد منظومة تشاركية وتكاملية لتعميم مثل هذه التجارب والمشاريع الناجحة على مختلف مناطق المملكة خصوصاً التي تتمتع بميزات طبيعية نوعية، وتقديم كافة سبل الدعم لها وصولا لتحقيق الغاية المرجوة بايجاد نماذج زراعية ريادية وناجحة تعود بالنفع على الامن الغذائي الوطني.
مشروع الغمر ليس المشروع النموذجي الوحيد في المملكة بل هنالك الكثير من المشاريع التي تحتاج الدعم الرعاية لتطويرها والعمل على الاخذ بها كنموذج نجاح يمكن استنساخه في الكثير من محافظات المملكة.
ختاماً، يوما بعد يوم نزداد يقيناً بأن تعزيز الامن الغذائي الوطني يتطلب وبلا تردد الاستثمار في القطاع الزراعي خصوصاً في ظل توفر ميزات طبيعية ومناخية تؤهل هذا القطاع أن يكون صمام أمان للوطن برغم كل التحديات، فضلاً عن امكانية مساهمته الكبيرة في رفد الناتج القومي الإجمالي اذا ما تهيأت له ظروف ملائمة وداعمة.. والكرة في مرمى الجهات المعنية وذات العلاقة...