في عصر الرقمية لماذا سيكون الـمستقبل لأدب الطّفل العربي؟
في عصر الرقمية لماذا سيكون الـمستقبل لأدب الطّفل العربي؟ ستة أسباب تدعونا لقول ذلك.
جفرا نيوز - كتب - د. محمود أبو فروة الرجبي - جامعة الشرق الأوسط
لا بد لنا من التفاؤل بمستقبل أدب الطفل العربي، ورغم الأصوات المتشائمة من الـموضوع، والّتي تربط بين موت أدب الطّفل العربي أو تراجعه على الأقل بسبب انتشار الرقمية، وألعابها بين الأطفال إلا أنني أتفاءل بذلك، ولعدة أسباب:
الأول: ظهور طبقة جديدة تؤمن بالقراءة
من الملاحظ زيادة الوعي لدى بعض الناس لأهمية القراءة بالنسبة للأطفال، وخاصة لدى الأمهات الجدد ممن عشن مرحلة التعليم، والحياة الـمختلفة، والناظر إلى الـمجتمع العربي يلاحظ نمو هذه الطبقة التي تزور المعارض الدولية، وتبحث في الإنترنت عن قصص مناسبة لأطفالها، لأن هناك ثقافة إيجابية بنيت خلال السنوات الـماضية حول القراءة، وأهميتها، ودورها في صقل شخصية الطفل، وهذا سينعكس على أدب الأطفال، لأن القاعدة تقول إن زيادة عدد القراء قد تؤدي إلى زيادة الإنتاج في المجال، وهذا يعمل على تحسين نوعية المنتج.
الثاني: الرقمية، والإنترنت، سيساهم بتقليل تكاليف.
رغم أنني اعتقد أن تكاليف إنتاج كتب الأطفال، ليست السبب الوحيد، أو العائق الرئيس في انتشار كتب الأطفال الملونة، ذات الطباعة الـمتقنة في الوطن العربي، ومع ذلك فإن انتشار الإنترنت، وظهور عدد كبير من التطبيقات المهتمة بتقديم قصص الأطفال بأشكال مختلفة في اللغة العربية سيساهم بنشرها كثيرًا بين الناس، فبينما يحتاج الكتاب الورقي إلى تكاليف عالية، وصعوبة في الانتقال بين الدول العربية، ستسهل التطبيقات هذا الأمر، وبخصوص تكلفة إنتاج هذه القصص فإنها تدفع لمرة واحدة، وبعد ذلك لا يشكل إنتاج الـمزيد من النسخ الرقمية منها شيئًا يذكر، وهذا يدعونا للتفاؤل أن مستقبل انتشار أدب الأطفال بين الناشئة في وطننا العربي الكبير سيكون واعدًا، أما القول إن الكتاب الورقي أجمل فهذا راجع للتعود، والجيل الجديد من الأطفال سيكون رقميًا بالكامل، ويقول الكتاب الرقمي أجمل.
الثالث: صغار وكبار السن وإثراء التجربة
نلاحظ مع مرور الوقت ظهور عدد من الأدباء والاديبات المتخصصين في هذا المجال، قديمًا كان أدباء الكبار، عندما يكبرون في السن، ولأسباب لها علاقة بأحفادهم – عادة – يتجهون
للكتابة للأطفال، وهذا فيه إيجابية كبيرة، ولكن هناك إيجابيات أخرى تأتي من دخول صغار السن هذا المعترك، لأنه يثري التجربة، ويجعل أصواتًا جديدة حداثية تخوض غمار الكتابة للأطفال، وتنوع الأساليب السردية، والـمواضيع المطروحة.
الرابع: رسامون ومخرجون درجة أولى
في الوقت الحالي هناك عدد كبير من الرسامين والمخرجين ممن ساهموا في رفع سوية الكتب العربية الموجهة للأطفال، ويومًا بعد يوم يدخل هذا المجال عدد أكبر منهم ممن يطلعون على تجارب عالمية ثرية، وهذا سينعكس تدريجياً على نوعية أدب الطفل العربي.
الخامس: تغير الحياة في الوطن العربي
دخول الوطن العربي إلى الحداثة بكل ما تعنيها الكلمة، ستنعكس على شخصيات الأدباء، وهذا يؤدي إلى تحسن كبير في الـمحتوى الموجه للطفل، ويجعل شخصيات أدباء الأطفال أكثر جرأة على التجريب الأدبي الذي هو الأساس في أي تطور في الـمحتوى الموجه للطفل.
السادس: وعي الأدباء بقاموس الطفل اللغوي، وانتقائية الأفكار.
أصبح الأدباء العرب أكثر وعيا بقاموس الطفل اللغوي، إذ أن من أهم الفروق بين أدب الأطفال والكبار هو قاموس الكتابة، فهناك كلمات لا تستعمل للأطفال، وكذلك مواضيع يجب الابتعاد عنها، من الواضح أن الأدباء العرب أصبحوا أكثر وعي بهذا الأمر مما سينعكس إيجاباً على أدب الطفل العربي.
لهذه الأسباب كلها نعتقد أن أدب الطّفل العربي سيتطور، ويتقدم، ولن يكون الإنترنت عائقًا أمامه على الـمدى البعيد على الأقل.