القصيدة النسَّابة في مدح الملك أدامَ اللهُ إهابَه
جفرا نيوز - إبـراهيم السواعير
قال رسـولُ اللهِ صلّى اللهُ عليه وَسَلَّم: «كُلُّ سَبَبٍ وَنَسَبٍ مُنقَطِـعٌ يومَ القيامةِ إلاَّ سَبَبِي وَنَسَبِي»،.. والهاشِميَون كانوا وما يزالون عَبْرَ نِضَالِهمِ الطَّويلِ وتاريخِهِم المُشرِّفِ العريـقِ مَحَطَّ الأَنظـارِ ومَهْوى الأفئدةِ والجامِعِينَ لكلمَـة النّاسِ والمُعينينَ لَهُمْ والحافِظينَ دِماَءَهُم وأعراضَهم حتّى يقضِيَ اللهُ أمراً كان مفعولاً..
وَهُمُ الصَّفوَةُ الكرامُ، والسَّادَةُ الأَئِمّـةُ الأَعْـلامُ الذينَ تَناقلوا الـرّايَةَ كابراً عنْ كابر، وسَاروا بها في مُعْسِرَاتِ الأيّامِ ومَرِيرِها، لا يَبتغُونَ إلاّ رِضا اللهِ وَجَمْعَ الكَلِمةِ علـى الخَيْرِ والفَلاح.
وَجَلالةُ المَلِكِ عَبْدِ اللهِ الثَّانيِ ابـنِ الحُسَيْنِ حَفظَهُ اللهُ - هُوَ حَامِلُ لِوَاءِ الهاشِمِيّيـن، وسَلِيلُ إرْثِهِم العظيـمِ، وَوَريثُ مَجْدِهِم التَّليدِ، وَهُو السِّراجُ المُنِيرُ والمِشْعَلُ الوضّـاءُ الـذي يتَّصِلُ نَسَبُهُ الشَّريفُ بِجَدِّهِ المُصطفَـى صَلواتُ الله وسَلامُهُ عَليهِ - أبِي الزّهراءِ - وَجَدِّهِ عليِّ بنِ أبـي طالب كرَّمَ اللهُ وجهَهُ. وهُمَا قـدْ تواتـرَ نسبُهُما الكريمُ، عليهِما السّلامُ، تواتـُراً غيرَ مُنْقَطِعٍ، وتَعَاقُباً غيرَ مُنْفَصِمٍ، مُروراً بعدنانَ وإسماعيلَ وإبـراهيمَ الخليلِ وانتهاءً بجدّهِمـا آدَمَ عليه السلامُ، كمـا أثبتَتْ ذلـك كُتُبُ السِّيرةِ والتاريخِ ودَعَّمَتْهُ بمَا لا يرقى إليهِ شَكٌ أو ينفيهِ نُكران.
سَليلَ الأُلى، فَخرَ المُلوُكِ ذَوِي الشّانِ
مُنيرَ الثُّرَيَّا فِي مَعَالِمِ عَمَّانِ
أَدامَ لَكَ الوَهَّابُ مُلْكَاً، وَزَادَكُمْ
بَني المُصْطَفى نُوراً بِنُورِ ابنِ عدنانِ
وَسَدَّدَ مَسْعَاكُمْ على الخَيرِ والهُدَى
وَبَرَّأَكُمْ مِنْ كُلِّ زورٍ وَبُهتَانِ
فَأَنتُـمْ وُلاةُ الأَمـرِ، والنّاسُ أجْمَعَتْ
عَلَيْكـمْ بِلا رَيْبٍ؛ وَذا خَيْــــــــرُ بُرهَانِ
إِلَى نُورِكُمْ يَا مِشْعَلَ الدِّيْنِ وَالتُّقَــى
إِلَيْكُمْ أَتَيْنَا نَرْتَوِي عِشْقَ هَيْمَانِ
وَبَعْدُ، فَإِنّي لَسْتُ أدْرِي: أَسَيِّداً
بَدا، أَمْ مَلاكاً بــاتَ فـيِ ثَوْبِ إنْساَنِ
أَرَى واثِقاً كَالصَّقْرِ يَسْتَشرِفُ الرُّؤىَ
ويَمْلَؤُهُ الإصْرارُ، وَالأَمَلُ الْبَانِي
تَخَفَّى لِيَسْتَقصِي مِـنَ النّاسِ أَمرَهُمْ
وَيَجْبُرَ حَظَّ العاَثرِينَ بِتِحْنَانِ
تَكَلَّمَ حَتَّى عَدَّهُ الْقَوْمُ جَهْبَذاً
وَأفْرَحَهُـــم مِن بَعْدِ طُوفَانِ أحزانِ
فَعُـدَّ سِياَسِيّاً قَدِيْراً مُحَنَّكاً
وَحِيْـزَتْ لَــهُ الدُّنْيَا بِمَوْروثِ لُقْمَانِ
هُمُ الْقَوْمُ مَحْميُّونَ بِاللهِ رَبِّهِمْ
وَمَا خَذَلُــوا سَعْيَاً لِعَاجِــزَ ظَمْآنِ
إذا بَـانَ بَدْرٌ تَمَّ ثَــارَتْ جَوانِحِـي
حُسَيْنٌ، لَعَمـرِي كَمْ غِيَابُكَ أَشْجَانِي
أَراكَ بِعَبْدِ اللهِ فَانظُرْ مَن الفَتَى
غدا صِيتُهُ كَالنَّجْمِ فِي رِفْعَةِ الشَّانِ
زُهورُكَ قَدْ أَعْيَتْ مِنَ الشَّوْقِ وَالْهَوَى
رَوَاهُنَّ عبدُ اللهِ فــي خَيْــرِ بُسْتاَنِ
نَمَا دولةَ القانونِ والفِكرِ، فَاغْتَدَتْ
بناءً مــن الشُّــورى بِحِكْمَةِ يَقْظَانِ
غَدَتْ دَوْحَةً لِلرَّأيِ سَهلاً لِمَن أَتَى
يَحِجُّ إلَيْها بينَ صَفْحٍ وغُفْرانِ
مَلاذاً أَميناً للّذي حَلَّ لائِذَاً
فَجَاشَ بها في عَذْبِ شَجْوٍ وَألحَانِ
يقولونَ ودَّعْتُم هَصُورَاً نِزالُهُ
مُميِتٌ ، جَواداً وابنَ جُودٍ وإِحْسَانِ
فَلَيتَ غَزِيْراً عَانَدَ الْعَيْنَ ظاهِـــراً
طَوَى ضَوْءَهَا قبـلَ الحُسَيْنِ بِأَزمَانِ
فطُوبـى بَنـي عَدنانَ للشَّيْخِ وَالفَتىَ
وَلِلْمُجْتَبَى في الْمَهْـدِ تـاجـاً بتِيجَانِ
يَقــولُ أَبِي: مَنْ لِلْمُرُوءَآتِ غَيْرُهُمْ
كِـرَامٌ، وَهُمْ خَيْرُ الْمُجِيرِيْنَ لِلعاَنِـي!
رِجَالٌ، وَفِي سَاحِ الوَغَى خِلْتَ أَنَّهُمْ
أُسُودٌ مَهَاصِيْرٌ، بِذلكَ أوْصَانِي
هُمُ الْمُكرِمُونَ الضَّيفَ مِن حُرِّ مَالِهِمْ
إذا أَعْرَضَتْ عَن حَاسِر الوَجهِ عَيْناَنِ
هُــمُ الْجامِعُونَ النّاسَ لَمّا تَناَحَرَتْ
ومِـنْ قَبــلُ شَبَّتْ نَارَ بَغْيٍ وَعُدْوَانِ
هُمُ الكاسِبُـون الصِّيْتَ فَاسْعَدْ بِظِلِّهِمْ
رِمَاحٌ تَقِيْكَ الضَّيْمَ، أَشْــرَافُ أَعْيَانِ
هُـمُ الْعَــرَبُ الأَقحَاحُ رُوحاً ومنْبتاً
تَوَالَـتْ فُــروعَاً طَيِّبَاتٍ بِأَغْصــاَنِ
قَـدِرْتُمْ كِـرَامَاً، لَيْــسَ مَنَّاً عَطَاؤُكُمْ
وَكُنتُم مِثالاً في مُداوَاةِ أَضْغَانِ
فَأنْتُم شُمُوسٌ لَيْسَ يَخْفَى سُطُوعُهَا
وَمَوْرِدُكُمْ يَجْلُو بِجَهرٍ وَكِتْماَنِ
وَأَنتُمْ مَفاتِيحُ البِدَاياتِ كُلِّهَا
بِنُورِ النُّجُومِ الْهَادِيَاتِ لِحَيْرانِ
فمِنكُمْ رَسُـولُ اللهِ يلقَـىَ خَصِيْمَـهُ
بِصَدرٍ حَلِيمٍ كالهِضَابِ بِكَهلانِ
بَذَلتُمْ وَجَاهَدتُّم على الضِّيقِ والرَّخَا
وكُنتُمْ شُمُـوسَ الْكَوْنِ ضَاءَتْ بِنِيْسَانِ
وصُغْتُمْ مِن العَدلِ الْمُصَفَّى شِعَارَكُمْ
وَقُمْتُم إلـى التَّقــوىَ بِسَعْيٍ وَإِيْمَانِ
وَقرَّبْتُمُ الْمِسْكِينَ فَانْهَلّ دَمْعُهُ
إِلَيْكُم بِحِفْظٍ للجَميلِ وَعِرْفَانِ
كَفَفْتُمْ أَذَى مَنْ جَارَ بالسَّيْفِ عُنْوَةً
وَكُنْتُمْ لَنَا سَمْعَ القُلُوبِ بأَبْدَانِ
وَعَمَّرْتُمُ الأَركَــانَ مِـنْ بَعْدِ بَوْرِهَا
وَنَاصَرْتُمُ الْمغصُوبَ فِـي لَيْلِ حِرْمَانِ
وَكُنْتُمْ لِسَانَ الْحَقِّ فِي غَيْهَبِ الْوَرَى
وَكُنْتُمْ بِهِ بَطْشَ اليَدَيْنِ بِخَوّانِ
وَأَنْصَفْتُمُ المظلُومَ لَمَّا اسْتَفَزَّهُ
عَلـى الْيَأسِ هَـمٌ فَانْتَشَى نَشْوَ جَذْلاَنِ
وَلَمْ تَرتَضُوهَا فِتنَةً جَاهِلِيَّةً
وَأَلَّفْتُمُ القُربَى بِهَدْيٍ وَفُرْقاَنِ
وَلَمْ تَرتَجُوا إلاّ رِضَا اللهِ رَبِّكُمْ
وَلَـمْ تَشْتَروا الدُّنيَا بِبَاخِـسِ أَثْمَــانِ
وَسِرْتُمْ بِآيـاتٍ مِنَ النُّورِ أَعْجَزَتْ
تُزِيحُ خَفَايَا الْجِنِّ فـي بَطْــنِ كُثْبَانِ
فَــلا الهَاشِمِيُّونَ الغَطاريِفُ أحْجَمُوا
عَنِ الْخَيْرِ، يَزْهُو فَوْقَ مَنْكَبِ إِحْسَان
وَلا الشَّمْسُ يَوْمَاً عَـنْ رُؤَى النَّاسِ تَخْتَفِي
وَلا الْعَيْنُ تَعْلُو فَوْقَ ظاهِــرِ أَجْفَانِ
فَكَمْ طَيِّبٍ رَوّى الميَادِينَ لاثِماً
ثَـراهَا، وَأَغْفَــى فِي فَرَادِيسِ تِحْنانِ
وَكَـمْ سَيِّدٍ لا يَعْــرِفُ الرَّوعُ مَسْلَكاً
إلَيْهِ فَأَبلى مُثْخِنَاً أَيَّ إثْخَانِ
وَلا يَنشُرُ المعرُوفَ إلاَّ رِجَالُهُ
صَنَادِيدُ تَسعَى سَعيَ كَاسِرِ غَضبَانِ
أَقُـولُ، وَنَحْــنُ الأُرْدُنِيِّينَ حَوْلَكُمْ
لَكَ البَيْعَةُ الكُبـرىَ بِأَصْــرَحِ عُنْوَانِ
فَسِرْ يَاوَريْثَ الْمَجْدِ، وَأْمُرْ بِمَا تَرَى
تَجِدْنا الرِّمَاحَ النافِذَاتِ لِطَعَّانِ
وَحَاسِدُكُمْ يَلقَــى المـرَارَاتِ بَعْدَمَا
تَمَيَّزَ مِن غَيْظٍ بِنَاجِذِ أَسْناَنِ
وَلَيْسَ عَلَينَا مِـنْ حَسُــودٍ مُـزَايِدٍ
يُبدِّلُ كَالْحِرْباَءِ لَوْناً بِأَلْوَانِ
فَإِنْ شِئتَنَا للِسِّلْمِ كُنَّا حَمَامَهُ
وَإِنْ شِئتَنَا لِلْحَربِ لاهِبَ بُرْكانِ
جُذُور ٌوَرَبِّي لَيْسَ تَمْحُو أُصُولَهَا
رَحَى الْمَوْتِ قَدْ رَوَّتْ أَشَاوِسَ فُرْسَانِ
وَأَنـتَ عَمِـيْـدُ الْقَوْمِ والْبَالِغُ السَّمَا
وَأَنْتَ كَفِيْلُ الْحَـقِّ فِـي كُـلِّ مَيْدَانِ
تَحـدَّرْتَ ثَبْتَاً رَاسِـخَ الْعــرْقِ بَيِّنَاً
مِـنَ السَّادَةِ الغُــرِّ الصِّحَاحِ بِنُجْحَانِ
تَحَارُ بِكَ الأقْلامُ يَا شَيْـخَ هَاشِـــمٍ
وَيَعْجَزُ عَنْ وَصْـفٍ لَكُمْ كـُلُّ تِبْيَانِـي
تَسِيْرُ بِـكَ الأُرْدُنُّ لِلْمَجْــدِ وَالْعُلَى
فَجـزْتَ بِهَا بـَـرَّ الأَمــانِ بِإِتْقـَانِ
وَجَدُّكَ بِالدُّسْتُورِ أَرْسَى شَرِيْعَـــةً
إِلـَـى يَـوْمِنَا هَـذَا، إِلَى يَوْمِ نُشْرَانِ
زَهَا نُورُهُ رَيْحَانَةَ الزّهْـرِ قَاصِـداً
مَعَانَ لِجَمْـعِ الـرَّأيِ فِي قَصْرِ بَسْمَانِ
أَتَــتْ بَحْرَهُ تَرْجُــوهُ ثَأراً جَحَافِلٌ
حَسَاهَا (حُسَيْنٌ) ثَوْرَةً من دَمِ الجَانِي
وَنَادَى: أَلاَ قَــدْ أَتْــرَعَ الكَيْلُ حَدَّهُ
وَحَلَّتْ بَنُو عُثمانَ عَهْدَ ابنِ عُثمانِ
فَمِنْ صَهْوَةِ الشَّقْــراءِ رَوَّى عَفِيْرَهَا
وَأَطلـقَ في البَيْدا رَصَاصَــةَ شعبَانِ
وَفَكَّ خُيوُلاً صَافِنَاتٍ تَعَذَّبَتْ
وَقَدْ قَيَّدوُهَا في مَرابِطِ أَرْسَانِ
هُوَ ابْنُ (عَلِيِّ ) بْنِ (المُحَمَّدِ) يَهْتَدِي
بِـ (عَبدِ المُعِينِ) الحُرِّ من (عَوْنِ) أعْوانِ
فَياَ راَعِيَ الْهَدْلاَ هَلِ الخَيلُ تَرتَجــي
بِغَيرِكَ يَا عَوْنَ الرّجَالِ لِمَيْدَانِ
وَ(مُحْسِنُ) فَانْظُر كَيفَ جَادَتْ ذِرَاعُهُ
بِمَكَّةَ فَيْضاً نَالَ شيْباً بِشُبَّانِ
تَوَلاّهُ (عَبْدُ اللهِ) غَرْسَاً يُعِدُّهُ
لِيَوْمٍ كَهَذَا بَيْنَ رَبعٍ وَجِيْرانِ
وَكانَ (حُسَيْنٌ) شَاهرَ السَّيفِ مُصْلَتَاً
بِـهِ، وَاسِماً حَدَّيْهِ بالأَحْمــرِ القَانِـي
وَمَن مِثْلُ (عَبدِ الله) فِي حَومَةِ الوَغَى
رَمَـى النِّدَّ فِي الْهَيْجَا بِدَاثِرِ خُسْراَنِ
وَبِـ(الحَسَنِ) الصِّنْدِيدِ لانَـتْ كَوَاسِرٌ
فــآبَ مـن اسْتَعْدَى الْجُيوشَ بِبُطْلانِ
(مُحَمّدٌ الثّانـي) رَمَى هَمَّ قَوْمِـهِ
وَسَدَّ عَلَيْــهِ الْبَابَ مِـنْ غَيْرِ رُجْعَانِ
وَذَا (بَرَكَاتٌ) أَلجَمَ السَّبْعَ بَأسُهُ
فَعَادَ أَلُوفَاً مُسْتَكِيْنَاً بِإِذْعَانِ
وَمَا خِبْتَ يَا مَنْ كُنْتَ تَرْجُو مُحَمَّدَاً
لِنَيْلِ الْعَطَايَــا يـوْمَ عُدْتَ بِمَــلآنِ
وَمِنْ (بَرَكاتِ) الصَّبْرُ يُرْجَى، وَغَيْرُهُ
رَمَتْهُ الَّليَالِي بَيْنَ رَيْبٍ وَ إِيمَانِ
وَذَاكَ أَمِيْرُ الْحَجِّ، مَنْ جَـاءَ يَحْتَمِـي
بِهِ نَالَ مَـا يَرْجُوهُ بـ «الْحَسَن»ِ الْحَانِي
وَقَـدْ كَانَ (عَجلاَنُ) الغِضَنفَرُ فارِسَاً
وَلَيْثَاً تَخَطَّـى ذُرْوَةَ الإِنْــسِ وَالجَانِ
وَمَــا ذَاكَ إلاّ مِـنْ (رُمَيْثَةَ) فَاحْتَوىَ
خَصَائِلَهُ فَافْخَرْ بِهِ وَبِعَجْلاَنِ
وَذاَ الأَوَّلُ الْبَاهِـــي ضِيَاءً مُحَمَّدٌ
لِسَانٌ إِذا اسْتَوْلَى لآلِئُ مُرجَانِ
وَبِـ (الْحَسَن) الضِّرْغَامِ يَعْلُو وَيَعْتَلِــي
إِلـَـى سِـدْرَةِ الْعَلْيَـا بِـطَيِّبِ أَرْدَانِ
(عَلِيٌ) بِـهِ تُبْلَــى ثِقَالٌ جَسِيمَـةٌ
مِـنَ الهَمِّ يَجْـلـوهَـا بِمَنْطِقهِ الْهَانِي
وَإِنْ ذَكَــرُوا يَـوماً (قَتَادةَ) أَسْبَلُوا
عَلَيْهِ بِدَمعٍ لاَ يَجِفُّ بِنِسْيَانِ
وَ(إِدْرِيسُ) كالشُّؤبُوبِ في مَاحِلٍ جَرَى
فَأَجْـرَى سُيُولاً فِــي مَـرَابِعِ وِدْيانِ
(مُطَاعِنُ) طَعَّانُ العِدَى إِنْ دَعَا النِّدَا
لِحَربٍ ضَرُوسٍ خَاضَ مِنْ غَيْرِ حُسْبَانِ
وَوَالِدُهُ (عَبْدُ الْكَرِيْم) اكْتَسَـتْ بِــهِ
عُرَى الْمَجْدِ نُـورَاً وَافِرَاً دُونَ نُقْصَانِ
وَ(عِيْسَى) شَوَاظُ النّارِ فِي قلبِ خصْمِهِ
أعَـادَ عُصَـاةَ الْحـَقِّ ثُلّـــَةَ أَقْيَانِ
وَهَـذا الَّــذِي لا يَعْرفُ الشُّحَّ بَابُهُ
(حُسَيْنُ) المؤَدِّي حَقَّ كَاسٍ وَ عُرْيَانِ
وَكان (سُليمانُ) المُرَبِّي مَعِيْنَهُ
وَقَـدْ قِيْـلَ إنَّ الجُـودَ جُـودُ سُليمَانِ
وَهَـذَا نَمَـا مِـنْ لاَجِبٍ كَـانَ قلْبُهُ
غَدِيْــرَ فُـراتٍ مِـنْ (عَليٍّ) بِإِعْلاَنِ
عَلَيْكَ (بِعَبْدِ اللهِ) إنْ شَحَّ مَانِحٌ
وَأَعْـرَضَ عـَنْ بَذْلٍ مُعِيْنُ بْنُ مِعْوَانِ
رَعَـى ذِمَّةً ظَلَّتْ عَلَـى عَهْدِهِ بِهاَ
غَيُوراً حَوَاهَا مـنْ (مُحَمَّدٍ) الْبَانِــي
وَ(مُوسَى) ارْتَضَاهَا ثَوْرَةً جَابَ حَوْلَهُ
خُيُوْلاً دَوَتْ ذُعْـراً بِكَيْــدٍ وَعِصْيَانِ
وَذَلِكَ (عَبْدُ اللهِ) أَمْضَىَ بِعَزْمِهِ
شرَائِعَ لَمْ تُنْسَجْ بِنَوْلٍ وَخِيْطَانِ
وَ(مُوسَى) بِحَمدِ اللهِ تَلْقَـى ثِقَاتِـهِ
جَوَانِبَهُمْ حَلَّتْ خَمَائِلُ بُلدَانِ
وَوَالِدُهُ قَدْ فَكَّ أَغْلاَلَ عَصْرِهِ
فَأَكْـرِمْ (بِعَبْــدِ الله) وافْخَرْ بِشُجْعَانِ
عَلَى (الْحَسَنِ) المرحُومِ نَاحَتْ بَلاَبِلٌ
وَهَاجَتْ عَلىَ قَبْـرِ المثَنَّى بِأَشْجــاَنِ
وَ(لِلْحَسَنِ) السِّبْطِ اتّكَالٌ بِرَبِّهِ
جَنَاهُ ثِمَاراً تَالِدَاتٍ بِلاَ آنِ
(عَلِيُّ) إِمَامُ النَّهْجِ فِي الشَّرْقِ هَمُّهُ
غَدَا حَسَراتٍ هاصِراتٍ بأَذهَانِ
إِمَامـاً بَلِيْغــاً شَجَّ بالسَّيْفِ عُصْبَةً
وَشَجَّ بِأُخْرَىَ رَأْسَ أَسْحَمَ ثُعْبَانِ
يَشُدُّ عُرَاهُ مِنْ مَصَابِيْحِ وَالِدٍ
(أبِـي طَــالِبٍ) مَا جـرَّبُوه بِخُذْلاَنِ
تَلَقّـى ابــنَ عبد ِاللهِ كَالطَّوْدِ حَادِبَاً
وَرَدَّ القُرَيْشيِيِّنَ مَا كانَ بِالْوَانِي
(مُحَمَّدُ) مِـنْ مَوْفُورِهِ مَسَّ مَائـِداً
مَـراَهُ مَـرِيْئَاً مِــنْ مَشَارِبِ مِعْوَانِ
هُوَ الصَّادِقُ المُختَارُ طَــهَ مُحَمـدٌ
أبُـو القَاسِــمِ الهَادِي حواضرَ أوثاَنِ
قَضَـى رَبُّــهُ أَمـراً فَمَنْ ذَا يَرُدُّهُ
وَقَدْ أَرْعَدَ الدُّنْيَا لأَطْهَرِ جُثْمَانِ
وَ(شَيْبَةُ) إذْ عَدَّ الْقِدَاحَ مُبادِراً
إلَى طِيْب نَذْرٍ يَفْتَدِيْهِ بِقُرْبَانِ
وَذَا هَاشِمٌ، ذَا عَمْرُو فِي مَكَّةَ انْبَرى
لِهَشْمِ ثَرِيدٍ فِي مَضَارِبِ خِلاَّنِ
وَ(عَبْدُ مَنَافٍ) نَـافَ فازْدَادَ فَضْلُـهُ
عَلى قَوْمِهِ وَازدَادَ رَحْباً بِدِيْوانِ
وَكـان (قُصَيٌّ) وَالـيَ البَيتِ مُذْ بَدا
فَطِيْماً يَلُوحُ العِزُّ فِيِهِ بِسُلطاَنِ
أَبُـوه (كِلاَبٌ) سَلَّ سَيْفاً مُؤَزَّراً
لِيَومٍ عَبُوسٍ دَبَّ وَقْرَاً بِآذَانِ
وَ(مُرَّةُ) لمَّا جــرَّع الخصـمَ مُرَّهُ
وَسَلَّ أَذاهُ وَهْوَ آفَةُ بُغْيَانِ
وَ(كعبٌ) وَمَنْ فِي فائِتِ الدَّهرِ مِثْلُهُ
تأرَّخَ فـيِ صَـدْرِ الـرِّجالِ بِنيشـَانِ
وَكانَ (لُؤّيٌ) لِلْمظَالِيمِ لاعِجاً
مَرِيراً وَلَمْ تَنْفَعْ تَمائِمُ سلوَانِ
وَ(غالبُ) يَغْشى الْمَوتَ، وَالْجَيْشُ غَالِبٌ
حَمِيَّتُهُ تُحْيـي الشُّيُـــوخَ بِرَيعـَانِ
وَ(فَهْرٌ) هُوَ الْمِضْيَافُ فِي عَاسِرِ الطَّوَى
إِلَيْهِ تَهَادَى الْمَدْحُ مـِنْ غَيْـرِ هِجْرَانِ
وَ(مَالِكُ) بَسَّامُ المُحيَّا لِضَيْفِهِ
وَلِلجَارِ يَنأَى عَـن بَخيــلٍ وَأَدْرَانِ
وَذَا (الْنَّضْر)ُ قَادَ النَّاسَ لِلْمَجْدِ وَالْعُلا
وَحَرَّرَهَــا مِــنْ ذُلِ حَبْسٍ وَسَجَّانِ
(كِنَانَةُ) أدْمَى بالنِّبَالِ كِنَانَةً
لأَعدَائِهِ يَومَ اشْتِجارٍ وَنيرانِ
كَــرِيمُ السَّجَايـاَ وَالعَطَايَا (خُزَيْمَةٌ)
كَرِيْحٍ رَخَاءٍ أرْسَلُوهَا بِرَيْحَانِ
وَ(مُدرِكَةٌ) أدْلَى مَـع القَــومِ دَلْوَهُ
فَمازَ بِــهِ عَــنْ كُـلِّ دَلْوٍ بِرُجْحَانِ
وَ(إليَاسُ) مَحْموُدٌ بِمحموُدِ زَرْعِــهِ
سَقَاهُ فَجَاد الزَّرْعُ رَيّاً بِرَيَّانِ
وَذَا (مُضَــرٌ) ذَا مَـوْئِلُ الفَخْرِ كُلِّهِ
إلَيْهِ انْتِسَابٌ لاَ يُشَابُ بِنُكراَنِ
وَذَاكَ (نِزَارٌ) أَوْرَثَ الْمَجْدَ لابنِهِ
فَسَارَ عَلى عَهْدٍ وَطِيدٍ وَأرْكَانِ
فَمَنْ يَا (مَعَدٌ) لِلْمَلمَّاتِ عَائِلٌ
وَيَا كافِلَ المُستَضْعَفِينَ بِأَيْمَانِ
وَمَازِلْتَ يَا (عَدْنَانُ) لِلْعُرْبِ وَالِدَاً
بَنَيْتَ لَهُمْ عِزَّ الْفَخـَـارِ بِأَوْطـَــانِ
تَرَجَّلَ (أَدٌّ) بَعْدَ أَنْ حَاطَ دَارَهُ
بِإِرْثٍ مِنَ الْمَجْدِ التَّلِيدِ لإِخْوَانِ
وَذَا (أَدَدُ) الْكَافِي لِمَنْ جَاءَ رَاجِيَاً
أَمَانَاً بـِهِ، حَتَّى اكْتَفَى كُـلُّ وَجـْـلانِ
وِ(إليَسَـــعُ) الصِّدِّيقُ قَدْ سَنَّ سُنَّةً
بِجَبرِ كَسِيرٍ أو شَرِيدٍ وَحَيْرَانِ
(هُمَيْسَعُ) تَهْـوِي عَاوِيَاتٍ عِدَاتُـهُ
كَمِثْلِ عِـوَاءِ الذِّئـبِ فِـي البَلَدِ الفانِي
(سلامَانُ) فِي كُلِّ الْمَلَمّاتِ سَالماً
يَعُودُ بَرِيئاً عَنْ كِهَانَةِ كُهَّانِ
وَ(نَابِتُ) نَبْتٌ طَالِعٌ فِي مَفَاوِزٍ
يُعَمِّرُهَا فاخْضَرَّ خَارِبُ عُمْرانِ
وَ(حَمْلٌ) بَنَـى مَــالا تُطِيقُ بِحَمْلِهِ
جِبالٌ ثِقَالٌ رَاسِيَاتٌ بِقِيعَانِ
وَ(قِيدَارُ)، لِلْعَلْيَا يَرَى الصَّعْبَ هَيِّنَاً
تَفَرَّدَ نَجْمَاً عَــنْ صِحَـابٍ وَأَقْـرَانِ
تهيَأَ (إِسْمَاعِيْلُ) لِلذَّبْحِ صَادِقَاً
فَلَيْسَ يُمَارِي فِيْهِ صَادِقُ إِيْمَانِ
وَذَلكَ (إبراهيمُ) أَوفَى بِنَذْرِهِ
حَنِيْفَاً خليلاً فيِ ضِيَافَةِ رَحْمنِ
وَ(تَارِحُ) كَسَّابُ المُروءاتِ يَرْتَدِي
إزَارَ المعَاليِ مِـن مَكَارِمِ مِصــوَانِ
وَ(نَاحُورُ) أجْرَاهاَ دَعائِمَ فاسْتَوَتْ
دَعاَئِمَ عِزٍ شَامِخٍ شَمْخَ بُنْيَانِ
وَ(شَارُوخُ) أَمْضَى مِن شِبَا الرُّمْحِ حُجَّةً
وَأَقْطَـعُ مـِنْ حَدِّ السُّيوفِ بِبُرْهَــانِ
وَ(أَرْغُــو) سِرَاجٌ شَـعَّ صَادِقُ ضَوْئهِ
طَــوِيْلَ ظَـــلامٍ عـَمَّ غُرْبَةَ فِتْيَانِ
وَ(فَـالِجُ) لاَ شُلَّـتْ يَمِيـنٌ رَمَى بِهَـا
جُمُـوعَ الأَعَادِي مِــنْ مُشَاةٍ وَرُكْبَانِ
وَ(عَابِرُ) لَمَّا وَدَّعَـتْ رُوحُـهُ الدُّنَا
بَكَتْهُ السَّرَايَا مِـنْ شُيُــوخٍ وَغِلْمَانِ
وَ(شَالِحُ) شَدَّ العَــزمَ شَوقاً يَشُدُّهُ
لِبِيضِ المعَالِي كُلُّ أَرْوَع مِطْعَانِ
وَ(أَرْفَخْشَذُ) الْمِقْدَامُ إِنْ دَارَتِ الرَّحَى
يُغَادِرُهَــا مـَا بَيْــنَ مَيْتٍ وَثَكلانِ
وَ(سَامُ) بنُ نُوحٍ أَشْعَلَ الشَّمسَ باَهِياً
بِنُورِ أَبِيْهِ بالْوصَاياَ وَأمتَانِ
وَ(نُوحُ) الّذِي قَدْ قَاربَ الأَلْفَ داَعِيَاً
وَنَــاحَ شَفُوقَـاً مِـنْ سَحائِبِ طُوفانِ
وَ(لامِــكُ) يُخْفِـي مَا تُعَدّي يَمِيْنُهُ
وَلاَ يَبْتَغِــي حَمـــداً وَلَيسَ بِمَنَّانِ
(مُتُوشَالِحُ) البتَّارُ بَتَّارُ عَصْرِهِ
يَعُــوذُ بِـهِ المرعُوبُ مِن هَمِّ غِيْلانِ
وَ(إِدْرِيسُ) أَخْنُــوخُ النَّبِـيُّ مُبَشَّرٌ
مِـن اللهِ بالـجنَّاتِ فِـي دَارِ رَضوَانِ
وَ(يَرْدُ) الخَطِيبُ الجَاهِرُ الصَّوتِ أَغْلَبٌ
وَلَيْـسَ تُجَارِيــهِ بَــلاغَةُ سحْبَانِ
وَقَـدْ مَـدَّ (مِهــلايِيلُ) أخضَرَ عُودِهِ
فأَثْرَى بِـهِ مِـن بَيـنِ يابِـسِ عِيدانِ
وَ(قِيْنَانُ) إنْ حَلَّتْ بِقَومٍ مُصِيبَةٌ
يُعَالِجُهَا مِنْ جُوْدِهِ غَيْرَ نَدْمَانِ
وَسادَ (أنوشُ) الْمُقرِيُ الوَحشَ فيِ الفَلا
بِنَحْرِ جَزورٍ فِـي مَعـاطِــنِ أضْعَانِ
وَ(شيْثُ) ابتَدَتْ مِن بَعْدِهِ النّاسُ تَقْتَفِي
سُرَاهُ وَقَد خَطَّت بِمَوعِدِ إيذانِ
وَ(آدَمُ) أَصْلٌ وَالبَرايا فُروعُهُ
رَوَاهَا فَرَوَّى النَّامِيَاتِ بِأَفْنَانِ
فَجُدْ بِبَصِير العَيْنِ وانْعِمْ فَهَل تَرَى
سِـوَاهُمْ وَقـد سَاروا تَواتــرَ عُقبانِ
وَمَا ضَيَّعُوا عَهْداً عَلى الدِّينِ فاسلِكُوا
مَسالِكَهُمْ فِي كُلِّ فجٍ وَبُنياَنِ
وَفِيْئُوا إليهمِ وَاستفِيئوا بِظِلِّهِمْ
وَلا تنفُثُوا سُمَّاً لِجَاحِدَ فتَّانِ
فَطَاعَتُهمْ فِــي مُحْكَمِ الشَّرعِ وَاجِبٌ
عَليكُمْ لِزامَاً لِلْبَعِيدِ وَلِلدَّانِي
وَأَحْمدُ رَبِّي حَمْدَ مَنْ قَالَ وَاهْتَدَى
فَأَلْهَمَهُ القَولَ السَّدِيدَ بِتِبْيَانِ
وَمَنَّ عَلَيْهِ مِنْ مَقَابِيْسِ عِلْمِهِ
وَأَلْبَسَهُ بِالشُّكْرِ صَادِقَ وُجْدَانِ
وَصَلَّـى عَـليكَ اللهُ يـا طَيِّبَ الثَّناَ
وَيَا خَاَتِمَاً للِمُرسَلِينَ بِقُرآنِ