ضياع بوصلة الإصلاح التربوي
جفرا نيوز - بقلم د. ذوقان عبيدات
يُضافُ دليلٌ جديدٌ إلى هشاشة نظامنا التربوي، وهذا تقرير البنك الدولي 2021 يدلنا على مكمن الضعف، يتعلم أبناؤنا ما معدله 7:7عامًا دراسيّا. نحن نحبسه اثني عشر عامًا، ونعلمه 7:7عامًا، فالكفاية الداخلية للتعليم ضعيفة جدّا، فأكثر من ثلث الأعوام الدراسية هَدْرٌ، وقضاءُ وقتٍ لا تعلُّمَ فيه! ومع ذلك نشكو من قلة الإنفاق على التعليم.
أما الكفاية الخارجية للتعليم - وهي ذات الصلة باكتساب الأهداف التي نسعى لتحقيقها- فقد كشفت الاختبارات الدولية، ومعايير فقر التعلّم عن هشاشتها، فهي أشدّ قسوة من الكفاية الداخلية.
إذن: تتحدد مشكلة التعليم في الأردن بضعف الكفاية الداخلية، والكفاية الخارجية. وهذا يعني كما يقول المنطق أن تطوير التعليم يبدأ من هنا. وأن أي تطوير لا ينطلق من تحديد المشكلة هو مزيد من التسكين والتضليل.
هذه مقدمة بسيطة حول المشكلة وطريق الإصلاح! فماذا فعلنا، وماذا نحن فاعلون؟ لست ضدَّ أحد، ولكنّ هناك مسؤولين عن ضعف كفايتي التعليم، وهم جميع المسؤولين عن التعليم من وزراء، وأمناء، وأعضاء مجالس التربية في السنوات العشرين الأخيرة على الأقل!
لا أحد يريد مساءلتهم، ولا محاسبتهم، فليس في بلد الحُبّ والتسامح "الأردن" مكان للأحقاد والانتقام! لكن يُثار هنا سؤالان:
الأول، لماذا كلّفنا من كان سببًا في مشكلة التعليم بأن يطوّر التعليم؟ الأشخاص أنفسهم يتداورون، دمّروا التعليم، ثم كلّفناهم بإصلاحها وفق قانون عبد الحليم حافظ الشهير"اللّي شبكنا يخلصنا"!!!
والسؤال الآخر: لماذا ذهب من كُلّفوا بإصلاح التعليم بعيدًا عن المشكلة، واهتموا بجعل التعليم الثانوي والمِهنيّ ثلاث سنوات؟ فهل كانت مشكلة فقر التعليم ذات صلة بالتعليم المِهنيّ؟
ولماذا تم التركيز على التوجيهي وزيادة تعقيداته؟ وهل كان ضعف التعليم مرتبطًا بضرورة أن تصعدَ السّمكة إلى أعلى الشجرة أسوة بالعصفور؟
إذن: لجانُ إصلاح التعليم وهي مكوّنة من أشخاص لم يُعرف عن أيٍّ منهم أيُّ إسهام مسبق مثل: تأليف كتاب تربوي يحمل فكرَهُ، أو محاضرة علمية"غير تلفزيونية "أو مقالة له نقلَت رأيًا؟
إن حل مشكلة التعليم من أشخاص: لا خيل عندك تهديها ولا مالُ، لن يصلحوا التعليم! إدارة الأمور تتطلب التخلّص من المنافقين الذين يملأون الساحة، ويجمع بعضهم بعضا في لجان تطوير وإصلاح، لكن تتطلب أيضًا عدم مكافأتهم وجعلهم نجومًا تضيء على من اختارهم فقط؛ لأنهم يعملون في الظلام، ونحن ننظر إليهم من تحت الشمس فلا نرى أحدًا!! وهكذا نحن، فمشكلاتنا في وادٍ، ومن انتدبوا لحلها في وادٍ آخرَ!
لا أتحدث عن معجزات، فتطوير التعليم يبدأ بالمعلّم، ومع المعلّم، ومن أجل المتعلم، ونحن بحمد الله لم نضع معلّمًا في لجنة إصلاح، بل نضع كلّ المعلمين في مكانٍ آخرَ!!!