عام 2022 .. التماعات مدن أردنية في فضاءات الإبداع والأصالة والحضارة

جفرا نيوز - يشهد عام 2022 التماعات مدن أردنية؛ إربد ومأدبا والسلط، في فضاءات الثقافة والحضارة بكل جماليات تجلياتها الإبداعية والتراثية والإنسانية؛ لتعكس عمق الهوية الأردنية المتكئة على ماض مكلل بالفخار وحاضر يحمل في طياته آفاق مستقبل واعد وزاخر بالإنجاز.

والاردن الذي يمتطي صهوة المجد يسجل بحروف من ذهب، انثيالات ثقافة وتاريخ وحضارة مدنه؛ إربد والسلط ومأدبا .. مدن أردنية تتوج لعامي 2021- 2022 عربيا وعالميا، أيقونات تزخر بالابداع الانساني المتأصل عبر التاريخ بوصفها موئلا للثقافة والفنون والتراث والحضارة والعيش المشترك وقبلة للسياحة، ولتحمل هويته الثقافية والتراثية والحضارية ويسطع شعاعها إلى العالم بحضورها المنتشي بعبق الأصالة على امتداد ضجيج حركة الحقب والعصور، بعد أن تم اختيار إربد عاصمة للثقافة العربية 2022، ومأدبا عاصمة للسياحة العربية 2022، والسلط على قائمة التراث العالمي "مدينة التسامح والضيافة"2021 وهو العام الذي شهد احتفالات مئوية تأسيس الدولة الاردنية الحديثة.

* إربد "أرابيلا"، الاقحوانة وعروس الشمال.. عاصمة للثقافة العربية 2022

مدينة إربد مركز المحافظة التي تحمل اسمها، تستعد للاحتفال بها عاصمة للثقافة العربية لعام 2022 بعد اختيارها من قِبل منظمة الأمم المتحدة للثقافة والعلوم (اليونسكو)، والذي جاء بعد ترشيحها من قبل وزارة الثقافة، وتمت الموافقة عام 2016 على أن تكون إربد عاصمة للثقافة العربية عام 2021 وأُجّلت للعام 2022 بسبب جائحة كورونا. ومن المقرر أن تبدأ الاحتفالات بعد عيد الفطر المبارك، حيث تجري التحضيرات والترتيبات لإخراج الافتتاح وما سيعقبه من فعاليات وأنشطة ثقافية وفنية متنوعة بصورة مميزة تعبر عن هوية إربد الثقافية، ويرفدها الاحتفاء بابن المدينة شاعر الاردن "عرار" مصطفى وهبي التل، كرمز للثقافة العربية لعام 2022، وفي سياق تسليط الضوء على الإرث الثقافي والتاريخي الكبير سواء للأردن كدولة أو لإربد كجسر للحضارات.

يُذكر أنّ عمّان اختيرت عام 2002 لتكون عاصمة للثقافة العربية، وبذلك تكون إربد المدينة الاردنية الثانية التي تحظى بهذا التكريم. ومدينة إربد تحيط بها السهول الزراعية الخصبة من جهاتها الشمالية والشرقية والجنوبية، تعد ثاني اكبر محافظة اردنية بعدد السكان، وتقع على بُعد نحو 75 كيلومتراً شمالي العاصمة عمّان.

والمدينة التي تقع في شمالِ غربِي المملكة، في وا

دي وحوض نهر الأردن، تعتبر جزءاً من امتداد سهول حوران، ما أكسبها طبيعتَها السهلية الساحرة، ومنحها تفرداً وجمالاً فطرياً، كما أنها ذات ثراء بالأماكن الاثرية والتراثية السياحية والدينية الزاخرة بالحضارة والتّاريخ.

ويعود تاريخ اربد، التي بحسب بعض الدراسات عرفت استيطانا بشريا قبل نحو خمسة آلاف سنة قبل الميلاد، الى العصر الحجري والبرونزي الأول نحو3000 إلى 2500 قبل الميلاد، وكانت المدينة القديمة محاطة بسور ضخم بُني من حجارة سوداء بازلتية، وقد وجد فيها مغائر من العصر الروماني وبركة ماء رومانية قديمة.

خضعت إربد كأي مدينة مجاورة في المنطقة للحكومات المتعاقبة على بلاد الشام، فعاصرت دولة الأدوميين والعموريين، كما خضعت للحكم اليوناني بعد فتوحات الاسكندر سنة (333 ق.م) وقد ساعدت إعادة تعمير المدينة اليونانية على وضع أسس الحلف التجاري (الديكابوليس) الذي تكون من عمان (فيلادلفيا) وجرش(جيرازا) وبيسان وإربد(ارابيلا) وبيت راس (كابيتولياس) ودرعا (درعي) وبصرى وأم قيس (جدارا)، بالاضافة الى مرحلة الغساسنة، وميزتها الحضارات الإغريقية والرومانية والإسلامية التي تركت كنوزا من الآثار والمواقع الأثرية والتاريخية، وتضم آثارا تدل على ذلك، وقد احتلها الآشوريون والفراعنة والبابليون والفرس والعثمانيون وغيرهم .

وبنيت إربد وكانت تسمى "أرابيلا" في العصر الروماني، في موقع متوسط بين مُدن حلف الديكابولس العشرة التاريخية، وأصبحت فيما بعد مركزاً من مراكز الفتح الإسلامي، وتختلف الروايات عن تسمية المدينة "ارابيلا"، إذ ثمة رواية تقول بأن الاسم آشوري أُطلق على المدينة بعد احتلال الملك تغلات بلاصر الثالث لها.

وتقول دائرة المعارف الإسلامية: "ليس ببعيد أن تكون الأماكن المسماة أرابيلا وأربيل وإربد الواقعة خارج آشور قد ابتناها أهل أربلا الآشورية باسم مدينتهم"، وفي رواية أخرى فإن أصل اسم أرابيلا هو كلمة رومانية تعني (الأسوَد)، وقام الرومان بتبديل اسمها إلى "أربيلا"، وهو الاسم الذي يشبه تسمية اليونان لها، و"أرابيلا" تعني الأرض الخصبة، وفي رواية اخرى يقال أن اسمها الحالي ليس إلا تحريفًا لاسم البلدة الرومانية القديمة بيت أربل، أو أنه لفظ مشتق من كلمة (الرُبدة)؛ وذلك يعود إلى لون تربة الأرض الحمراء المصحوب بسواد الصخور البركانية المنتشرة في محيط المدينة. وبحسب الروايات سميت بالأقحوانة؛ نسبة إلى زهرة الأقحوان، الزاهية رائعة الجمال، التي تنبت بكثرة فيها، وورد ذكر مدينة إربد في كتاب معجم البلدان لياقوت الحموي، وكان لها أهمية كبيرة في التاريخ الإسلامي والعربي، ودور كبير في معارك المسلمين الحاسمة في اليرموك وحطين.

وتعد بلدية اربد أول بلدية تشكلت في شرقي الأردن أيام العهد العثماني، إذ يرجع تاريخ تأسيسها إلى عام 1880 حينما اصدر الوالي العثماني احمد حمدي باشا فرمانا تم بموجبه تشكيل اول مجلس بلدي(قومسيون)، ثم جرت انتخابات وتشكل المجلس البلدي ورئيسه وفقا لها عام 1883، وكانت مركزا لقضاء عجلون العثماني، التابع للواء حوران/ ولاية دمشق، ومع تأسيس الدولة الاردنية الحديثة عام 1921 بدأت المدينة بالازدهار والتطور والتحديث حتى أصبحت تضم العديد من المعالم الحضارية والعلمية، وتوجد فيها مكتبة تعد من أكبر المكتبات في المنطقة العربية وهي المكتبة الحسينية في جامعة اليرموك.

وتتميز اربد في بيوتاتها ومعالمها التراثية القديمة ومواقعها الأثرية، علاوة على حضورها الثقافي والفني الذي يعود الى اكثر من قرن؛ إذ شهدت المدينة في منتصف العشرينيات من القرن الماضي، اولى دور السينما في الاردن أطلق عليها صالة البترا، واحتوت على ماكينة عرض تعمل على البطاريّة، حيث يجلس المشاهدون على الأرض، ثم تم بناء سينما الزهراء في أواخر العشرينيات وافتتاحها بداية الثلاثينيات من القرن الماضي، علاوة على العديد من المبدعين الرواد الذي خرجو من رحم المدينة وأطرافها، ومنهم عرار، وأديب عباسي. ويقول عضو اللجنة الثقافية في الاحتفالية الروائي هاشم الغرايبة لوكالة الانباء الاردنية(بترا)؛ "اربد ارض القمح والزيتون تمتد هضابها ما بين حرمون وجبال عجلون، وتشير آثارها الى حضارة امتدت من العصر الهلنستي الى العصر الروماني ثم الإسلامي وصولا الى يومنا هذا، وعلى عجل تحضر أسماء مثقفيها ابتداء من الشاعر ارابيوس ابن جدارا الرومانية مرورا بالشاعرة الصوفية عائشة الباعونية ابنة جبل عجلون في القرن الخامس عشر وصولا الى الشاعر المشاغب المجدد عرار مطلع القرن العشرين".

وبعد قيام الدولة الأردنية عام 1921، يضيف الغرايبة؛ اشتهرت اربد بانها حاضرة الشمال وبرز من مثقفيها علي خلقي الشرايرة وعرار ومحمود المطلق وواصف الصليبي واديب عباسي والشاعر الشعبي إبراهيم الشلول المعروف بالدوقراني وغيرهم كثير.

ويشير إلى انه في الجيل الثاني من عمر الدولة الاردنية، برز العديد من مثقفيها من أمثال عبد الكريم غرايبة اول حاصل على شهادة الدكتوراه في شرق الأردن، والاديب واصف الصليبي والتربوي والكاتب وحيد سليمان والشاعر الشعبي مصطفى السكران والصحفي والقاص محمد سعيد الجنيدي وغيرهم.

بترا -