العـبـيــد الجـدد


* ننصح بالقراءة للنهاية لتتوضح الفكرة بشكل صحيح

جفرا نيوز - في ساعة مبكرة من صباح يوم كنت قد وصلت وبرفقتي مجموعة من الأصدقاء إلى مدينة (كاندي) في سريلانكا وبعد حوالي ساعتين من وصولنا توجهنا لتلبية دعوة من إحدى المنظمات الخاصة لحضور مهرجان ثقافي يشارك فيه ضيوف من عدة بلدان وعند دخولنا لقاعة المهرجان تفاجأنا بوجود مكان يشبه العرش مخصص ربما لملك أو رئيس أو شخصية هامة!

دفعنا الفضول لسؤال أحد المسؤولين عن هذا العرش ولماذا هو هنا؟.. فأخبرنا بأنه مخصص لأشهر حكيم في شرق وجنوب آسيا ويدعى (أوشوا نماكي) والذي تجاوز عمره 115 عام!، ولاحقاً علمنا بأن هذا الحكيم المُعمر له أتباع ومحبين كُثر لدرجة أن البعض قد أتى من بلدان كالصين واليابان والهند لرؤيته.

كان الحضور جميعاً - بما فيهم نحن - منتظرين بلهف وحماس للحظة وصول الحكيم أوشوا وبعد حوالي نصف ساعة دخل الحكيم وهو يلوح بيده اليمنى للجمهور والهدوء والوقار والسكينة تظهر على مُحياه.



بعد إنتهاء المهرجان الثقافي

دفعنا الفضول لمعرفة ما الذي قد يجعل مئات الأشخاص من بلدان عدة أن يأتوا لمجرد فقط رؤية هذا الحكيم (نعم رؤيته فقط) لأنه لم يلقي أي كلمة ولا يُسمح لأحد بالاقتراب منه أو مصافحته.

بدأنا البحث أكثر عن سر هذا الحكيم وما الذي يجعله مؤثراً ومحبوباً لهذه الدرجة، وبعد البحث وجدنا أنه يتمتع بميزة غريبة وهي أنه يفضل الصمت دائماً، ولا يتحدث إلا يوم واحد كل ثلاثة أشهر أي بمعدل أربعة أيام في العام الواحد، ويعتقد الحكيم أوشوا وأتباعه أن الصمت يساهم بشكل مباشر في تعزيز الصحة وتقوية المناعة وإطالة العمر.

بعدها شهر قررت أن أبحث أكثر وبجدية كبيرة حول هذا الأمر (الصمت) وعن فوائده، وبعد البحث والقراءة والتواصل مع بعض المختصين توصلت للحقائق التالية:

1- (البروفسور جوزيف ماندل) في كتابه (السر الأعظم للصحة) يؤكد أن الصمت لمدة 10 إلى 30 يوم بشكل متواصل له تأثير قوي ومباشر في تعزيز صحة ومناعة الإنسان أكثر من تأثير الرياضة أو النظام الغذائي المتوازن.

2- (مجلة هارفارد توداي) تؤكد ذلك بل وتضيف أن أمراض كثيرة يمكن معالجاتها والتقليل من تأثيراتها عن طريق الصمت.

3- في كتاب (شموس الصالحين) يسرد العالم الرباني النعمان بن إدريس الأندلسي قصص لمجموعة من التابعين والصالحين وكيف كان الصمت عادتهم الدائمة وأثرها في حياتهم.

4- (مجلة الأسرة والحياة الكويتية) تؤكد في مقال علمي أن الأشخاص الأكثر كلاماً يكونوا أقصر عمراً وأضعف مناعةً والعكس صحيح.



وقبل أن أختم هذا المقال!

لعلي أشعر بحماسك الذي تشعر به الآن تجاه أهمية (الصمت) ورغبتك بوعي أو بدون وعي ببدء تجربة عادة الصمت في حياتك وتشجيع من حولك عليها لكن مهلاً ! "قبل كل ذلك وقبل أن تبدأ سأطلب منك طلب بسيط لن يأخذ منك إلا بضع دقائق"!.

الطلب هو أن تحاول البحث عن الحكيم (أوشوا نماكي) وهل يوجد أصلاً مجلة اسمها (هارفارد توداي) أو (الأسرة والحياة الكويتية) وهل يوجد كتاب (شموس الصالحين) أو كتاب (السر الأعظم للصحة) وهل صحيح يوجد بروفسور (جوزيف ماندل).

إن جميع الأدلة والأسماء والبراهين التي ذكرتها (ليس لها أي أساس من الصحة) وجميعها نابعة من مخيلتي ليس إلا والسؤال الأهم!، ما الذي قد يجعل البعض يقتنع بما ذكرت من أدلة وبراهين ومعلومات بالرغم من أنها غير صحيحة؟ هل ثقته بي! أم قوة الطرح والأسلوب! أم ربما الأرقام والأسماء والأدلة التي ذكرتها! أم كل ذلك؟!

إن خداع عقول غالبية البشر اليوم أصبح أسهل من أي وقت مضى، ويمكنك فعل ذلك برسالة نصية واحدة عبر الواتساب أو عن طريق صورة معينة أو فيديو قصير واحد وبذلك تتمكن من جعل الناس تثور ولا تقعد أو تقعد ولا تثور الأمر فقط يعتمد على مزاجك ومخططاتك فغالبية الناس يسهل خداعهم والتلاعب بهم وتضليلهم وهؤلاء هم من أسميهم (العبيد الجدد)!.



وتكمن الخطورة الكبيرة للمعلومات التي تتلقاها بدون فحص أو تأكد في :

- جملة واحدة تقرأها قد تجعلك تقرر قرار هام كالسفر أو العودة أو ما شابة بالرغم أنها غير صحيحة!

- مشهد فيديو قصير قد يجعلك تقرر مواصلة التعليم أو التوقف!

- بيت شعري واحد أو حديث نبوي غير صحيح أو آية تُفهم بشكل خاطئ! قد تؤدي إلى أن تُقدم روحك رخيصة في حرب ليس لك فيها لا ناقة ولا جمل!

- دراسة علمية واحدة قد تجعلك تتوقف عن أكل اللحوم أو شرب القهوة أو بدء ممارسة طقوس معينة

- مقطع صوتي واحد أو قصة قصيرة واحدة يمكن أن تفعل بك الأفاعيل سواءً على الصعيد الشخصي أو الأسري أو المجتمعي.


إن جميع المعلومات التي تتلقاها يجب أن تُخضع للفحص والنقد والبحث والتأكد بغض النظر عن صاحبها أو مصدرها بما في ذلك المعلومات التي قد تأتي من أشخاص أو مصادر تثق فيها

*لا تبيع عقلك لأحد ولا تسمح لأيٍ كان باختراق عقلك واللعب به وتكون من (العبيد الجدد ).

تبينوا.....