وزراء الاقتصاد يلتقطون انفاسهم مع نمو احتياطات النقد بالمركزي والعسعس يخشى من ضغوط التضخم

جفرا نيوز - يعطي نمو احتياطات النقد الأجنبية للأردن فرصة مهمة للمسؤولين لالتقاط الأنفاس قبل مواصلة جهود تخفيف الاختلالات المالية المزمنة، بعد أن واصلت الانخفاض بشكل شبه متواصل طيلة العامين الماضيين في أعقاب تأثر البلاد بتباطؤ النمو العالمي وفاقمت من تبعاته أزمة الجائحة.

حققت أصول البنك المركزي الأردني منذ بداية العام الجاري نموا ملحوظا، يقول خبراء ومسؤولون حكوميون إنه سيساعد على دعم النظام المالي للبلد الذي يعمل بجهد من أجل الخروج من أزمته الاقتصادية المركبة بشكل تدريجي.

وتقترب احتياطات النقد الأجنبي الآن من مستويات قياسية تبلغ 17 مليار دولار وهي تكفي لتمويل واردات البلاد لحوالي تسعة أشهر وتعد غير مسبوقة والأعلى في تاريخ البلاد.

وأكد محمد العسعس وزير المالية خلال جلسة حوارية عقدها صندوق النقد الدولي في وقت مبكر الجمعة أن تخزين الأردن احتياطات قمح على مدى أكثر من عام وعقود الوقود واحتياطاته الجيدة من النقد الأجنبي ساعدته حتى الآن على استيعاب تأثير الأزمة الأوكرانية على اقتصاده.

ولكن عمّان تصطدم برهانات صعبة في طريق تحقيق أهدافها، لأن الخسائر الناجمة عن الوباء تتطلب سنوات لمعالجتها، في بلد يعتمد بشكل مفرط على المساعدات الدولية، وليست لديه موارد مستدامة تساعده على مواجهة الأزمات.

وطالت ارتدادات الحرب الروسية – الأوكرانية الأسواق التجارية الأردنية حين ظهرت في شكل مخاوف من تذبذب إمدادات السلع الاستراتيجية، وخاصة في ما يتعلق بالغذاء ما قد تنعكس على الأسعار.

وأبدى تجار أوساط اقتصادية أردنية مخاوفهم من آثار هذا الوضع على الأسعار محليا على الرغم من المخزون الكبير من غالبية السلع الاستراتيجية، خصوصا مادتي القمح والشعير.

وبحسب أرقام رسمية، يستورد الأردن ما يزيد على 80 في المئة من سلّته الغذائية من الأسواق العالمية كل عام لعدم وجود إنتاج محلي أو كفاية منها.

وقال العسعس إن "الحكومة كانت قد خزنت بالفعل قبل الأزمة احتياطات قمح تكفي الاستهلاك لمدة 13 شهرا” و”أبرمت عقود وقود طويلة الأجل” للمساعدة في خفض فاتورة الواردات الضخمة.

وصرح العسعس خلال الجلسة التي ترأسها جهاد أزعور مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، في نقاش عبر الإنترنت بأن "الأردن استعد جيدا لمثل هذه الأزمة”.

وأوضح أن خفض صندوق النقد توقعات النمو لمنطقة الشرق الأوسط أظهر أن التضخم المرتفع وتأثير الأزمة الأوكرانية سيزيدان أسعار الغذاء والوقود ويقللان الدخل المتاح. وقال "إذا تعلمنا شيئا من التاريخ فهو أن الأكثر تضررا هو الأكثر معاناة”.

وارتفع الرقم القياسي لأسعار المستهلك (التضخم) في الأردن بنسبة 2.29 في المئة بنهاية الربع الأول من العام الجاري على أساس سنوي.

وبحسب بيانات صادرة عن دائرة الإحصاءات العامة (حكومية) الثلاثاء، ساهمت في الارتفاع مجموعات الخضروات والبقول الجافة والمعلبة، النقل، والمطاعم والفنادق، والزيوت والدهون، والوقود والإنارة.

17 مليار دولار حجم الأصول الاحتياطية لدى البنك المركزي وهي الأكبر في تاريخ البلاد

وتوقعت وزارة المالية في وقت سابق أن يرتفع التضخم خلال العام الحالي إلى 2.5 في المئة من 1.6 في المئة خلال العام الماضي.

وفعليا تشهد السوق المحلية ارتفاعات في أسعار العديد من السلع، وسط إجراءات حكومية لمواجهة الزيادة، منها تخفيض الرسوم الجمركية على استيراد عدد من هذه السلع.

وكذلك، تتضمن الإجراءات وضع سقوف سعرية لسلع أخرى، مع ترقب لارتفاع كبير في أسعار المحروقات مع بداية الشهر المقبل بعد تثبيتها منذ ستة أشهر.

وقال العسعس إن "الأزمة وضغوط التضخم قد تؤثر على وتيرة التعافي الاقتصادي من الجائحة في الأردن”، إذ من المتوقع أن يرتفع النمو مرة أخرى إلى 2.4 في المئة هذا العام بعد أكبر انكماش منذ عقود بسبب فايروس كورونا. وتابع "بالنسبة إلى دول مثل الأردن الذي مازال اقتصاده لم يتعاف بعد، فإن ذلك سيكبح نمونا عندما يكون على وشك البدء في التعافي وهذا أمر مقلق”.

وتقر الحكومة بأن خفض البطالة يعتبر أكبر تحديات برامج الإصلاح الاقتصادي رغم تسجيل البعض من المؤشرات المشجعة التي تعكسها أرقام تضخم الأصول الاحتياطية التي ستساعد في مواجهة الأزمات المركبة مع أن الأمر يتطلب جهودا أكبر وتمويلات إضافية لتعديل بوصلة النمو.

وذكر العسعس أن الوسادة المالية المحدودة في الأردن تعني أنه يواجه تحديا لإنشاء مصدات أمان اجتماعي في إطار برنامج قائم مدعوم من صندوق النقد الدولي بقيمة 1.3 مليار دولار يهدف إلى تحفيز النمو من خلال خلق فرص العمل.

80 في المئة من سلّته الغذائية يستوردها الأردن من الأسواق العالمية كل عام

وأوضح أنه على الرغم من نجاح الحكومة في منع تفاقم الآثار الاقتصادية وتفادي الأسوأ، إلا أنه "لا يمكن القول إننا تمكنا من تلبية آمال الشباب، ومازال أمامنا الكثير لذلك”. وأضاف "لدينا واحد من كل اثنين من الشباب عاطل عن العمل. هذا هو مصدر قلقنا الأول”.

وتعتبر الحكومة أن الإصلاحات التي يدعمها صندوق النقد تتطلب الحفاظ على خطة لضبط أوضاع المالية العامة تركز على تحصيل الإيرادات من خلال توسيع القاعدة الضريبية بما يتماشى مع المطالب الشعبية للمجتمع المدني بالمعاملة الضريبية العادلة.

وزادت الحكومة الإيرادات العام الماضي دون زيادة الضرائب من خلال حملة نادرة لمكافحة التهرب الضريبي وإعادة هيكلة إدارة الضرائب والجمارك التي أنهت الإعفاءات الضريبية. ونما مجموع تحصيلات ‏ضريبة الدخل والمبيعات خلال الربع الأول من العام الحالي بواقع ثمانية في المئة لتصل إلى نحو 1.88 مليار دولار.

ونسبت وكالة الأنباء الأردنية الرسمية إلى مدير عام دائرة ضريبة الدخل والمبيعات حسام أبوعلي قوله إن هذه الحصيلة "تعود إلى نتائج التعافي الاقتصادي وعودة القطاعات الاقتصادية لممارسة دورها في الاقتصاد المحلي المستدام”.

وأوضح أن النمو في الإيرادات شمل ضريبتي الدخل والمبيعات، حيث بلغت تحصيلات ضريبة الدخل نحو 488.8 مليون دولار بارتفاع بنسبة 25 في المئة، في حين ارتفعت حصيلة ضرائب المبيعات بواقع 3 في المئة لتبلغ 1.36 مليار دولار.

العرب اللندنية .