ما لا يعرفه الكثير عن الوصاية الهاشميه
جفرا نيوز - محمد الوشاح
كثير من الأشقاء الفلسطينيين والعرب يجهلون للأسف تفاصيل الوصاية الهاشميه التي ارتبط بها الهاشميون منذ عهد بعيد ، بعقد شرعي مع المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس ومحيطها ، فقد ظلّت القدس على رأس أولويات الشريف الحسين بن علي منذ بايعه أهل فلسطين بالوصاية على وطنهم ومقدساته عام 1924، فكان جلالته رحمه الله أولَ المتبرعين لإعادة إعمار المسجد الأقصى ، وهو ما سُمّي بالإعمار الهاشميّ الأول ، وما أن استلم جلالة الملك الحسين بن طلال سلطاتِه الدستورية حتى وضع بيت المقدس في طليعة اهتماماته ، فأمر جلالته رحمه الله بالإعمار الهاشميّ الثاني الذي تضمن تجديد عمارة المسجد القبلي وقبة الصخرة المشرفة وتركيب قبّة خارجية للصخرة مذهبّة اللون وكذلك تركيب رخام للجدران الداخلية والخارجية وإعادة ترميم الفسيفساء فيها وترميم البلاط الخارجي وزخرفته بآيات قرآنية .
وعلى إثر تعرُّض المسجد الأقصى للحريق عام 1969 أصدر الملك الحسين توجيهاته بالبدء بالإعمار الهاشميّ الثالث الذي استمر إلى عام 1994، بتكلفة زادت عن 8 ملايين دينار أردني ، وتمكّنت اللجنة المكلفة من إزالة آثار الحريق في عام 1978 وبتكلفة بلغت حوالي 19 مليون دينار ، حيث نُفذت أعمال تجديد وترميم وصنع شبابيك جصّية في جميع نوافذ المسجد والبالغ عددها حوالي مائتي شباك ، وكذلك تبليط وترميم جامع عمر ومحراب زكريا ومقام الأربعين ، ورُمِّمت كذلك المصاطب والقباب ومن أبرزها : قبة السلسلة والمحاريب والسبل ، كما رُمِّم المتحف الإسلامي وضريح الشريف الحسين بن علي وجامع المدرسة الأرغونية والرواق الغربي .
وفي عام 1993وجّه الملك الحسين إلى رئيس الحكومة آنذاك رسالة تضمّنت أن تتخذ لجنة إعمار المسجد الأقصى المبارك وقبة الصخرة المشرّفة الخطواتِ الكفيلة لإعادة صنع منبر صلاح الدين الأيوبي ، فتم إنجاز المنبر في جامعة البلقاء التطبيقية ، وبعد تجهيزه أُرسل للقدس عام 2007 وتم تركيبه في مكانه بالمسجد الأقصى المبارك .
وفي عام 1999 بدأ الإعمار الهاشمي الرابع مع تسلُّم جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين سلطاته الدستورية ، وواصل جلالته التأكيد على ضرورة الاهتمام بالمقدسات والعناية بمرافقها والتعهّد بحمايتها ، وشملت مشاريع الإعمار في المسجد الأقصى إعادة تصنيع منبر صلاح الدين الأيوبي كما كان قبل الحرق وترميم الحائطَين الشرقي والجنوبي للمسجد الأقصى ، وترميم فسيفساء قبة الصخرة المشرفة من الداخل وكسوة المسجدَين القبلي والمرواني بالسجاد وتركيب نظام إنذار وإطفاء الحرائق في الحرم الشريف وترميم القبر المقدس في كنيسة القيامة بتبرع شخصي من جلالته .
وفي سياق الاهتمام الهاشمي بالضفة الغربيه أنشئت فيها على نفقة الحكومة الأردنيه مجموعة من الكليات والمدارس الدينية ومراكز حفظ التراث ومنها : ثانوية الأقصى الشرعية (1958) والمدرسة الشرعية في الخليل (1962) والمدرسة الشرعية في نابلس (1962) وكلية العلوم الإسلامية في القدس (1975) والمدرسة الشرعية في جنين (1975) وقسم الآثار الإسلامية بالقدس (1977) وقسم إحياء التراث الإسلامي بالقدس (1978) وكلية العلوم الإسلامية في قلقيلية (1978) وكلية الدعوة وأصول الدين في القدس (1978) .
وفي 31 آذار 2013 وقّع جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين والرئيس الفلسطيني محمود عباس اتفاقاً تاريخياً في عمّان ، أُعيد التأكيد فيه على الوصاية الهاشمية على الأماكن المقدسة ، وأنّ جلالة الملك هو صاحب الوصاية على الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية في المدينة المقدسه .
ويبلغ عدد موظفي دائرة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى المبارك التي تتبع وزارة الأوقاف الأردنيه أكثر من 1000 موظف ، يُعيَّنون من قِبل الوزاره في عمان وتتكفل الحكومة الأردنيه بدفع رواتبهم ، وتشرف هذه الدائرة على شؤون المسجد الأقصى وعلى مساجد مدينة القدس التي يزيد عددها عن 102 مسجداً ، وتتولى إعمارها ورعايتها وصيانتها والوعظ والإرشاد بها ، وتشرف الدائرة على الأملاك الوقفية في القدس ، والتي تزيد نسبتها عن 50% من الأملاك في البلدة القديمه ، كما تعمل تحت مظلة وزارة الأوقاف الاردنيه 43 مدرسة وكلية تأوي أكثر من 13 ألف طالب وطالبة .
وتقدم المملكة الأردنية الهاشميه كثيراً من الدعم للمقدسيين لإسنادهم وتثبيت وجودهم على الأرض ، ويشمل هذا تيسير معاملات جوازات السفر للمقدسيين والعبور من القدس وإليها ، كما تتابع الحكومة الأردنيه كل ما يتعلق بالكنائس في القدس ، وتقديم الدعم والإسناد للمسيحيين فيها .