ما أسباب إلزام المصدرين الأتراك بتحويل 50% من النقد الأجنبي إلى الليرة؟
جفرا نيوز - شرعت تركيا في مباحثات جديدة مع المصدرين في البلاد، بشأن تحويل نحو 40% أو 50% من عائدات صادراتهم من النقد الأجنبي إلى الليرة بدلا من 25%، وهي النسبة المعمول بها حاليًا.
وباشر محافظ البنك المركزي شهاب قاوجي أوغلو محادثات مع أعضاء جمعية المصدّرين الأتراك، ومطالبتهم ببيع نصف مستحقاتهم التصديرية من العملة الصعبة للمركزي لدعم الليرة، بحسب وكالة أنباء ”رويترز".
وجاءت تلك التحركات بعد فشل الحكومة التركية في تصحيح وضع الليرة التي فقدت نحو 8,8% من قيمتها أمام الدولار خلال الربع الأول من العام الجاري، و55% في عام 2021، فضلا عن التداعيات السلبية للحرب الروسية الأوكرانية التي أثرت على جل القطاعات الاقتصادية تقريبًا، بحسب محللين تحدثوا لـ ”إرم نيوز".
ووفقا لمعطيات رسمية، سجل صافي احتياطيات النقد الأجنبي لدى البنك المركزي التركي مستوى قياسيا منخفضا بلغ 7.55 مليار دولار في يناير/ كانون الثاني الماضي.
وفي المقابل لم يعلن البنك المركزي عن الحصيلة التي جمعها من العملات الثلاث (الدولار، واليورو، والجنيه) منذ تطبيق قرار إلزام المصدرين بيع 25% من متحصلات عملية التصدير في يناير الماضي.
وحول مردود تلك الخطوات على الاقتصاد التركي، قال المحلل الاقتصادي التركي، يوسف كاتب أوغلو، إن ”تركيا تستورد مدخلات إنتاج وسلعا بمعدلات كبيرة وبالتالي فإن وفرة العملة الأجنبية لدى البنوك داعم رئيسي للحفاظ على وفرة معروضها في الأسواق وداعم للعملة المحلية أيضًا أمام الدولار".
وأضاف أن ”احتفاظ المصدرين بالنقد الأجنبي لا يعد ملاذًا آمنا كما يعتقد بعضهم، في ظل عملية التصحيح الاقتصادي الذي تنفذه تركيا حاليًا".
وقال إن تركيا مؤهلة لاقتناص استثمارات أجنبية شاردة من الحرب الروسية الأوكرانية؛ وهو الأمر الذي يسهم في تعزيز النقد الأجنبي للبلاد بجانب المصادر الأخرى التي تبحث فيها أنقرة.
ووفق معطيات وزارة التجارة وهيئة الإحصاء التركية، سجلت صادرات البلاد العام الماضي 2021، نحو 225 مليارا و291 مليون دولار، بينما سجلت الواردات نحو 271 مليارا و424 مليون دولار.
واستبعدت الخبيرة الاقتصادية الدكتورة عالية المهدي، عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة القاهرة سابقًا، أن تنعكس تلك التحركات إيجابيا على الاقتصاد التركي؛ ”لأن القرار يحمل معنى التضييق على المستثمرين ومن المتوقع أن يؤدي إلى خروج استثمارات أجنبية من تركيا".
وأوضحت، أن ”الشركات التي تعمل بنظام الدروباك، أي التي تستورد المواد الخام من الخارج، ثم تقوم بتصنيعها وإعادة تصديرها مرة أخرى، ربما تتضرر من القرار بشكل كبير، نتيجة سحب نصف العملة الصعبة منها.
وتابعت: ”احتفاظ المصدرين بالعملة المحلية للبلاد يعرضهم للخسارة في ظل التهاوي المستمر الذي تشهده منذ 14 شهرا، وارتفاع معدلات التضخم في جميع المدن التركية".
ورغم تخفيض لجنة السياسة النقدية سعر الفائدة بمعدلات قياسية، إلا أن نسبة التضخم في تركيا بلغت 61.14% في مارس/ آذار الماضي، وتعد الأعلى منذ 20 عامًا، وفق معهد الإحصاء التركي.
في هذا الاتجاه، أكدت المهدي أن ”إلزام المصدرين ببيع نحو 50% أو حتى 40% من العملة الأجنبية إلى البنك المركزي قد يضطرهم إلى إغلاق مصانعهم وتسريح العمالة".
وبلغ عدد العاطلين عن العمل في تركيا العام الماضي 3 ملايين و859 ألف شخص، بحسب بيان هيئة الإحصاء التركية.
بدوره، قال الخبير الاقتصادي الكويتي، محمد رمضان، إن ”السياسات الخاطئة التي طبقتها تركيا بداية من العام الماضي، وبالأخص خفض أسعار الفائدة أدت إلى خروج المستثمرين في أدوات الدين الحكومية وهو ما انعكس سلبيًا على العملة المحلية أمام الدولار، والبحث عن سيولة دولارية بعيدا عن رفع سعر الفائدة توجه غير صحيح".
ومن المرتقب أن تعقد لجنة السياسات النقدية بالمصرف المركزي التركي، اجتماعًا الأسبوع المقبل؛ لإعادة النظر في سعر الفائدة التي تستقر عند مستوى 14% حاليًا.
وأضاف رمضان أن قطاع السياحة والصادرات من المتوقع أن يتأثر بنهاية العام الجاري؛ جراء الحرب الروسية الأوكرانية، وبالتالي ستتأثر تدفقات العملات الأجنبية.
ويمثل السياح الأوكرانيون والروس نحو 25% من إجمالي السائحين الوافدين إلى تركيا سنويًا، كما تعتمد تركيا على كلا الدولتين في استيراد نحو 85% من القمح.
وتعد أيضًا السياحة أحد المصادر الرئيسية للعملة الصعبة، حيث بلغت مساهمتها في الاقتصاد الكلي للبلاد حوالي 13%، بحصيلة بلغت 34 مليار دولار عام 2019، وفق بيانات حكومية.
ارم نيوز