كيف كان أداء النفط في الربع الأول لعام 2022؟ وما المتوقع للربع الثاني؟
جفرا نيوز - منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في أواخر فبراير، أصبح الوضع الروسي الأوكراني والمفاوضات النووية الإيرانية وموقف أوبك وخاصة المملكة العربية السعودية من زيادة الإنتاج محط تركيز السوق ومصدرًا لعدم اليقين أيضًا في سوق النفط الخام.
حاليًا، يعمل الاتحاد الأوروبي على التخلي عن امدادات النفط الروسية ولكن هذا لن يحدث بشكل سريع، بل من المتوقع أن يكتمل في السنوات القليلة المقبلة، في الربع الثاني من العام لا تزال الحرب الروسية الأوكرانية والمفاوضات النووية الإيرانية وموقف أوبك محور اهتمام السوق، بالنظر إلى تعقيد وتنوع العوامل الجيوسياسية قد تخضع الميزانية العمومية للنفط الخام لتغييرات كبيرة على المدى القصير مع تأثير الأحداث ومن الصعب التنبؤ بمستقبل أسعار النفط، وقد يكون لأسعار النفط في الربع الثاني العديد من السيناريوهات.
لقد دفع أداء أسعار النفط بشكل مباشر معدل التضخم في الولايات المتحدة إلى أعلى مستوى له منذ 40 عامًا، وهناك احتمال كبير أن يستمر في الارتفاع، كما أن التضخم في دول ومناطق مثل أوروبا وكندا يتحرك بسرعة نحو هذا الهدف، فسلسلة العقوبات لم تلحق الضرر بالاقتصاد الروسي فحسب بل إن بقية العالم وخاصة أوروبا تتعرض أيضًا لضغط هائل.
اتجاه أسعار النفط الخام في الربع الأول
يمثل اتجاه أسعار النفط الخام في الربع الأول من عام 2022 مرحلتين: المرحلة الأولى من أواخر ديسمبر إلى منتصف فبراير من العام الماضي والمرحلة الثانية من منتصف فبراير حتى الوقت الحاضر.
في المرحلة الأولى، كان تأثير متحور أوميكرون أقل من المتوقع، كما أن الوضع السياسي في ليبيا وكازاخستان ونيجيريا ودول أخرى مضطربًا وقد يتضرر الإنتاج، ولم يكن لدى معظم دول أوبك بلس امكانية لرفع مستويات الانتاج وظلت الزيادة في الإنتاج أقل من المتوقع، مما أدي إلى ارتفاع الأسعار بالقرب من 75 دولار للبرميل لتصل إلى حوالي 90 دولار للبرميل.
في المرحلة الثانية، اندلعت الأحداث الجيوسياسية في روسيا تدريجياً، وشهد سعر تداول النفط الخام عملية من ثلاث خطوات من الصعود والهبوط والارتفاع مرة أخرى، في أواخر فبراير، توقع السوق عمومًا اندلاع حرب بين روسيا وأوكرانيا وسرعان ما فرضت الولايات المتحدة عقوبات على روسيا، بما في ذلك إزالة معظم البنوك الروسية من نظام SWIFT العالمي، و أعلنت الولايات المتحدة أيضًا عن عقوبات مشتركة ضد صادرات النفط الخام الروسية مع المملكة المتحدة، وفي ظل ذعر السوق من احتمال توقف صادرات النفط الخام الروسية تمامًا ارتفع نفط برنت إلى حوالي 140 دولار للبرميل.
وفي 7 مارس قالت ألمانيا إنها ليس لديها خطط لحظر استيراد النفط الخام من روسيا تمامًا، وارتفعت أسعار النفط وانخفضت في يوم واحد، وفي 9 مارس قالت الولايات المتحدة إنها ستبدأ في استيراد النفط الخام الفنزويلي وتواصلت مع المملكة العربية السعودية ودول أخرى في الشرق الأوسط للتفاوض مع إيران، مما أدي إلى تراجع أسعار النفط بأكثر من 10% في يوم واحد، كما أدت المفاوضات التي انعقدت بين روسيا وأوكرانيا إلى مزيد من الانخفاض في أسعار النفط ليصل إلى حوالي 95 دولار للبرميل.
في الآونة الأخيرة، ومع إنكار روسيا أن المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا قد أحرزت تقدمًا كبيرًا، ومصادرة فرنسا لاحتياطيات روسيا من النقد الأجنبي في أوروبا، تصاعدت التوترات الجيوسياسية مرة أخرى، وارتفع نفط برنت إلى حوالي 115 دولار للبرميل.
تأثير روسيا المهم على سوق النفط الخام
بعد الحرب الروسية الأوكرانية، كان للعقوبات الأمريكية على صادرات الطاقة الروسية تأثير مهم على أسعار النفط، السبب الرئيسي هو أن روسيا هي ثاني أكبر منتج للنفط الخام في العالم والثانية بعد الولايات المتحدة، حيث يبلغ إنتاج النفط الخام حوالي 11 مليون برميل يوميًا، وبلغت صادرات النفط الخام 5 ملايين برميل يوميا، وبالتالي فإن تراجع صادرات الخام الروسية أو تعطلها ضربة قوية لسوق الخام العالمي الضيق بالفعل.
من منظور هيكل تصدير النفط الخام الروسي، يتدفق نحو 45% من النفط الخام ومنتجات النفط الخام إلى أوروبا، منها 29% من صادرات النفط الخام و 16% من منتجات النفط الخام تتدفق إلى أوروبا، وتشمل المصدرين الرئيسيين الآخرين الصين والولايات المتحدة، لذلك، فإن موقف أوروبا هو المفتاح لمعرفة ما إذا كانت صادرات النفط الخام الروسية أكثر تضررًا.
من منظور صادرات النفط الخام الروسي إلى دول أوروبية مختلفة، تضيف هولندا وألمانيا وبولندا ما يصل إلى حوالي 1.4 مليون برميل يوميًا، أي أن هولندا وألمانيا وبولندا لديها أعلى اعتماد على النفط الخام الروسي، إذا فرضت أوروبا عقوبات على النفط الخام الروسي، فسيكون موقف هولندا وألمانيا وبولندا هو الأكثر تضررًا.
سيناريوهات أسعار النفط في الربع الثاني
منذ اندلاع الصراع الروسي الأوكراني في أواخر فبراير تذبذبت أسعار النفط بشدة ودفعت الأخبار الجيوسياسية أسعار النفط صعودًا وهبوطًا، ارتفعت تقلبات سوق النفط الخام إلى مستوى مرتفع جديد هو الأعلي منذ جائحة كوفيد 19 في عام 2020.
أدى التقلب الحاد في أسعار النفط على المدى القصير إلى استمرار خروج المستثمرين من السوق، كما تراجعت مراكز النفط الخام في ICE و NYMEX إلى مستويات منخفضة جديدة منذ عام 2015، وانخفضت السيولة في سوق النفط الخام بسرعة، مما أدى إلى تفاقم تأثير الأخبار على الأسعار.
إجمالاً، شهدت أسواق النفط الخام والنفط المكرر تقلبات عالية نادرة تاريخياً، ومن الصعب التنبؤ بمستقبل أسعار النفط، قد يكون لأسعار النفط في الربع الثاني السيناريوهات التالية:
1 .استمرار الحرب الروسية الأوكرانية، وصعوبة التوصل للاتفاق النووي الإيراني، وأوبك لم تزيد الإنتاج، مما سيظل سعر النفط مرتفعًا، ولا تزال هناك إمكانية لمواصلة دفع الأسعار إلى الأعلى.
2 .استمرار الحرب الروسية الأوكرانية، والتوصل إلى اتفاق نووي مع إيران، ولم تقم منظمة أوبك بزيادة الإنتاج، وربما تنخفض أسعار النفط بوتيرة بطيئة، نظرًا لصعوبة حل واقع نقص المعروض من النفط الروسي، وقد ترتفع أسعار النفط مرة أخرى.
3 .تم توقيع الاتفاق بين روسيا وأوكرانيا وانتهاء الحرب، وصعوبة التوصل للاتفاق النووي الإيراني، ولم ترفع منظمة أوبك الإنتاج بشكل كبير، مما ستستمر أسعار النفط في الارتفاع ولكن بوتيرة بطيئة، وهناك احتمالية لتراجع للأسعار وذلك استنادًا على معدلات الطلب.
4 .تم توقيع الاتفاق بين روسيا وأوكرانيا وانتهاء الحرب، مع صعوبة في التوصل للاتفاق النووي الإيراني، ولكن زادت أوبك من مستويات الإنتاج بشكل كبير، مما سيساهم في انخفاض أسعار النفط.
5 .تم توقيع الاتفاق بين روسيا وأوكرانيا، وتم التوصل إلى الاتفاق النووي الإيراني، كما رفعت "أوبك" من إنتاجها بشكل كبير، مما سيساهم في انخفاض أسعار النفط بشدة.
هناك جانب آخر من عدم اليقين بشأن أسعار النفط وهو التضخم المرتفع ودورة رفع سعر الفائدة الفيدرالية بالإضافة إلى توقعات النمو الاقتصادي مؤكدة نسبيًا، بالإضافة إلى انعكاس فروق أسعار الفائدة لمدة 10 سنوات وعامين، ومن جهة أخرى، سوف ينعكس ارتفاع أسعار النفط بشكل سلبي على النمو الاقتصادي والطلب على النفط الخام، تتسارع ردود الفعل السلبية مما يؤدي إلى توقعات قوية بحدوث ركود عالمي.
لا يزال التركيز في سوق النفط الخام في الربع الثاني على سلسلة من الأحداث الجيوسياسية غير المؤكدة، بعد انتظار نتائج الأحداث واحدة تلو الأخرى، قد يتحول تركيز السوق إلى جانب الطلب، نظرًا لتعقيد وتنوع العوامل الجيوسياسية ستظل أسعار النفط شديدة التقلب وستكون حساسة للغاية للأخبار.