حدادين يروي قصة تلوث المياه عندما كان وزيراً في حكومة عبد السلام المجالي
جفرا نيوز- ينتمي لعائلة بسيطة عاشت ظروفاً شاقة، متأثرة بالتقاليد والعادات والمفاهيم العشائرية الأصيلة، فنبغ أفرادها بالعلم الذي أوصلهم الى مراكز متقدمة.
عرف مصطلحات الأرض في حراثتها وزراعتها وحصاد الحقل ليقول عن طفولته «كنت لقّاط ورا الغمّارين».
منذ طوال مراحل الدراسة وهو يحتكر المركز الأول، حتى اذا ما تخرج من جامعة الإسكندرية مهندساً، شق طريقه للوظيفة وتكملة دراساته العليا.
كان «كبش فدا» وهو وزير للمياه، وهذا التعبير، ليس منه، وإنما من رئيس الوزراء الأسبق د.عبدالسلام المجالي.
عن مسيرته في بعض المحطات يقول د. منذر حدادين: -النشأة؟ في طفولتي المبكرة تشرّبت من العادات والتقاليد العشائرية، حيث كانت العائلة تسكن ماعين وتزرع الارض بالقمح، ما اتاحت لي فرصة «اللقاط ورا الغمّارين».
في الشتاء تغرق القرية وتصير الطرق موحلة، حتى أن والدتي تولت عملية نقل القمح على الدواب الى «بابور الطحين» في مادبا حيث يسكن أهلها.
والدي كان الى جانب فلاحة الارض يقوم بجلب الحلال من سورية والعراق، وكان منفتحاً على التعليم فقد درس اخوتي في السلط قبل أن تنتقل العائلة الى عمان ففيها التنوع المجتمعي من شركس وشيشان وشوام وفلسطينيين، الى جانب اخوتهم الاردنيين.
المدارس شهدت المظاهرات وبحسّ قومي ضد قرار تقسيم فلسطين، والنشيد الصباحي يردد الوحدة العربية ومقاومة العدو الصهيوني، ومقاومة الاستعمار للوطن العربي، حيث تبرع الطلبة بمصروفهم اليومي دعماً لثورة الجزائر، ما أعادني الى تذكّر كلمة «اليهود» التي سمعتها لأول مرة من والدي وهو يتحدث بها مع ضيوف، وأنا طفل في عمر الخامسة، وعرفت في ما بعد بدعم المقاتلين ومشاركتهم لمواجهة العدو، حيث كانوا يضعون» الزهاب - العتاد» في مغارة عند أهلي.
سنة ١٩٤٧، سنة محل محدق، فلم يكن هناك محصول ما اضطر الحكومة لتزويد المواطنين بـالخبز من خلال «كروت» وفي أماكن من عمان، ومنها مكتب جماعة الاخوان المسلمين وسط المدينة، ولم أنسّ الكف الذي لطمني به من كان يوزع الخبز، لأنه نادى على صاحب «الكرت» للمرة الثالثة ولم اسمعه، من ازدحام الناس، ومع ذلك لم أرد عليه بكلمة، احتراماً للكبار.
-الدراسة؟ كنت أحصل على الدرجة الأولى بامتياز في المراحل الدراسية، فتم ابتعاثي الى مصر لدراسة هندسة مدنية، وعند تخرجي عملت بالسعودية، ما دفعني عند العودة لتكملة الدكتوراة على حسابي الخاص في جامعة واشنطن. ولتفوقي الأكاديمي منحتني الجامعة ٣٥٠٠ دولار شهريا ً، لقيامي بإعداد بحوث علمية.
-العمل العام؟ عند زيارتي الى الاردن لمناسبة عائلية قابلت رئيس الوزراء آنذاك المرحوم وصفي التل لأمر يخص اعتقال شقيقي د.أنور، فأنهى الموضوع على الفور، كما تم تعييني في وزارة الأشغال العامة، بعقد ١٨٠ ديناراً، وبعد مدة وجدت الراتب لا يكفي، فقررت العودة الى أميركا، إلا انها لم تطل بعد أن تلقيت أمراً من وصفي يقول » أميركا فيها مليون مهندس، وبلدك بحاجة لمهندس واحد»، وعدت فعلاً حيث قمت بتدريب ١٥٤ مهندساً وقد شغلت حينها مدير البحث والتطوير الهندسي.
بعدها عملت في سلطة وادي الاردن، التي شهدت نقلة نوعية من حيث الوحدات الزراعية، والمدارس والمختبرات والأثاث لكل المكاتب بدعم من بريطانيا وامتد الغور الجنوبي حتى العقبة.
-قصة تلوث المياه؟ كنت وزيراً للمياه في حكومة د. عبدالسلام المجالي، وقد تناول حينها( ١٩٩٨) الاعلام خبراً بأن اسرائيل زودت الاردن بمياه عادمة ظهرت آثارها في محطة زي، وهذا غير دقيق، اذ عادة ما تحدث بعض تغيرات على المياه أثناء نقلها بالشبكات، وللتأكيد لم يتعرض مواطن واحد الى تسمم أو دخول مستشفى، لذلك ارجع السبب في الاشاعة الى دافع سياسي ولمصالح أشخاص، فقدمت استقالتي.
يقول المجالي: طلبت من جلالة الملك الحسين أن تستقيل الحكومة تحمّلاً للمسؤولية، فرفض جلالته، فوجدنا الوزير منذر حدادين ليكون كبش فداء.
- الحياة السياسية، والإعلام ؟ لست حزبياً، ولكن الاردنيين بشكل عام تظل روحهم الوطنية متقدة ولن تنكسر، أعني هنا الرجل والمرأة، وبالطبع القطاع الشبابي أينما وجد، رغم ما يحدث في العالم العربي من انكسارات.
أما عن الاعلام الاردني، فهو منضبط، وَلَكَ أن تفسّر كلمة منضبط، كما تشاء.
-الرياضة الاردنية؟ كانت محدودة بالنسبة لكرة القدم بأندية الفيصلي والأهلي والجزيرة، وأتذكر أننا في طفولتنا كنا نتسلق الأسوار لمشاهدة المباريات.
الأدوات كان يشتريها اللاعب رغم قلة المصاري حال الطلاب الذين كانوا يمارسون نشاطاتهم، على عكس وقتنا الحاضر الذي تقوم به الاندية بدفع رواتب وعقود للاعبيها.
- طقوس رمضان ومائدة العائلة ؟
ثقافتي الدينية الإسلامية أستطيع بها محاججة متخصصين كثر، اذ كانت تربيتي احترام هذا الدين الحنيف، وقد تقدمت بالمرحلة الثانوية الى امتحان التربية الإسلامية مع طلبة مسلمين وحصلت على علامة امتياز متفوقاً عليهم.
في شهر رمضان المبارك، أتذّكر أن والدتي نذرت على نفسها بأنه اذا ما عُيّن ابنها أنور في وظيفة ستصوم شهر رمضان كاملاً، فأوفت بالنذر مع انه صادف مع «الصوم الاربعيني» في تلك السنة ما اضطرها لصوم رمضان والصوم عن اللحوم والمشتقات الحيوانية، لتفطر على الخضار فقط.
بالنسبة لي أنا أُحب وجبة «العيش–دقيق القمح »، حيث أقوم بزيارة شقيقتي كلما عنّت على بالي هذه الوجبة اللذيذة.
الرأي