محمد بن سلمان: ببساطة لا أهتم إذا كان بايدن يسيء فهمي

جفرا نيوز - قال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في مقابلة مع مجلة ”ذي أتلانتيك" نُشرت، اليوم الخميس، إنه ”ببساطة لا يهتم"، وذلك ردًا على سؤال عما إذا كان الرئيس الأمريكي جو بايدن يسيء فهمه.

وقال إن الأمر يرجع لبايدن ”في التفكير بمصالح أمريكا"، مضيفًا أنه ينبغي للبلدين ألا يتدخلا في الشؤون الداخلية لبعضهما.

وتابع: ”أنا لست أمريكيًا، لذا لا أعرف إذا كان لدي الحق في الحديث عن المصالح الأمريكية أم لا، ولكنني أعتقد أن أي دولة في العالم لديها مصالح أساسية: اقتصادية، وسياسية، وأمنية، وهذا هو الأساس الرئيس الذي تقوم عليه السياسة الخارجية لأي دولة".

وقال: ”إن السعودية عضو في مجموعة العشرين، وقبل 5 سنوات كنَّا قريبين من المرتبة 20، أما اليوم فنحن على وشك الوصول إلى المرتبة 17 بين دول مجموعة العشرين، ونطمح للوصول إلى مرتبة أعلى من المرتبة 15 بحلول 2030".

وأضاف: ”كان هدفنا هو نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 5.9%، ونعتقد أننا حققنا نسبة 5.6%، في العام 2021، وهذا بالتأكيد يضعنا من بين أسرع الدول نموًا في العالم، وفي العام المقبل، سينمو الاقتصاد بأكمله بنسبة تقارب 7%".

وتابع: ”السعودية ليست دولة صغيرة، فهي من ضمن دول مجموعة العشرين، وأسرع البلدان نموًا في العالم، مما يدفعنا إلى التساؤل، أين تكمن الإمكانيات العالمية؟ إنها في المملكة العربية السعودية، وإذا أردت تفويتها، فهناك أشخاص آخرون في الشرق سيكونون سعداء للغاية، وفي الوقت نفسه تحاول صدهم، أنا لا أستطيع فهم ذلك".

 
وردًا على سؤال هل هو مرتاح مع الصين بطريقة لم يكن مرتاحًا لها في الماضي، أجاب: ”نحن لدينا علاقة طويلة وتاريخية مع أمريكا، وبالنسبة لنا في السعودية هدفنا هو الحفاظ عليها وتعزيزها، ولدينا مصالح سياسية، ومصالح اقتصادية، ومصالح أمنية، ومصالح دفاعية، ومصالح تجارية، ولدينا العديد من المصالح، ولدينا فرصة كبيرة لتعزيز كل هذه المصالح، وأيضًا لدينا فرصة كبيرة لخفضها في عدة مجالات، وإذا سألتنا في المملكة العربية السعودية، فنحن نريد تعزيزها في جميع المجالات"، في إشارة إلى استثمارات المملكة في الولايات المتحدة والتي تبلغ 800 مليار دولار.

وأضاف: ”ليس لأحد الحق في التدخل بشؤوننا الداخلية، فهذا الأمر يخصنا نحن السعوديين، ولا أحد يستطيع فعل شيء حيال ذلك، وإذا كنت تعتقد أن لديك وجهات نظر معينة في الشأن الاجتماعي، وكانت قوية، فأنت ستكسب دون الضغط علينا، واسمح لي أن أقدم لك مثالًا، نحن لم نُلغِ العبودية قبل 60 أو 70 سنة؛ ليس لأنه تمت ممارسة ضغوط علينا؛ بل لأنه كان هناك تأثير جيد من الدول الأجنبية، لقد درس السعوديون في الخارج، وجاءت الشركات الأمريكية والأوربية وغيرها من الشركات وعَمِلت في السعودية، وكان تأثيرها قويًا، وعليه قررنا أن العبودية أمر خطأ لا يمكن الاستمرار به، لذا ألغيناها".

وتابع: ”لهذا فإن ممارسة الضغوط لم تجدِ نفعًا على مدى التاريخ، ولن تجدي نفعًا، فإذا كانت لديك الفكرة الصائبة، والطريقة الصحيحة في التفكير، فاستمر فيما تفعله، فالأشخاص سيتبعونك إذا كان ذلك هو الأمر الصائب، وإذا كان الأمر خاطئًا، فالأشخاص سيتبنون طريقتهم الخاصة في التفكير، وعليك تقبل الأمر. فعلى سبيل المثال، في المملكة العربية السعودية، نحن نتقبل ثقافتكم في أمريكا، ونتقبل طريقة تفكيركم، ونتقبل كل شيء في دولتكم؛ لأن هذا الأمر عائد لكم، ونتمنى أن يتم معاملتنا بنفس الطريقة، فنحن نختلف مع الكثير من الأشياء التي تؤمنون بها، لكننا نحترمها، فليس لدينا الحق بوعظكم في أمريكا، بغض النظر عما إذا كنا نتفق معكم أو لا، ونفس الأمر ينطبق علينا، ولا أعتقد أننا في المملكة العربية السعودية قد وصلنا إلى المعيار الاجتماعي الذي نطمح له، ومع ذلك، نحن نختار التغييرات التي نعتقد أننا – كسعوديين – نشعر بالثقة فيها، بناءً على ثقافتنا ومعتقداتنا في المملكة العربية السعودية".

وأكد أن ”السعودية واحدة من أسرع البلدان نموًا في العالم، وستُصبح قريبًا جدًا البلد الأسرع نموًا في العالم".

وقال: ”لدينا اثنان من أكبر 10 صناديق في العالم، والمملكة تمتلك واحدة من أكبر الاحتياطيات بالعملة الأجنبية في العالم، ولديها القدرة على تلبية 12% من الطلب على البترول في العالم، والسعودية تقع بين 3 مضائق بحرية: مضيق السويس، ومضيق باب المندب، ومضيق هرمز، وتطل على البحر الأحمر، والخليج العربي، ويمر من خلالها 27% تقريبًا من التجارة العالمية، وإجمالي الاستثمارات السعودية في أمريكا هو 800 مليار دولار، وفي الصين، حتى هذا الوقت، استثمرنا أقل من 100 مليار دولار، ولكن يبدو أنها تنمو هناك بسرعة كبيرة، كما أن لدى الشركات الأمريكية تركيزًا كبيرًا على المملكة العربية السعودية، إذ لدينا أكثر من 300 ألف أمريكي في السعودية، وبعضهم يحملون كِلا الجنسيتين، ويقيمون فيها، والعدد يزداد كل يوم، لذا فالمصالح واضحة، والأمر يعود لكم سواء كنت تريد الفوز بالسعودية أو الخسارة".

العلاقة مع قطر وإيران

أجاب محمد بن سلمان عن سبب تغيير موقفه الآن عن موقفه قبل عدة أشهر بشأن قطر ”أنه شجار بين أفراد العائلة".

وقال: ”بالتأكيد، العائلة تظل عائلة، والأمر مثل شجار بين الأشقاء، مما يعني أنهم حتمًا سيتجاوزونه، وحتمًا سنصبح أفضل الأصدقاء، فلدى دول مجلس التعاون الخليجي نفس النظام، ولدينا نفس الآراء السياسية بنسبة 90% على ما أعتقد، ونواجه نفس المخاطر الأمنية، ونفس التحديات والفرص الاقتصادية، ولدينا كذلك نفس المجتمع والنسيج الاجتماعي، لذا نحن كلنا كدول مجلس التعاون الخليجي مثل دولة واحدة، وهذا ما دفعنا لتأسيس مجلس التعاون والعمل معًا؛ لأن عملنا معًا سيضمن أمننا، ويضمن نجاح خطتنا الاقتصادية، وسيُظهر أن أجندتنا السياسية يمكنها أن تنجح أيضًا، ومن المؤكد أن هناك بضعة اختلافات، لكن دورنا يتمثل بتعزيز المصالح، وحل الاختلافات".

وأضاف: ”هدفنا وتركيزنا منصب على كيفية بناء مستقبل رائع، فهم قريبون منا جدًا الآن، وأصبحنا أفضل من أي وقت آخر على مر التاريخ".

وقال ولي العهد السعودي حول إذا ما كنت يعتقد أنه يحظى بعلاقات أكثر إيجابية مع إيران: ”إنهم جيراننا، وسيبقون جيراننا للأبد، ليس بإمكاننا التخلص منهم، وليس بإمكانهم التخلص منا، لذا فإنه من الأفضل أن نحل الأمور، وأن نبحث عن سُبل لنتمكن من التعايش".

وأضاف: ”قد قمنا خلال 4 أشهر بمناقشات، وسمعنا العديد من التصريحات من القادة الإيرانيين، والتي كانت محل ترحيب لدينا في المملكة العربية السعودية، وسنستمر في تفاصيل هذه المناقشات، وآمل أن نصل إلى موقف يكون جيدًا لكلا البلدين، ويشكل مستقبلًا مشرقًا للسعودية وإيران".

العلاقة مع إسرائيل

وحول سؤال عما إذا كانت المملكة ستحذو حذو بعض الدول العربية في مسألة إيجاد علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، قال إن ”الاتفاق بين دول مجلس التعاون الخليجي هو ألَّا تقوم أي دولة بأي تصرف سياسي، أمني، اقتصادي من شأنه أن يُلحق الضرر بدول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، وجميع دول المجلس ملتزمة بذلك، وما عدا ذلك، فإن كل دولة لها الحرية الكاملة في القيام بأي شيء ترغب القيام به بحسب ما ترى".

وأضاف: ”إنهم يملكون الحق كاملًا في القيام بأي شيء يرونه مناسبًا للإمارات العربية المتحدة، أما بالنسبة لنا، فإننا نأمل أن تُحل المشكلة بين الإسرائيليين والفلسطينيين، إننا لا ننظر لإسرائيل كعدو، بل ننظر لها كحليف محتمل في العديد من المصالح التي يمكن أن نسعى إلى تحقيقها معًا، لكن يجب أن تحل بعض القضايا قبل الوصول إلى ذلك".

ولي العهد السعودي يؤكد على مضي بلاده نحو التغيير ويتمسك بالملكية والتنوع والإسلام

كشف ولي العهد السعودي محمد بن سلمان عن تفاصيل دقيقة حول خطط التغيير التي يشرف عليها في البلد الخليجي الكبير، والغني بالنفط، مؤكدًا تمسك بلاده بالمَلكية، والإسلام، والثقافة المحلية، مع مواصلة التغيير الذي يستهدف تطوير مختلف مناحي الحياة في المملكة.

وقال الأمير الشاب إن بلاده لا تحاول أن تكون مثل أي دولة أو نموذج آخر، بل تسعى إلى التطور ”بناءً على ما لدينا من مقومات اقتصادية وثقافية، وقبل ذلك الشعب السعودي وتاريخنا".

وأضاف بن سلمان: ”نحاول أن نتطور بهذه الطريقة، لذا لا نريد أن نقدم مشاريع منسوخة من أماكن أخرى، بل نريد أن نضيف شيئًا جديدًا للعالم، فالكثير من المشاريع التي تقام في المملكة تعد فريدة من نوعها، إنها مشاريع ذات طابع سعودي، فإذا أخذنا العلا على سبيل المثال، فهي موجودة في السعودية فقط، ولا يوجد أي نموذج مثلها على هذا الكوكب".

وأوضح: ”نحاول استخدام الأموال التي نملكها في صندوق الاستثمارات العامة، والأموال التي نملكها في ميزانية الحكومة بطريقة إبداعية تعتمد على ثقافتنا، وعلى الإبداع السعودي، أعطني مثالًا على أن أحد المشاريع منسوخة؟.. لا يوجد".

وأشار ولي العهد إلى أن السعودية ”قائمة على الإسلام، وعلى الثقافة القبلية، وثقافة المنطقة، وثقافة البلدة، والثقافة العربية، والثقافة السعودية، وعلى معتقداتها، وهذه هي روحنا، وإذا تخلصنا منها، فإن هذا الأمر يعني أن البلد سينهار، والسؤال الأهم هو: كيف يمكننا وضع السعودية على المسار السليم، وليس المسار الخاطئ؟".

وتابع: ”السؤال ذاته يواجه أمريكا: كيف يمكن للمرء أن يضع الديمقراطية، والأسواق الحرة، والحرية، على المسار السليم؟ لأن هذه الأمور قد تسلك المسار الخاطئ، لذا فإننا لن نقلل من أهمية معتقداتنا، لأنها تمثل روحنا، فالمسجد الحرام يوجد في السعودية، ولا يمكن لأحد أن يزيله، لذا فإننا -بلا أدنى شك- لدينا مسؤولية مستمرة إلى الأبد تجاه المسجد الحرام".

وقال محمد بن سلمان إن ”جميع الدول في العالم قائمة على معتقدات، فعلى سبيل المثال، أمريكا قائمة على أساس المعتقدات التالية: الديمقراطية، والحرية، والاقتصاد الحر، وغيرها، والشعب يكون متحدًا بناءً على هذه المعتقدات، فإذا طرحت السؤال التالي: هل جميع الديمقراطيات جيدة؟ وهل جميع الديمقراطيات مجدية؟ بالتأكيد لا".

 وأوضح محمد بن سلمان أن ”مصطلح (الإسلام المعتدل) ربما يجعل المتطرفين والإرهابيين سعيدين، حيث إنها أخبار جيدة لهم إذا استخدمنا ذلك المصطلح، فإذا قلنا (الإسلام المعتدل) فإن ذلك قد يوحي أن السعودية، والبلدان الأخرى، تقوم بتغيير الإسلام إلى شيءٍ جديدٍ".

وتابع: ”نحن نرجع إلى تعاليم الإسلام الحقيقية، التي عاش بها الرسول -عليه الصلاة والسلام-، والخلفاء الأربعة الراشدون، حيث كانت مجتمعاتهم منفتحة ومسالمة، وكان عندهم مسيحيون ويهود يعيشون في تلك المجتمعات، وأرشدتنا هذه التعاليم إلى أن نحترم جميع الثقافات والديانات بغض النظر عنها، وهذه التعاليم كانت مثالية، ونحن راجعون إلى الجذور، وإلى الشيء الحقيقي".

وقال في السياق ذاته: ”إن ما حدث هو أن المتطرفين اختطفوا الدين الإسلامي وحرَّفوه، بحسب مصالحهم، حيث إنهم يحاولون جعل الناس يرون الإسلام على طريقتهم، والمشكلة هي انعدام وجود من يجادلهم ويحاربهم بجدية، وبذلك سنحت لهم الفرصة لنشر هذه الآراء المتطرفة المؤدية إلى تشكيل أكثر جماعات الإرهاب تطرفًا، في كلٍ من العالمين السني والشيعي".