الأحزاب السياسية بعد تعديل الدستور
جفرا نيوز - بقلم د.ليث نصراوين
دخلت التعديلات الدستورية لعام 2022 حيز النفاذ حيث انقضت مدة الثلاثين يوما بعد التصديق عليها ونشرها في الجريدة الرسمية. وعليه، أصبحت الأحكام المستجدة في الدستور واجبة التطبيق، ويمكن لكل ذي مصلحة أن يتمسك بها في أي نزاع أمام القضاء الوطني.
وقد أحسنت لجنة الأحزاب في وزارة الشؤون السياسية والبرلمانية صنعا عندما أعلنت على لسان رئيسها بأنها قد أوقفت عملها، حيث لم تعد هذه اللجنة مختصة بالنظر في طلبات تأسيس الأحزاب السياسية ومتابعة شؤونها، إذ انتقل هذا الاختصاص بموجب التعديلات الدستورية الأخيرة إلى الهيئة المستقلة للانتخاب. وكخطوة تنفيذية لقرارها الإيجابي، فإنه يتعين على لجنة الأحزاب أن تقوم بإحالة ما بحوزتها من طلبات مقدمة لتسجيل أحزاب سياسية إلى الهيئة المستقلة للانتخاب.
بدورها قامت الحكومة بإقرار التعديل اللازم على نظام التنظيم الإداري للهيئة المستقلة للانتخاب لصالح إنشاء وحدة الأحزاب السياسية، التي ستتولى مسؤولية الإشراف ومتابعة كافة الأمور ذات الصلة بالأحزاب السياسية. إلا أن هذا النظام المعدل لم تتم المصادقة عليه بعد ولم يتم نشره في الجريدة الرسمية لغايات دخوله حيز النفاذ، وذلك حتى تاريخه.
ويبقى التساؤل الدستوري الأبرز حول الإطار القانوني الذي سيحكم تعامل الهيئة المستقلة للانتخاب مع ملفات تأسيس الأحزاب السياسية التي ستحيلها إليها لجنة شؤون الأحزاب. فقانون الهيئة المستقلة للانتخاب لم يتم تعديله بعد، ذلك على الرغم من أن المجال كان متاحا قبل نفاذ التعديلات الدستورية بأن يتم تقديم مشروع قانون معدل إلى البرلمان لإقراره والتصديق عليه، وذلك لتحقيق المشروعية القانونية في تعاطي الهيئة المستقلة مع الأحزاب السياسية.
إن غياب النصوص القانونية الواضحة التي تنظم صلاحيات الهيئة المستقلة على طلبات تأسيس الأحزاب سيثير مشاكل في الواقع العملي، خاصة وأن قانون الأحزاب السياسية قد حدد مواعيد زمنية معينة للتعامل مع طلبات تسجيل الأحزاب، ورتب آثارا قانونية على انقضائها. فالمادة (14) من قانون الأحزاب السياسية تنص صراحة على أن تصدر لجنة شؤون الأحزاب قرارها بالإعلان عن تأسيس الحزب خلال مدة لا تزيد على سبعة أيام من انقضاء ستين يوما على تاريخ تبليغ الإشعار بتسلم طلب التأسيس، أو انقضاء ثلاثين يوما على تاريخ الإشعار بتسلم الوثائق والبيانات اللازمة، بحيث يترتب على عدم صدور القرار بتسجيل الحزب أو رفض تسجيله خلال هذه المدة أن يعتبر الحزب مسجلا حكما بموجب القانون.
فعلى الرغم من أن قانون الأحزاب السياسية قد أصبح في حالة تعارض مع نصوص الدستور فيما يتعلق بالجهة المسؤولة عن متابعة شؤون الأحزاب، إلا أنه يبقى نافذا إلى أن يتم تعديله أو إلغائه وذلك عملا بأحكام المادة (128/2) من الدستور.
وعليه، يمكننا القول بأنه ونتيجة لانتقال الاختصاص في متابعة تأسيس الأحزاب السياسية من لجنة شؤون الأحزاب إلى الهيئة المستقلة للانتخاب بموجب الدستور، فإنه يمكن للهيئة المستقلة أن تمارس كافة الاختصاصات المقررة للجنة بموجب قانون الأحزاب السياسية، وأن تبسط يدها على طلبات تأسيس الأحزاب وتستكمل النظر فيها من النقطة التي انتهت إليها لجنة شؤون الأحزاب.
إن الهيئة المستقلة قد حلت حلولا دستوريا محل لجنة شؤون الأحزاب، بالتالي لها أن تمارس كافة صلاحياتها الواردة في قانون الأحزاب السياسية وذلك إلى حين تعديل القانون. فالمادة (76/2) المعدلة من الدستور قد ربطت اختصاص الهيئة المستقلة بتأسيس الأحزاب السياسية ومتابعة شؤونها بأن يتم وفق أحكام القانون.
* أستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق في الجامعة الأردنية