مخرجات ستعيق تطور المرأة في المجال السياسي


جفرا نيوز - كتبت رئيسة لجنة المرأة وشؤون الأسرة النيابية المهندسة عبير الجبور

خلصت مخرجات اللجنة القانونية لمجلس النواب لقانون الأحزاب الى تخفيض نسبة مشاركة المرأة في الأحزاب قيد التأسيس لتصل الى 10 % على الأقل، بعد أن كانت النسبة المفترضة لا تقل عن 20 % من عدد مؤسسي الحزب ضمن توصيات لجنة تحديث المنظومة السياسية، ما يطرح العديد من الأسئلة حول الرؤية النظرية السياسية للجنة القانونية، والمبررات التي حدت بها نحو تلك المخرجات التي تتناقض مع التوجيهات الملكية ومخرجات لجنة التحديث المتشكلة من خبراء ممثلين عن كافة الأطياف وليسوا أغرارا في الحقل السياسي. صحيح أن المخرجات اللجنة الملكية ليست نصا مقدسا وهي بعهدة مجلس النواب لدراستها وتعديلها إن تطلب الأمر ومن ثم التصويت عليها؛ لكني لا أجد أية مبررات مقنعة لتخفيض النسبة المقترحة لوجود المرأة في الحزب، حيث اثبتت المرأة الاردنية قدرتها وكفاءتها في شتى المجالات.

ان نسبة مشاركة المرأة في أي تشكيل سياسي من المفترض أن تكون متقاربة مع نسب حضور الرجل، مرتكزة على الحق الطبيعي والدستوري الذي يساوي بين الجنسين في الحقوق والواجبات وهذا ما أوحت به المادة الدستورية المعروفة بأن الاردنيين والاردنيات سواء، و النص الدستوري يعتبر داعما للتطوير والتنمية، ومحققا لمبدأ العدل والانصاف، حيث يؤسس الحزب على أساس المواطنة والمساواة بين الاردنيين، لكن تجرؤ اللجنة القانونية بإنتاج تلك الحزمة الهزيلة من المخرجات تحمل مؤشرات خطيرة ستؤثر سلبا على المرأة، وهي تشكل انقلابا على مسيرة تطور المرأة الأردنية في المجال السياسي، وهي المسيرة التي تلقت دعما لا محدودا من لدن جلالة الملك المعظم.

إن حقوق المرأة المدنية والاقتصادية والسياسية مصونة في المواثيق الدولية والدستور الأردني، وأن التعامل مع هذه الحقوق وكأنها مكارم من قبل اللجنة القانونية أمر مرفوض بشكل قاطع، وأن العبث بالصيغ الجندرية من قبل غير المتخصصين، أو ممن يتعصبون للأفكار القديمة، ويتعطشون لمزيد من الهيمنة الذكورية في كل المجالات؛ سيعيدنا الى المربع الأول، فالمرأة لا تستجدي حقوقها كما يعتقد البعض، فهي ولدت حرة كاملة الحقوق، وهذه هي القاعدة المدنية التي قامت عليها الدول العصرية الحديثة، الى جانب أن اللجنة القانونية لم تكثف تواصلها ومشوراتها مع ممثلات القطاعات النسائية ومن ضمنهن عضوات مجلس النواب.

إن الرؤى الملكية السامية الرامية إلى تمكين المرأة شكلت خارطة طريق واضحة وسط هذا الجدل، ولكن عملية ترجمتها يجب أن تأخذ بعين الاعتبار عدة قضايا أساسية من ضمنها، الحقوق الطبيعية للمرأة، المواثيق والاتفاقيات الدولية التي التزم بها الاردن، والواقع الاقتصادي والاجتماعي لقطاع المرأة في الاردن، والاقصاء والتهميش الذي تعرضت له المرأة منذ عقود، والمسيرة الطويلة للنهوض بالمرأة والتي أسس لها الملك الراحل الحسين بن طلال رحمه الله، واستكملها الملك المعزز عبد الله الثاني المعظم، ما يدفعنا الى الاستمرار والبناء على تلك الانجازات بإضافة مداميك جديدة تتيح للمرأة دفعة جديدة من التطور والتمكين، وليس نكوصا ونكرانا لتلك الانجازات كما يرى البعض.