رحلات ماكرون المكوكية.. رهان انتخابي محفوف بالمخاطر
جفرا نيوز - بعد جولته المكوكية في موسكو وكييف وبرلين التي تأتي ضمن محاولات دبلوماسية لتهدئة التوتر بشأن أزمة أوكرانيا، أعرب الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، عن أمله في "تخفيف حدة توتر" الأزمة بين روسيا والغرب، ورأى أن الوضع الحالي في أوروبا "حساس" ويستدعي أن يكون الجميع "مسؤولين للغاية".
وتقول صحيفة "نيويورك تايمز" إن ماكرون يحمل رهانا محفوفا بالمخاطر قبل أسابيع من الانتخابات الرئاسية في فرنسا، من خلال محاولاته إقناع نظيره الروسي، فلادمير بوتين، بالحوار بشأن أوكرانيا.
تشير الصحيفة الأميركية إلى أن نجاح الوساطة الفرنسية قد يرفع من حظوظ ماكرون بالفوز بولاية جديدة في الإليزيه، ولكن حال فشل تلك الجهود الدبلوماسية، فإنه يخاطر ليس فقط بخسارة أصوات الناخبين الفرنسيين، بل أيضا بالإضرار بمكانته العالمية.
وخلال الأسبوع الماضي، اجتمع ماكرون في العاصمة الروسية موسكو مع نظيره بوتين، ضمن المساعي الدبلوماسية المكثفة بهدف حلحلة الأزمة بين روسيا والغرب بشأن أوكرانيا، قبل أن ينتقل إلى كييف للقاء نظيره الأوكراني، ثم سافر إلى ألمانيا لبحث القضية ذاتها مع المستشار، أولاف شولتس.
وقال الإليزيه بعد الجولة المكوكية إن ماكرون حذر نظيره الروسي من أن "حوارا صادقا لا يتلاءم مع تصعيد عسكري" على الحدود الأوكرانية. وأوضح الإليزيه أن ماكرون وبوتين "أعربا عن رغبتهما في مواصلة الحوار" حول "سبل التقدم في تنفيذ اتفاق مينسك" في شرق أوكرانيا و"شروط الأمن والاستقرار في أوروبا".
وأضاف الإليزيه أن الرئيس الفرنسي، الذي يعتبر أول مسؤول غربي من الصف الأول يلتقي بوتين منذ تصاعد التوتر في ديسمبر، "نقل مخاوف شركائه الأوروبيين وحلفائه".
أمر غير مؤكد
وخلال لقاء مع الصحافيين على متن الطائرة الرئاسية العائدة إلى باريس، قال ماكرون إن الذهاب إلى الكرملين، ومواجهة الرجل الذي وضع سلاحا على رأس الغرب بحشد 130 ألف جندي على الحدود الأوكرانية، كان ضروريا.
ومع ذلك، قال مقال تحليلي بمجلة "فورين أفيرز" إنه في الوقت الذي يركز فيه العديد من حلفاء فرنسا الأوروبيين على الحفاظ على الوحدة، أصر ماكرون على أهمية اتباع نهج أوروبي معدل تجاه روسيا حتى مع خطر تقويض المفاوضات التي تقودها الولايات المتحدة مع موسكو.
ولفت مقال المجلة إلى أن ماكرون حقق إنجازات على عدى جبهات في السنوات الماضية التي قضاها داخل قصر الإليزيه: فقد عمل على إصلاح القواعد التي تحكم العمال المتنقلين داخل الاتحاد الأوروبي، ودعم إنشاء صندوق دفاع بالكتلة لتعزيز القاعدة الصناعية العسكرية في أوروبا.
كما ساعد في تشكيل مفوضية أوروبية جديدة في اتجاه مواتٍ للمصالح الفرنسية. ومع خروج المستشارة الألمانية السابقة، أنغيلا ميركل، عن المشهد السياسي واستمرار القيادة الألمانية الجديدة في إيجاد موطئ قدم لها، حصل ماكرون على مكانة أكبر لقيادة أوروبا.
ونظرا لأن أوروبا تواجه أخطر تحدياتها الأمنية من روسيا منذ عقود، ومع تولي فرنسا الآن رئاسة مجلس الاتحاد الأوروبي، فإن لدى ماكرون فرصة ذهبية لإثبات مزايا سياسته الخارجية الخاصة. لكن استراتيجيته زادت أيضا من مخاطر إعادة انتخابه، وصوت فرنسا على المسرح العالمي، ومستقبل أوروبا، طبقا للمجلة الأميركية.
وفي هذا الصدد، تقول "نيويورك تايمز" إنه على الرغم من أن ماكرون المرشح الأوفر حظا للفوز بالانتخابات الرئاسية الفرنسية، إلا أن احتمالية ارتفاع معدل الامتناع عن التصويت بين الفرنسيين المحبطين من السياسة والجاذبية القوية لليمين المتطرف تجعل إعادة انتخابه أمرا غير مؤكد.
ورغم أنه لم يعلن ترشحه رسميا إلى حد الآن، ما زال ماكرون المرشح الأوفر حظا في الانتخابات الرئاسية الفرنسية المقررة في أبريل مدعوما بحملة انتخابية غير حماسية وبعجز معارضيه عن فرض أنفسهم.
ومع ذلك، فإن دبلوماسية ماكرون وأفكاره حول إعادة تشكيل الأمن الأوروبي قد لا تأتي بنتيجة، طبقا للصحيفة التي تقول إن ما قد يكون ممكنا في فترة ولاية ثانية مدتها خمس سنوات لن يكون ممكنا بالتأكيد بحلول 24 أبريل، موعد الجولة الثانية من الانتخابات.
وأشارت الصحيفة إلى أنه إذا تجاهل بوتين دبلوماسية ماكرون وغزا أوكرانيا بالفعل، فإن كل الرهانات التي وضعها الرئيس الفرنسي ستنتهي.