ارتفاع معدل الجرائم في الجزائر.. انتقادات لـ"قانون قديم" وعدالة اجتماعية "غائبة"
جفرا نيوز -كشف تقرير رسمي صادر عن السلطات الجزائرية أن معدل الجريمة ارتفع بنسبة تفوق الـ 14 في المائة مقارنة مع معدل العام الماضي، وهو ما يعتبر "مؤشرا مقلقا يستدعي التحرك الفوري للوقوف عند الأسباب وإيجاد الحلول"، بحسب خبراء.
وقال المفتش العام للأمن الوطني، أرزقني حاج سعيد، في مؤتمر صحفي، أن معدل الجريمة ارتفع خلال السنة الماضية مقارنة بعام 2020 بـ 14.71 بالمائة، حيث سجلت مصالح الشرطة القضائية 296148 قضية مختلفة، تورط فيها 271961 شخصا، فيما بلغ عدد الضحايا 201105 ضحية، وذلك بحسب ما أوردته صحيفة "النهار".
و"أكثر من 296 ألف جريمة في عام واحد، يستدعي دق ناقوس الخطر، لاسيما أن معدل الجريمة في تصاعد مستمر يستدعي القلق"، بحسب ما قاله المحامي ورئيس مركز الدراسات القانونية، لحسن تواتي، في تصريحات لموقع "الحرة".
وشدد تواتي على وجود "أسباب عدة لارتفاع معدل الجريمة، أبرزها الظروف الاقتصادية، حيث أصبحت تجارة المخدرات والترويج لها، الطريق الأسرع لكسب المال".
وفي تقرير الأمن الوطني، تم الكشف أن الجهات المعنية عالجت حوالى 57798 قضية مخدرات من أصل 58124 قضية مسجلة، وأسفرت عن توقيف 69636 شخصا.
وانتقد تواتي الطبقة السياسية الحاكمة في البلاد، قائلا: "الأسباب السياسية لا تقل أهمية عن الاقتصادية، حيث أن تزايد قرارات العفو الرئاسية، يتم من خلالها السماح للموقوف أن يعود ويرتكب جريمته مرة أخرى".
وفي أكتوبر 2021، أصدر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون عفوا عن 3000 مسجون بمناسبة الاحتفال بالذكرى الـ 67 لاندلاع ثورة التحرير الجزائرية في أول نوفمبر 1954 بحسب بيان صادر عن وزارة العدل، وفقا لوكالة الأنباء الجزائرية.
ويتضمن مرسوم العفو الذي أصدره تبون، عفوا كليا للعقوبة لفائدة الأشخاص غير المحبوسين المحكوم عليهم نهائيا الذين تساوي عقوبتهم أو باقي عقوبتهم 12 شهرا أو يقل عنها.
ولكن العفو استثنى مجموعة كبيرة من الجرائم كان من بينها التخريب والإرهاب وجرائم الخيانة والتجسس والقتل والضرب العمدي المفضي إلى الوفاة والفعل المخل بالحياء مع أو بغير عنف على قاصر والاغتصاب وغيرها.
وفي يوليو من العام نفسه، أصدر تبون، عفوا عن قرابة 14 ألف سجين من غير المتهمين بـ"جرائم إرهاب أو تخريب أو فساد أو تآمر ضد السلطة".
ولفت تواتي إلى أن "انعدام استقلالية القضاء ووجود قانون عقوبات رحيم وقديم من شأنه أن يشجع المجرمين على ارتكاب أفعالهم الشائنة دون خوف من المحاسبة".
وتابع تواتي أن "غياب العدالة الاجتماعية وتفشي الفساد والبطالة في المجتمع، جعل الجريمة حالة مقبولة اجتماعيا بسبب الاعتياد عليها، حتى القتل العمدي".
ولم يكشف التقرير عن نسبة جرائم القتل، ولكنه أشار إلى أن عدد جرائم سرقة السيارات خلال عام 2021، بلغ عدد المركبات المسروقة 1535 مركبة، بينما بلغ عدد المتورطين 605 شخصا.
بدوره، يرى الباحث في علم الاجتماع، بلال الدادي، في تصريحات لموقع "الحرة"، أن "تفشي الجرائم في المجتمع يعود إلى الصعوبات المعيشية التي جعلت المواطن أسيرا للمخدرات والحبوب المهلوسة".
وأشار إلى أن "غالبية الجرائم ترتكب بعد تعاطي المخدرات أو من أجل شرائها، علما أنها منتشرة بين الفئات الشابة، وهذا ما يزيد من خطر ارتكاب جرائم تحت تأثيرها"، داعيا إلى التحرك سريعا من أجل وقف ما وصفه بالـ"دوامة" التي يصعب الخروج منها.
وفي مارس 2021، كشفت مديرة الوقاية بالديوان الوطني لمكافحة المخدرات، خداش غنية، عن ارتفاع في نسبة استهلاك المخدرات والمؤثرات العقلية في الوسط التربوي والجامعي في الجزائر، بحسب ما أوردته صحيفة "الشروق".
وقالت غنية إن التحقيقات كشفت أن استهلاك المخدرات أصبح يمس الشباب في سن مبكرة حتى وصل إلى حد الإدمان، محذرة من خطر استعمال هذه الفئة في ترويج المخدرات بحكم هشاشتها.
وأشارت المتحدثة إلى وجود 45 مركز لمعالجة الإدمان موزعة عبر التراب الوطني، مضيفة أن المدمنين لا يترددون عليها كثيرا.
وفي التقرير الرسمي الأخير، أعلنت السلطات أنها حجزت 9507.764 كيلوغراما من القنب الهندي، 20 كيلوغرما و358 غرام من الكوكايين، 1 كيلوغرام و839 غرام من الهيروين، بالإضافة إلى 3586285 قرصا مهلوسا.
وشدد الدادي على أن "هناك حالة من غياب التوعية والتوجيه لطاقات الشباب التي يجب أن تستخدم في أعمال تعود بالمنفعة على البلاد، سواء في الإدارات والمؤسسات العامة أو الخاصة منها".
وعن الحلول المقترحة، يقول تواتي أنه "يجب إعادة بناء المنظومة السياسية وإتاحة الفرص للشباب في ممارسة العمل السياسي والمشاركة في صناعة القرار، والحد من معدلات البطالة".
وواجهت الجزائر تحديات اقتصادية صعبة بعد عام من الحراك الشعبي الوطني وأزمة انتشار فيروس كورونا المستجد التي أثرت بشكل كبير على اقتصاد البلاد وارتفاع نسب البطالة، بحسب تقرير لمؤسسة فريدريش إيبرت.
وتابع تواتي: "لا بد من إعادة النظر في قانون العقوبات، لاسيما النصوص المتعلقة بجرائم المخدرات، فهي قديمة ويجب تطويرها بشكل علمي".
واقترح أن يتم تشكيل "جهاز متكامل يجمع قانونين وأخصائيين نفسيين وسياسيين من أجل معالجة هذه الظاهرة، وإيجاد الحلول الشاملة والمناسبة لها التي تبدأ بتعديل القانون الجزائي".