هل يسود "ميتافيرس" عالم تكنولوجيا الاقتصاد؟

جفرا نيوز - مع أن مصطلح "ميتافيرس" أو العالم الافتراضي للواقع التخيلي ليس بجديد، لكن انتقاله من روايات الخيال العلمي في تسعينيات القرن الماضي إلى صناعة كاملة جديدة في مجال التكنولوجيا ارتبط بتغيير شركة "فيسبوك" اسمها قبل أشهر إلى "ميتا بلاتفرومس إنك". وأصبحت المجموعة المالكة لـ "فيسبوك" و"إنستغرام" و "واتساب" و"ماسنجر" منافساً رئيساً لشركة "مايكروسوفت" بالاستثمار في تكنولوجيا "ميتافيرس" الجديدة.  وصحيح أن هناك أكثر من شركة من كبريات شركات التكنولوجيا العالمية تستثمر في "ميتافيرس"، من شركة "أمازون" إلى شركة "تنيسنت" الصينية، أكبر شركة ألعاب فيديو إلكترونية في العالم.

وتضخ شركات التكنولوجيا مليارات الدولارات في تطوير تكنولوجيا "ميتافيرس"، مما جعل سماسرة البورصة ومستشاري الاستثمار في البنوك والشركات الاستثمارية ينصحون عملاءهم بشراء أسهم شركات لها علاقة بـ "ميتافيرس"، فعلى الرغم من توقعات تراجع اهتمام المتعاملين في السوق بشركات النمو السريع في مجال التكنولوجيا، بخاصة تلك التي حققت توسعاً هائلاً في فترة عامي وباء كورونا، مع تشديد السياسات النقدية ورفع أسعار الفائدة، إلا أن مجالات تكنولوجيا ذكية جديدة ربما تشهد صعوداً وفي مقدمها "ميتافيرس".

لذا ومع إعلان شركة "ميتا" إفصاحها المالي للربع الأخير من العام الماضي الذي هوى بأسهمها إلى أكثر من 20 في المئة الأسبوع الماضي، أكد رئيس الشركة ومؤسس "فيسبوك" مارك زوكربيرغ أنه متفائل بأداء الشركة خلال العام الماضي "في مجالات مثل ريلز والتجارة عبر الإنترنت والواقع الافتراضي، وسنواصل الاستثمار في هذه المجالات وفي أولويات أخرى في عام 2022، ونحن مستمرون على طريق بناء عالم ميتافيرس".

"فيسبوك" و "ميتافيرس"

وكانت الشركة استثمرت نحو 10 مليارات دولار العام الماضي في تطوير منتجات الواقع الافتراضي لتطوير تكنولوجيا "ميتافيرس" وابتكار منتجات الواقع الافتراضي حيث يمكن للمستخدمين "العمل واللعب والتواصل" في منصة واحدة. وبحسب البيانات المالية للشركة، فقد حققت وحدة تطوير الواقع الافتراضي في الشركة "ميتا رياليتي لابس" عائدات بقيمة 2.3 مليار دولار من مبيعات سماعات الواقع الافتراضي "كويست".

ومنذ ظهر "فيسبوك" قبل 18 عاماً والشركة تسعى إلى الحفاظ على ريادتها في مجال مواقع التواصل عبر الإنترنت، ويقول المحللون في مجال التكنولوجيا إنها كانت دوماً تلجأ إلى تقليد منتجات أخرى لحماية وضع منصتها الريادي، لكن منذ خريف العام الماضي بدأت الاستثمار بكثافة في التكنولوجيا الجديدة واستحوذت على شركات صغيرة تطور تكنولوجيا "ميتافيرس"، بهدف أن تكون مجموعة "ميتا" منصة ابتكار متكاملة في هذا المجال.

وتسعى الشركة إلى أن تطور منصة متكاملة لا تقتصر على الألعاب الإلكترونية التي تعتمد "ميتافيرس"، بل على بيئة مكتفية ذاتياً تشمل أيضاً التواصل وغيره من النشاط البشري.

وفي البداية كان هدف "فيسبوك" أن يكون لـ "ميتافيرس" اقتصاده الخاص أيضاً، لذا قررت الشركة العام 2019 طرح مشروع إصدار عملة مشفرة مقومة بالدولار أطلق عليها اسم "ليبرا"، غيرت اسمها بعد عام إلى "دييم"، قبل أن تتخلى عنها تماماً الشهر الماضي. وفي محاولة لجعل المشروع بعيداً من ناحية الأعمال عن "فيسبوك"، أسست تحالفاً يضم شركة المدفوعات والتحويلات الإلكترونية "باي بال" وشركة بطاقات الائتمان "فيزا" وشركة "سترايب إنك"، وجعلت العملة الرقمية المقترحة مرتبطة بعملة رسمية، وليست افتراضية تماماً مثل العملات المشفرة الأخرى "بيتكوين" و"إيثيريوم".

الخدمات المصرفية

وما إن طرحت "فيسبوك" مشروع عملتها المشفرة حتى استدعت السلطات مارك زوكربيرغ للشهادة أمام الكونغرس، حيث دافع عن المشروع باعتباره طريقة لتوفير خدمات مصرفية لمن لا يتعاملون مع المصارف. إلا أن رئيس الاحتياط الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي) جيروم باول أعرب وقتها عن القلق العميق من إصدار "فيسبوك" عملة مشفرة حتى لو كانت أقل أخطاراً من حيث المضاربة لربطها بالدولار. وأعربت هيئة البورصة والأوراق المالية الأميركية عن مخاوفها من تأثير إصدار العملة المشفرة "ليبرا" أو"ديم" على الاستقرار المالي وخصوصية المعلومات والبيانات، وحذرت الهيئة وقتها من أن عملة "فيسبوك" يمكن بسهولة استخدامها في عمليات تمويل إرهاب أو غسل أموال أو غير ذلك من النشاطات المماثلة.