إلى دولة الرئيس المحترم
جفرا نيوز - كتب ابراهيم عبدالمجيد القيسي
نحن أيضا مضت علينا فترة، لا ننام ليلنا، نتوجّد أملا وهمّا وألما على بلدنا، وقلنا لبعض من سبق لهم ان جلسوا في مكانك (نحن نخشى على البلد ونفكر فيه أكثر منكم)، وننسى التزاماتنا اليومية وبيوتنا خشيةً على دولتنا وبلدنا وقيادتنا، وهذا واقع حالي شخصيا قبل سنوات، لكنني أصدقك القول حين أذكر لك بأن هذا الشعور قد خبا، وخفت ضوءه عندي، وذلك قبل أن تكون رئيسا للحكومة، ولك ان تتخيله عند غيري، حيث لا نعتب على الغاضب إلا بمقدار وعيه وفهمه للشان العام، فهناك غاضبون تلقائيون نعذرهم على غضبهم، فهم لم ينطقوا بحرف او يعبروا عن شعور، إلا حين تعاظمت قسوة الظروف عليهم، ولم يكونوا قبل هذا من المهتمين أو المتحدثين عن الشأن العام..
كانوا قبل وقت قصير بين الأغلبية الصامتة، لكنهم تحرروا من صمتهم وواجهوا الظروف بما تيسر من مصطلحات وكلمات.. لا تسعفهم غالبا بتعبير متوازن.
لا أجاملك، ولم أجامل غيرك حين أتحدث عن الدولة والبلد، اقول ذلك بكل أسف، لأنني لم أتعلم المجاملة بعد، ففقدت بذلك فرصا كثيرة جميلة، حيث لا أحد ينصفنا في غيابنا، والجميع يجنح لخطاب الثرثرة والاتهام، وأقول عن نفسي، فإنني وبحكم فهمي المتواضع للسياسة وللظروف وأحكامها، أستطيع القول بأنك قدمت للدولة ما لن يتمكن غيرك من تقديمه لو شهدت حكومته الظروف نفسها، وهذا كلام بعيد عن المجاملة، لأنني اتحدث عن بلاد ودولة وليس عن رئيس حكومة.
ومع ذلك، ثمة أخطاء نوعية تحدث في بعض الوزارات، وعلى الرغم من أنها تحدث قبل مجيء حكومتك، إلا أنها تستفزنا أكثر لأنها ما زالت تحدث حتى اليوم ورغم كل هذه الظروف، ورغم اختصاص رئيس الحكومة وخبراته في مجال القانون.. فالأمر يزيدنا استفزازا لأنه متعلق بسيادة القانون، التي ما انفكّ جلالة الملك وكل النخبة المتوازنة والمظلومين يطالبون بتحقيقها، ورغم هذا فالقانون يغيب عن ذهنية وإجراءات موظفين في القطاع العام!.
بالنظر للنتائج، فالأجهزة الأمنية تقوم بكل واجباتها، وهي صمام الأمان، وهي الحارس الفعلي للقانون والدولة والناس، فجهاز كجهاز الامن العام مثلا، استطاع أن يقدم نموذجا مثاليا في اداء واجباته، وتحسين هذا الاداء، بل وقام بتطوير إجراءاته على شكل منسجم مع كل توجهات الدولة، في خدمة الناس بطريقة متحضرة ومحترمة، والسلطة القضائية تعمل بسلاسة ولا مجال للتشكيك بدورها فهي لا تتقاعس او تتراجع عن تحكيم القانون، وهي ميزانه النزيه، وتبلي حسنا وتقدم اداءا طبيعيا، وتستوعب المتغيرات التي فرضتها تداعيات الجائحة الصعبة..
الحلقة الأضعف تكمن في بعض المؤسسات والوزارات، حيث هناك كيانات وإدارات للشؤون القانونية في كل مؤسسة ووزارة، لا تلتزم بعضها بل كثير منها بالحوكمة ومتطلباتها، فتشعر عند رؤيتك ومعرفتك عن بعض الممارسات، بأنك تتعامل مع كيان لا يمت للحكومات بصلة، ولا يعلم شيئا عن توجهات الدولة !.
البدع والفذلكات والالتفاف على قوانين الدولة، تنطلق من بعض تلك الادارات ومن بعض الجهات الرقابية في المؤسسات، ومن موظفين استغلوا مواقعهم من المسؤولية، وثمة في تلك المؤسسات ثقافة جاثمة على الإجراءات منذ زمن بعيد، همها الأول (إضفاء الصفة القانونية على كل ما يصدر عن المؤسسات وعن مسؤوليها وموظفيها) حتى لو كان ما يصدر عنها اجتهادات وأخطاء واضحة، ولدي أكثر من مثال لن اذكر منها شيئا بسبب ضيق مساحة المقال، لكنني اكتفي بتوجيه هذا المقال "السؤال" لدولتكم، وانت رجل القانون وابن هذه الدولة:
لماذا لا يقوم بعض الموظفين والمسؤولين باحترام القانون وسيادته، بل احترام أحكام المحاكم القطعية ويمتنعوا عن تنفيذها، بينما يجتهدون في ممارسة تلك الفذلكات، ويضيعوا حقوق الناس، وهم بعض المتضررين، الذين لجاوا للمحاكم فأنصفتهم، لكن "هؤلاء"، عطلوا تنفيذ احكاما قضائية، واستغلوا اكثر من مرة تغيير المسؤولين لينفذوا ما لا يتوافق مع قانون وقضاء، في شكل صارخ من التحدي للقضاء واحكام المحاكم الأردنية، فوق عدم اعترافهم وامتثالهم للقانون؟!.
لدي مثال حيّ يتقادم وينحو كي يكون مزمنا، ويشكّل مصدرا لمزيد من هدر لحقوق الناس، والإساءة إلى الأهداف الكبيرة التي تسعى الدولة لتحقيقها، بعد ان قطعت شوطا في تحديث منظومة من التشريعات الناظمة للحياة السياسية، والهادفة لتثبيت سيادة القانون وكرامة وحقوق الناس!!.
هذه حالة تبعث على التساؤل وأنا متأكد تماما بأنها ستكون بحكم المنتهية بعد اطلاع دولتك ..