أحقًا مات مأزومًا بلا هوية؟
جفرا نيوز - معتصم الهويمل
مات عدنان أبو عودة موتًا كاملًا، ذلك الرجل الفلسطيني البسيط الذي تبوء مناصبًا عدة في تاريخ الدولة الأردنية، ولم يكن عدنان أبو عودة من عشيرة كبيرة، وهذا كان من مقومات تبوء المناصب في الدولة سابقًا، ولا يزال أثر ذلك حتى اللحظة.
كان أبو عودة يقيم في الكويت والتي جيىء به منها لاحقًا، ترك العمل بالتدريس ليصبح رجلًا مقربًا من مطبخ القرار، بل أصبح من كبار من يعدّون القرارات في الدولة، بداية كل هذا كان عندما "عاد من الكويت، يقضي إجازته الصيفية في الأردن، ذات يوم كان يعبر من أمام البنك العربي في وسط البلد في عمان متجهًا لمقهى السنترال حين سمع صوتا ينادي: عدنان، التفت لمصدر الصوت وكانت المفاجأة: كان صاحب الصوت هو (محمد رسول الكيلاني)مدير المخابرات الأردنية آنذاك، تعانق الرجلان، كانا زميلا دراسة، فرق بينهما الزمن عشر سنوات وبعد العناق كانت حياة أبو عودة قد تغيرت للأبد". لينضم بعد ذلك إلى جهاز دائرة المخابرات العامة ويترقى بواسطة من زميل دراسته أبو رسول إلى رتبة رائد وكانت ترقيته حصلت خلال أربعة سنوات فقط، ثم أصبح متخصصًا في السيكولوجيا المعلوماتية، لا يطلع على تقاريره بجانب (ابو رسول) إلا الملك فقط.
مات معالي عدنان أبو عودة ولم يعرف لبوصلته وجهة، كان قد دافع عن دور الأردن ووصفي في (معركة الكرامة) ودافع عن حقوق فلسطيني الأردن (المنقوصة) وقبل كل هذا انتقلت بين ايدلوجيات مختلفة تمامًا في ظرف سنوات لم تتجاوز العشرة، إذ كان عضوًا في حزب التحرير ومن ثم إلى الحزب الشيوعي ومن ثم ملازم أول في دائرة المخابرات.
مات أبو عودة يراه الفلسطيني خائنًا لأنه عمل مع الدولة الأردنية في الحرب على الفدائيين، يراه الأردني خائنا إذ مات ابو عودة وهو يصف الأردن بـ"Extension" الوصلة الجغرافية التي تصل العراق بقناة السويس، وهذا ما يدعو الأردني لأن يتذكر أن وجود من هم مثل أبو عودة إبان فترة وجوده هي ضرورة حتمية ومن متطلبات المرحلة، حيث كان ابو عودة الذي يرى الأردن "Extension" هو أفضل الخيارات المتاحة في ظرف كان الجميع يرى بأن إسقاط النظام في الأردن وأغتيال الحسين ضرورة قومية وأولوية للقضية.
وكانت الفجوة واضحة بين عدنان والمجتمع الأردني المحيط به، لأسباب عدة وتحولت الفجوة لشرخ عظيم بعد ظهور تسريبات ويكيليكس والتي كان له منها حصة الأسد، إذ نقل عبر السفارة الأمريكية برقيات عدة، ونقلت البرقيات عن عدنان ابو عودة وصفته "الفتى الفلسطيني المدلل في الديوان الملكي"قوله:" أن الحكومة الأردنية تتعمد تهميش البرلمانيين ذوي الأصول الفلسطينية مشيرًا إلى أن الدليل على كلامه هو العدد الضئيل من الفلسطينيين في مجلس الوزراء وفي المناصب العليا الأخرى" لم يشفع له حينها أمام الأردنيين أي مواقف سابقة أو علاقات كان يتغنى بها مع وصفي التل وغيره من رجالات الأردن.
وكان قد يواجه ابو عودة الحبس من محكمة أمن الدولة إثر تهمتي "الفتنة الإقليمية بين أبناء الشعب الواحد والانتقاص من الشعب الأردني، وإطالة اللسان على مقام جلالة الملك" بعد تصريحات أدلى بها لقناة الجزيرة كان قد قال خلالهما: "قانون الانتخاب الذي لا يراعي التوازن الديموغرافي في الأردن خاصة لسكان المدن وأن التحدث عن هذا القانون يعتبر خطا أحمر، لهذا فإن عملية إقصاء الفلسطينيين في المدن هي ضد العملية الديمقراطية والإصلاح بكافة أشكاله".
إتفقنا أو أختلفنا مات عدنان ابو عودة، وهو رجل يُشهد له بأنه أستطاع أن يحمل عصاه من المنتصف ويهش بها على أحلامه وطموحاته الشخصية، مات وهو الرجل الذي قضى أطول الفترات في الخدمة في معية الحسين، واستطاع أن يستغل علاقته مع زميله في المدرسة خير استغلال.