موظفون متهمون بالفساد على رأس عملهم!
جفرا نيوز - أثارت قضية بقاء موظفين محالين إلى القضاء والادعاء العام على قضايا فساد كبرى، على رأس عملهم، العديد من التساؤلات، رغم أن نظام الخدمة المدنية نص صراحة على توقيفهم إلى حين صدور الأحكام القطعية.
ففي الآونة الأخيرة، جرى اصدار الحكم الاولي بالسجن والغرامة الكبيرة على ثلاثة من كبار الموظفين الرسميين، الا انهم لا يزالون على رأس عملهم منذ بداية القضية قبل عامين.
صحف يومية تتبعت العديد من الموظفين الذين يحاكمون على قضايا الفساد للاطلاع على الجانب القانوني لبقاء بعضهم يمارس عمله لمحاولة تسليط الضوء على القضية وترك الأمر لأصحاب القرار في حسم الاختلاف القانوني إن وجد، فقد تبين أن بعضهم في السجون، ومنهم موقوفون عن العمل، والبعض الآخر لا يزال على رأس عمله رغم ان القضايا المرفوعة عليهم تزيد على 100 قضية محولة من الدائرة التي يعمل بها المتهمون ومن ثم الى هيئة النزاهة ومكافحة الفساد ومن ثم الى النائب العام والمدعي العام ثم اخيرا تصل الى الهيئات القضائية،
أحد المدعين العامين طلب عدم ذكر اسمه، قال : إنه ينبغي على كل مسؤول ان يوقف اي موظف عن العمل يحول للمدعي العام، مبينا أن هذا الأمر لا يطبق في بعض الأحيان بسبب المزاجية او عدم معرفة في تطبيق نظام الخدمة المدنية.
واوضح ان المادة 150 من نظام الخدمة المدنية تشير بوضوح الى انه «يوقف الموظف عن العمل بقرار من الوزير في أي من الحالات التالية: إذا تمت إحالته من دائرته إلى المجلس التأديبي أو المدعي العام أو المحكمة لارتكابه مخالفة مسلكية أو جناية أو جنحة مخلة بالشرف أو بواجبات الوظيفة، واذا تمت احالته الى الجهة القضائية المختصة بموجب احكام النظام المالي المعمول به، واذا طلب من دائرته ايقافه عن العمل بموجب احكام أي تشريع آخر، وإذا قدمت شكوى ضده بموجب أحكام البند (2) من الفقرة، بينما الفقرة (ب) من المادة (160) من النظام تشير?الى «للوزير ايقاف الموظف عن العمل اذا حركت بحقه شكوى لدى النيابة العامة او المحكمة».
واشار الى ان الفقرة (ج) تنص على ان الموظف المتهم يتقاضى خلال مدة توقيفه عن العمل ما نسبته (50%) من راتبه الاجمالي عن الستة أشهر الأولى من تاريخ إيقافه وإذا زادت مدة الإيقاف على ذلك فيتقاضى ما نسبته (25%) من مجموع راتبه وعلاواته ولا يجوز قبول استقالة الموظف أو إحالته الى الاستيداع قبل صدور القرار النهائي أو القطعي في الدعوى التأديبية أو القضائية المقامة عليه.
ومن جانبه، قال رئيس ديوان الخدمة المدنية سامح الناصر: إنه في حال كانت الجريمة مسلكية او الفساد او الجنح والجنايات والاستثمار الوظيفي فانه يجب ايقاف الموظف عن العمل خوفا من تلاعبه او ازالة ادلة او التأثير على الشهود، لافتا إلى أن الفقرة (أ) من المادة 150 في نظام الخدمة المدنية نصّت على توقيف الموظف، بينما الفقرة (ب) من المادة نفسها، تنص على أنه في حال تحريك اي قضية من المدعي العام او المحكمة فان الجوازية تعود للوزير لتوقيفه عن العمل.
وأضاف الناصر : انه في حال اوقف الموظف عن العمل فإنه يصرف له نصف الراتب لمدة ستة اشهر، وبعد ذلك ربع الراتب، وفي حال وجه له اتهام فإنه يتم كف يده عن العمل.
وأوضح انه في حال كان الموظف على رأس عمله وجرى اصدار الحكم عليه فان على الوزارة ملاحقته ماليا بخصم كل ما اخذه دون وجه اثناء المحاكمة لغاية صدور القرار.
وفي السياق، نفسه بين وزير سابق، أنه في احدى الوزارات الخدمية، تم تحويل موظفين كبار إلى القضاء، ورغم ادانتهم استمروا على رأس عملهم، لافتا إلى أنه كان ينبغي على الوزير المعني في ذلك الوقت إيقافهم عن العمل.
وأكد انه لا يجوز ان يبقى المسؤول المتهم او المحاكم بقضايا الفساد على رأس عمله، في حين تتخذ الاجراءات القانونية بحق آخرين من حيث الايقاف عن العمل والسجن.
ومن جهته، قال المحامي والمستشار القانوني ماجد الزعبي: انه ينبغي ايقاف اي موظف مهما بلغت درجته عن العمل في حال كانت تهمته الجناية او الجنح او الاستثمار الوظيفي وتطبيق القانون على جميع الموظفين، وفي حال كان الموظف المشتبه به مسؤولا فانه قد يبطش بأي موظف ادنى منه بالدرجة الوظيفية، اذا قدم شهادته بحقه.
واضاف الزعبي لـ$: ان تقرير هيئة النزاهة ومكافحة الفساد لعام 2019، يشير الى ان عدد الشهود من الموظفين الذين طالبوا بالحماية لدى الهيئة بلغ 107، حفاظا على وظيفتهم وتجنبا من بطش المسؤولين الذين يتخوفون من الكشف عن قضايا الفساد لديهم.
واوضح الزعبي، ان الفقرة (ب) من المادة 150 من نظام الخدمة المدنية والتي تنص على أن للوزير ايقاف الموظف، تختلف عن الفقرة (أ) من المادة نفسها، إذ أنها تختص بالقضايا التي"حركت شكوى من قبل المحكمة او النيابة العامة»، وهذه بالعادة بحسب الزعبي لا تكون جناية او جنحة او استثمار وظيفي، مشددا في ذات الوقت على أن القضاء الأردني هو قضاء عادل ويستمع للشهود وجاهيا، ولحق محامي الدفاع في الدفاع عن المتهمين، والتقاضي ثلاث مراحل.
ويؤكد الزعبي ان عدم توقيف الموظف يخالف الفقرة (ج) من المادة 160 من نظام الخدمة المدنية والتي تنص على انه في حال ايقاف الموظف فانه يتقاضى 50% من راتبه خلال الستة اشهر الاولى وفي حال امتد التوقيف لاكثر من ذلك فانه يتقاضى ربع راتبه بحسب القانون، وفي حال صدور قرار قطعي ببراءة الموظفين المتهمين فان الموظف يأخذ كافة مستحقاته خلال فترة توقيفه، بينما اذا صدر بحقه حكم قطعي بالادانه فان ما حصل عليه من رواتب وهو غير موقوف خلال فترة المحاكمة يجب استعادة الاموال التي تحصل عليها بطريقة غير قانونية.
من جانبه، قال المحامي الدولي والمتخصص بحقوق الانسان فيصل خزاعي: ان عدم توقيف الموظف بعد احالته للمدعي العام يكون اما بسبب ضغوط او بسبب المزاجيه، وهذا يخالف القانون.
وشدد على أنه ينبغي على المسؤول ان يعيد المبالغ التي تقاضاها الموظف المتهم كاملة دون نقصان، فالقانون يشير الى انه يجب ان يتقاضى فقط 50% خلال الستة اشهر و25% ما بعد ذلك.
وطالب الخزاعي، مجلس النواب، باستجواب المسؤولين عن هذه التجاوزات وخصوصا اذا كانوا من الكبار، حيث جرى سابقا في احدى القضايا ان بقي «مدير عام» على رأس عمله في ظل وجود لجان تحقيق في حادثة مروعة وقعت في دائرته وادت الى وفيات.
الرأي