لقاح ملكي لأمراض الإعلام الأردني

جفرا نيوز - إحسان التميمي
ليست المرة الأولى التي يلامس فيها الأمير حسين، ولي عهد الملك عبد الله الثاني، مآزق الإعلام الأردني ويقدم رؤية عصرية لإعلام حر وقوي ومستقل، لبلد قد يشهد تغيرات جذرية.

فالأمير الشاب-في بلد أكثر من ربع سكانه شباب-يدرك قوة المعلومات في العالم الحديث والبيئة الإعلامية والاجتماعية المتغيرة اليوم، والحاجة الملحة لتطوير العمل الإعلامي برمته بحيث يكون لدى الأردن فرصة لتقديم رواية محلية في أنشطتها، عالمية في منظورها وأدواتها.

الوصفة يسيرة؛ فكل ما نحتاجه اليوم قرارات بسيطة في ظاهرها، عميقة في باطنها تقودنا للخروج من حالة "سايلو منتلتي"، أي ذهنية الصومعة إلى مجالات التفكير والإبداع في هذا الشأن.

خذ مثلا كيف غابت الرواية الإعلامية المتماسكة والمحترمة في قضية الفتنة، ومن قبلها في حادثة مستشفى السلط ومئات بل آلاف الأحداث، ودفعنا الناس في الكثير من الأحيان إلى مصادرهم واستنتاجاتهم الخاصة وإن كانت خاطئة، ثم جئنا نبحث في أصول الإشاعات والتجاوزات ونلقي باللوم على وسائل التواصل الاجتماعي.

ثم جاءتنا أوراق باندورا لتسقط أخر أوراق التوت عن الإعلام الأردني، كان صمته خطيئة وأن تكلم فبسطحيته، وسذاجة كلامه كانت خطيئته أكبر، دع عنك ما فات ولنتخيل لو تعرض البلد لأي خطب كيف سيعمل الإعلام الوطني بكل مكوناته على التوجيه والتعبئة. 

تغيرت بيئات الوسائط الإعلامية جزئيًا كنتيجة للتكنولوجيا وتطورات السوق المرتبطة إلى حد كبير بظهور الوسائط الرقمية، واعتقدنا أن التغير في الشكل كفيل بتغير المضمون، لنجد أننا نسخنا تقنيات الإعلام في القرون السابقة وأسقطناها على وسائط القرن الحادي والعشرين دون تحديث أو إصلاح حقيقي حتى تكون فعالة وكفؤة ومناسبة لبيئة الوسائط الرقمية والمتنقلة والاجتماعية.

قد يقول قائل إن ما نسمع ونشاهد ونقرأ اليوم في الإعلام الأردني هو نتاج تفاعل تاريخي بين الصحافة والحكومة والمجتمع ومقدار تدخل الدولة فيها، لكنها في الحقيقة تعد انتهاكًا للعقد الاجتماعي سيما مع محاولة إضفاء طابع التفاني في المصلحة العامة على أداءها. وهنا لا بد من عقد اجتماعي جديد بين الدولة ووسائل الإعلام عماده الخطوط الحمر الثلاثة فقط الهاشميين، ومؤسسة الجيش، والقضاء. 

تتطلب مسيرة الإصلاح السياسي في البلد، وسائل إعلام إخبارية حرة ومتنوعة قادرة على إبقاء الناس على اطلاع، ومحاسبة الجهات الفاعلة القوية، وتمكين المواطنين مناقشة الشؤون العامة، سيما أن عديد الدراسات تظهر ارتباطًا قويًا بين الإعلام الحر والقوي والمستقل ومكافحة الفساد وهذا ما لم يتحقق إلى اليوم بشكل حقيقي، ولن يتحقق طالما بقينا لا نرى للإعلام وظيفة تتجاوز وظيفة الحمام الزاجل.

يرى ولي العهد ضرورة تقديم الرواية الإعلامية بوضوح وشفافية، ويلفت إلى أن غياب المعلومة الصحيحة يسبب فراغا إعلاميا، ويؤدي إلى تراجع الثقة، وهنا داء الإعلام الأردني ودواءه أيضا، إذن دعوة الأمير في جوهرها دعوة لتنمية مستدامة في استراتيجية تطوير الإعلام بحيث يسمح للمواطنين بأن يكونوا مشرفين على التغيير في الأردن.

*إعلامي وباحث