عن نظام الأبنية الجديد

جفرا نيوز - المهندس عادل بصبوص
 
أقر مجلس الوزراء اواخر العام الماضي نظاماً جديداً للأبنية وتنظيم المدن والقرى وهو النظام الذي يحكم إجراءات تنظيم وإفراز الاراضي وإنشاء الأبنية بمختلف أنواعها في المدن والقرى الأردنية، ولا يسري هذا النظام على مدينة عمان العاصمة التي لها نظام خاص بها لأهمية المدينة وللخصوصية التي تتمتع بها، وقد دخل النظام الجديد الذي يحمل الرقم (1) لسنة 2022 حيز التنفيذ إعتباراً من تاريخ 2/1/2022 وهو تاريخ نشره في الجريدة الرسمية.
 
تعتبر الأنظمة الخاصة بالأبنية والتنظيم من التشريعات الرئيسية التي تهم المجتمع بشكل عام لما لها من إنعكاسات اقتصادية وإجتماعية مباشرة على حياة المواطنين ولكونها تساهم في صياغة سمات وملامح المدن والقرى وتؤثر في العديد من القطاعات الحيوية وعلى رأسها قطاع الإسكان.
 
لقد كان لافتاً أن الخبر الصادر عن رئاسة الوزراء الذي أشار إلى إقرار النظام الجديد، وكذلك الخبر المتعلق بالإعلان عن دخول النظام حيز التنفيذ، لم يتضمن أي منهما أية إشارة إلى أبرز ما تضمنه النظام الجديد ولا إلى مبررات وأسباب التعديل، كذلك لم تعلق وزارة الإدارة المحلية –وهي الوزارة المختصة – على الموضوع خلافاً للمتبع في مثل هذه الحالات.
 
للتعرف على أهمية النظام الجديد والتعديلات التي وردت فيه وإنعكاساتها المختلفة وخاصة على قطاع الإسكان، لا بد من إستعراض التطورات التاريخية التي تعرض لها نظام الأبنية عبر السنوات القليلة الماضية، فقبل حوالي خمس سنوات كان العمل ما زال سارياً بنظام الأبنية وتنظيم المدن والقرى رقم (19) لسنة 1985

 وقد تم التوجه في ذلك الحين لإصدار نظام جديد يستجيب للمتغيرات الإقتصادية والإجتماعية التي حصلت خلال العقود الثلاثة الماضية، حيث تم إصدار نظام جديد حمل الرقم (136) لسنة 2016 الذي دخل حيز التنفيذ إعتباراً من تاريخ 1/1/2017 وتضمن العديد من التعديلات الجوهرية على أحكام البناء والتنظيم وخاصة ما يتعلق بالإستعمالات السكنية، وقد غلب على هذه التعديلات طابع الإرتجال وإنعدام الرؤية، حيث إضطرت وزارة الشؤون البلدية –وزارة الحكم المحلي لاحقاً- إلى إصدار أربعة تعديلات متتالية على هذا النظام خلال السنوات 2017، 2018، 2019.
 
تضمن النظام رقم (136) لسنة 2016 وتعديلاته الاربعة إضافات هامة أبرزها السماح بإنشاء طابق "الروف" والسماح ببروز الشرفات (البلاكين) ضمن الإرتداد الأمامي، والسماح ببناء طابق إضافي (طابق خامس) في قطع أراضي مناطق التنظيم الجديدة التي لا تقل سعة الشوارع الواقعة عليها عن (14) م، وإستثناء ما مساحته (25) م2 من مساحة بيت الدرج والمصعد من النسبة المئوية للبناء، كما تضمن النظام زيادة عدد مواقف السيارات المطلوبة لبعض فئات التنظيم، إضافة إلى تعديلات أخرى كان لها أثر سلبي على كلف إنشاء الوحدات السكنية وخاصة للفئات ذات الدخول المنخفضة والمحدودة، منها زيادة رسوم ترخيص الأبنية وزيادة الحد الأدنى لمساحة إفراز قطع الاراضي السكنية فئة تنظيم "سكن د" من (250) م2 إلى (300) م2، وزيادة الحد الأدنى لطول قطعة الأرض فئة تنظيم "سكن ج" من (18) م إلى (20) م، وزيادة مسافة الإرتدادات الواجب تركها بين البناء وحدود قطعة الأرض للإستعمالات السكنية، مما يقلل من نسبة إستغلال قطع الاراضي السكنية في البناء.

وبالعودة إلى النظام الجديد رقم (1) لسنة 2022 والذي جاء ضمن (54) مادة مقارنة بالنظام السابق الذي احتوى على (62) مادة، يتبين أن النظام الجديد قد تضمن غالبية مواد النظام السابق بعد إجراء عدد من التعديلات أبزها العودة عن زيادة الحد الأدنى لمساحة الإفراز لفئة "تنظيم د" بحيث تعود (250) م2 بدلاً من (300) م2، وإلغاء زيادة مسافة الإرتدادات الخلفية والجانبية لفئات التنظيم السكنية والعودة إلى الإرتدادات المقررة في النظام الأسبق رقم (19) لسنة 1985، كذلك إلغاء الزيادة في الحد الادنى لطول واجهة قطعة الأرض فئة تنظيم "سكن ج" بحيث تعود (18) م بدلاً من (20) م، كما تضمن النظام الجديد تخفيضاً جوهرياً على رسوم ترخيص إنشاء الأبنية وخاصة السكنية منها.

إن التغييرات التي وردت في نظام الأبنية الجديد هي إجراءات صحيحة تُشكَرُ الوزارة عليها، نظراً لإنعكاساتها الإيجابية على قطاع الإسكان وخاصة إسكان الأسر الفقيرة وذات الدخول المحدودة، وهنا يحق لنا أن نتساءل ما الذي إستجد حتى تقوم وزارة الحكم المحلي بالرجوع عن تعديلات أساسية أجرتها على نظام الأبنية قبل سنوات قليلة ... ليأتى الجواب المختصر والمثقل بالدلالات .... لم يطرأ شيء ... فقط تغيرت الحكومة وجاء وزير جديد.