التبعات الدستورية لتجميد العضوية
جفرا نيوز - بقلك أ. د. ليث كمال نصراوين*
صوّت مجلس النواب على تجميد عضوية النائب حسن الرياطي لمدة سنتين كعقوبة برلمانية، وذلك على ضوء المشاجرة التي وقعت في الجلسة الأولى من جلسات مناقشة التعديلات الدستورية. وتتمثل التبعات الدستورية لهذا القرار في حرمان النائب المعني من ممارسة أي عمل نيابي خلال فترة التجميد، كحضور جلسات مجلس النواب أو أي من لجانه النيابية. كما أنه لن يكون بمقدوره تمثيل المجلس في أي من الوفود أو اللجان النيابية المنبثقة عنه.
في المقابل، فإنه لن يترتب على قرار التجميد الحاجة إلى استبدال النائب المعني بشخص آخر. فالتجميد لا يؤدي إلى إسقاط العضوية أو حصول شاغر في مجلس النواب، فالنائب الرياطي لا يزال عضوا في مجلس النواب عن محافظة العقبة، إلا أنه قد تقرر تجميد عضويته بقرار من المجلس.
وفيما يتعلق بأثر قرار التجميد على ما يتقاضاه عضو مجلس النواب من مكافآت شهرية، فإن تجميد عضوية أي نائب يفترض أن يرافقه قرار بوقف صرف مخصصاته المالية خلال فترة التجميد. فالنائب كما حددت المحكمة الدستورية مركزه القانوني لا يعتبر موظفا عاما، وأنه يتقاضى مخصصات العضوية في مجلس النواب، وهذه المخصصات تكون فقط مقابل ما يقوم به من أعمال برلمانية. وحيث إن النائب أثناء فترة تجميد عضويته يكون محروما من ممارسة أي عمل نيابي، فإنه يتوافق مع منطق الأمور أن توقف مخصصاته المالية طيلة فترة تنفيذه لعقوبة التجميد.
أما فيما يتعلق بالحصانة النيابية ومدى قدرة النائب الذي تقرر تجميد عضويته في التمتع بها، فإن هذه الحصانة هي ميزة وضمانة قررها المشرع الدستوري لأعضاء مجلسي الأعيان والنواب من أجل تمكينهم من القيام بمهام عملهم من تشريع ورقابة على أكمل وجه. وقد كرّس الدستور الأردني وجهان للحصانة النيابية هما، حرية الكلام والنقاش أثناء جلسات المجلس، وعدم جواز توقيف أو محاكمة العضو أثناء اجتماعات المجلس إلا بعد الحصول على إذن من المجلس الذي ينتمي إليه.
إن حرية الكلام وإبداء الرأي قد قررتها المادة (86) من الدستور، والتي تقضي صراحة بعدم جواز ملاحقة عضو مجلس النواب عن أي قول أو كلام أو تصويت يبديه أو خطاب يلقيه أثناء جلسات المجلس. فمبدأ عدم المسؤولية الجنائية التي منحها المشرع الدستوري لأعضاء مجلس النواب ضد جرائم القول والكلام يقتصر نطاق تطبيقها على ما يصدر عن النائب من عبارات أثناء اجتماعات المجلس. وحيث إن النائب الذي تقرر تجميد عضويته، سيحرم من حضور جلسات مجلس النواب، بالتالي لا مجال للتمسك بالمظهر الأول من مظاهر الحصانة النيابية.
أما بخصوص المظهر الثاني من مظاهر الحصانة النيابية الخاص بعدم جواز توقيف النائب ومحاكمته أثناء اجتماعات المجلس إلا بعد الحصول على إذن من مجلس النواب، فإن المشرع الدستوري قد خص النائب بهذه الميزة خلال الفترة التي يكون فيها المجلس مجتمعا في دورات برلمانية، وذلك عملا بأحكام المادة (87) من الدستور.
ويكمن الهدف من هذا الإجراء في عدم تعطيل النائب عن حضور جلسات المجلس واشغاله عنها بإجراءات المحاكمة القضائية باعتباره مشتكى عليه. وهذا ما قررته المحكمة الدستورية في قرارها التفسيري رقم (7) لسنة 2013 بالقول أن المشرع الدستوري قد أراد إضفاء حصانة على أعضاء مجلسي الأعيان والنواب خلال مدة اجتماع مجلس الأمة لحمايتهم من أية إجراءات جزائية قد تتخذ ضد أي منهم تحول بينه وبين قيامه بواجباته الرقابية والتشريعية المنوطة به بموجب أحكام الدستور.
وحيث إن النائب الذي تقرر تجميد عضويته لن يقوم بأي عمل تشريعي أو رقابي بسبب حرمانه من حضور جلسات المجلس، فإن الغاية من التمسك بالحصانة النيابة وعدم جواز ملاحقته جزائيا دون رفع الحصانة عنه قد انتفت. وعليه، فلا يستفيد النائب الذي تقرر تجميد عضويته من الحصانة النيابية أثناء فترة التجميد.
* أستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق في الجامعة الأردنية
laith@lawyer.com