سيناريوهات المنخفضات الجوية.. تهويل إعلامي أم عدم ثقة في البنية التحتية ؟!

جفرا نيوز - الأمطار والثلوج.. لماذا نتعامل معها كمستجدين في كل مرة؟ ففي كل شتاء يحدث تهويل إعلامي في المنخفضات الجوية، حيث يتم التعامل مع كل منخفض كأنه لأول مرة، لدرجة تفوق ما يحدث في الدول الأوروبية، إذ يتدافع المواطنون إلى المخابز في كل مرة يسمعون فيها بقدوم منخفض جوي على المملكة بزيادة الطلب على الخبز بكميات كبيرة لمدة تكفيهم أيام المنخفض الجوي، ومع عدم مقدرة الكثير من أبناء المجتمع الأردني على توفير لقمة عيش لعائلته، ترى تلك المادة الرئيسية (الخبز) ترمى في حاويات القمامة.

يقول المواطن عمرو جمال:» تعد المنخفضات الجوية في المجتمع الأردني، فرصة حقيقية للمة العائلة وملتقى لتأكيد أواصر المحبة والتعاون والتكافل الاجتماعي، وتدخل الأجواء الجليدية البهجة في نفوس الأطفال والكبار للاستمتاع بالزائر الأبيض وهي فرصة لتنمية وممارسة الهوايات المختلفة في وقت تتجهز فيه العائلات الميسورة لقضاء العطلة الشتوية مع أبنائها سواء داخل المملكة أو خارجها».

يقول المواطن طارق تيسير :» للأسف الشديد، نعاني من ضجة إعلامية غير مسبوقة في كل منخفض جوي يعبر المملكة، حتى ولو كان ضعيفا، فنقرأ نشرات طقس فيها تهويل وتضخيم وفي كثير من الأحيان لا تتوافق مع طبيعة مستوى المنخفض الجوي بحسب نماذج الطقس العددية، فيتم نشر معلومات الطقس بحيث ترسم في الناس تصورا وكأننا نتعرض لأعمق منخفض جوي في المملكة، ونشر تحاليل خرائط الطقس ممزوجة بالغموض في كثير من الأحيان من أجل جذب الناس وشدهم لما ينشر».

أما شهد عيسى فتقول:» ما زلنا نعاني من تضخيم إعلامي لا داعي له حتى عند المنخفضات الجوية الاعتيادية، وهو أسلوب غير متبع في معظم دول العالم، حيث تصدر نشرات جوية واضحة وصريحة لا تدخل الناس في حيرة، وأن تكون متناغمة مع الحالة الجوية الفعلية، لأن التهويل في نشرات الطقس يؤدي إلى آثار سلبية وتكاليف عالية على الدولة».

ويتكرر المشهد مع قدوم فصل الشتاء في كل عام حيث يكشف واقع المنخفضات الجوية في الأردن عن حجم معاناة المواطن الأردني الذي يبقى تحت ضغط الحقيقة قبل واقعه المعيشي والاجتماعي والتعليمي والصحي والجوي، وتلعب وسائل الإعلام دوراً توعوياً وتثقيفياً بارزاً للوقوف على ظاهرة العاصفة القطبية الموسمية، وتسهم بنشر ثقافة الوعي بمخاطر العاصفة الثلجية وكيفية الاستعداد والتعامل والتكيف مع إطلاق خطة الطوارئ توخياً لحدوث الكوارث البشرية (من حرائق وحالات اختناق والغرق والسيول وانهيارات مختلفة ومتعددة)، كما تسهم وسائل الإعلام بالتهويل والتخويف وبث حالة من الهلع والفزع من المنخفضات والعواصف الثلجية... إما بعدم دقة (التنبؤات الجوية) من حيث الأرقام والاحصاءات ودرجات الحرارة أو بعدم دقة مواعيد العاصفة ووصفها بالشديدة والخطرة.

آية عبدالرحمن تقول:» إنها طوابير تعج بمعاناة الشارع الأردني.. من أجل تحقيق أمنه الغذائي والمعيشي (أبسط مقومات العيش الكريم) وتصبح العاصفة الثلجية (القطبية) مرآة وآلة ووسيلة تعكس كل مشاهد الطرائف والنوادر لإضفاء طابع الفكاهة.. على الواقع المعيشي الصعب».

يقول احمد قاسم:» التضخيم للمنخفضات الجوية أنتج حالة من الاستعداد المبالغ به لدى المواطنين الذين تدفقوا على مدار الفترة الماضية بكثافة، نحو المخابز ومحال بيع الدواجن والخضار والمولات التجارية ومحطات الوقود والغاز، لتكديس المواد التموينية والوقود وغيرها، في بيوتهم تحسبا للحالة الجوية، التي اصبحت هي الاخرى، عرضة لاجتهادات مواقع و»هواة» التنبؤات الجوية، الامر الذي خلق حالة من التضارب والمبالغة، الاقرب الى «البهرجة» في وصف المنخفضات الثلجية القادمة، ما عزز من حالة الفزع التي عاشها المواطن طيلة الساعات الماضية».

كثيرة هي القصص التي نسمعها ونشاهدها عن الإقبال على الخبز والمواد الغذائية، وهي تؤشر على تغير سلبي كبير في سلوكنا الاقتصادي، ليس أكثر منه سلبية إلا التغير الذي يطرأ على سلوكنا في قيادة السيارات، واحترام أولويات المرور، وهو سلوك سيئ أصلا، يزداد سوءا أثناء المنخفض الجوي، فما السر وراء ذلك، وما هو دور الضجة الإعلامية في التعامل مع المنخفضات الجوية، والتهويل حولها، وكأننا مقبلون على كارثة، وهو سلوك بعيد عن المهنية والموضوعية فيه كثير من الإثارة، يؤدي إلى توتير الناس فيعكس هذا التوتر سلوكا فيه الكثير من الشراهة، والكثير من العصبية والنزق؟.

الدستور