خبراء: استمرار تأثير الجائحة وتداعياتها على الاقتصاد العالمي خلال السنوات القادمة

جفرا نيوز - ناقش متحاورون تأثير جائحة كورونا على النمو الاقتصادي العالمي، لافتين إلى تأثيرها على الدول المصدرة للنفط نتيجة توقف الطلب على النفط، مؤكدين أن تأثير الجائحة وتداعياتها ستستمر خلال السنوات القادمة، لكن ستختلف بحسب حجم اعتماد اقتصادات الدول على إيرادات النفط..

وأشار المتحاورون إلى توزيع الثروات الطبيعة في العالم، وأهمية استغلالها بالطرق الصحيحة للوصول إلى التنمية المستدامة في جميع القطاعات، والأسباب المؤدية إلى تغيير أسعار النفط عبر السنوات الماضية مثل كُلف الإنتاج والتخزين، وضرورة أن تتكيف الدول المنتجة للنفط مع الأوضاع والمتغيرات الحالية والمستقبلية، والبحث عن مصادر بديلة تعمل على دفع العجلة الاقتصادية وتضمن ديمومتها.

جاء ذلك خلال لقاءً حواري عبر تقنية الاتصال المرئي عقده منتدى الفكر العربي، حاضر فيه الكاتب المتخصص في الشؤون النفطية الأستاذ لهب عبد الوهاب حول «أثر تداعيات جائحة كورونا على الدول المصدرة للنفط».

وشارك بالمداخلات، في هذا اللقاء الذي أداره الوزير الأسبق وأمين عام المنتدى د. محمد أبو حمّور، كل من الوزير الأسبق والكاتب الدكتور يد حمزة، والأستاذ الجامعي وأمين عام مجلس الوزراء العراقي الأسبق الدكتور زهير حمادي، والكاتب والباحث العراقي الأستاذ صفوت كامل، وأستاذ العلوم السياسية الدكتورسعد ناجي جواد من العراق.

أوضَح المُحاضر عبد الوهاب أن جائحة كورونا جاءت ملازمة لانخفاض أسعار النفط، وفي الوقت الذي تشهد فيه صناعة الوقود الإحفوري، من النفط الخام والغاز الطبيعي والفحم الحجري، عملية إعادة هيكلة،مما أثر بشكل كبير على الدول النامية المصدرة للنفط،رغم أن بعض هذه الدول يمكنها اللجوء الى صناديق الثروة الوطنية للتخفيف من آثار الجائحة.

وأشار عبد الوهاب إلى أن تأثير جائحة كورونا على الدول المنتجة للنفط جاء نتيجة انخفاض معدلات الطلب عليه، ما أدى إلى تهاوي الأسعار بشكل كبير مثلما حدث في سعر مزيج خام برنت المرجعي الذي انخفض إلى ما دون 50 دولاراً للبرميل الواحد.

وأوضَحَ أثر جائحة كورونا على الدول المنتجة للنفط؛ حيث عملت الولايات المتحدة الأميركية على إغلاق أكثر من 300 حفارة بين نوفمبر 2019 ونهاية إبريل 2020، ولجأت العديد من الشركات النفطية إلى خفض إنفاقها الرأسمالي بمقدار 100 مليار دولار خلال الفترة الماضية، كما خفضت شركة"أكسون» العملاقة إنفاقها بمقدار30%، وعملت روسيا على تخفيض إنتاجها بواقع 10% ضمن مايعرف بـ(أوبك+) اعتباراً من مايو 2020.

وقال عبد الوهاب: إن المملكة العربية السعودية في موقف قوي إزاء مرحلة ما بعد جائحة كورونا في حال عدم وجود صراعات عسكرية جديدة في المنطقة، كونها تحتفظ باحتياطيات كبيرة تصل إلى 450 مليار برميل،ويمكنها السحب منها عند الضرورة.

وأوضح أن الحكومات في العالم أعادت فرض مجموعة من القيود للحد من انتشار أوميكرون، إلا أن المخاوف من تأثير هذه القيود على الوقود انحسرت نتيجة ترك دول(أوبك +) الباب مفتوحاً أمام إعادة النظر والتعديل في مستويات إنتاجها ضمن خطتها التي تقضي بإضافة 400 ألف برميل يومياً إلى الإمدادات في يناير 2022.

ويشير إلى أن العالم شهد طلباً على النفط بقوة خلال عام 2021 نتيجة بدء التعافي من جائحة كورونا، وأنه من المحتمل أن يصل حجم الاستهلاك العالمي إلى مستوى لم يبلغه من قبل خلال عام 2022، رغم جهود تقليل استهلاك الوقود الإحفوري بهدف التخفيف من حدة التغير المناخي، ومن المتوقع أن يصل استهلاك النفط الخام في العام الحالي إلى 99.53 مليون برميل يومياً بدلاً من 96.2 مليون برميل يومياً.

وبدوره أشار د.محمد أبو حمّور إلى أن جائحة كورونا عملت على تراجع نمو الاقتصاد العالمي بشكل عام، وأثرت على جانبي العرض والطلب معاً بعكس القضايا الاقتصادية الأخرى التي مر بها الاقتصاد العالمي، ذلك أنها أخلت بجانب العرض من خلال تأثيرها السلبي على العجلة الصناعية وإنتاج القطاعات الاقتصادية كافة، وفي جانب الطلب أدت إلى فقدان الوظائف وجزء من دخل الأفراد أثر على قدراتهم الشرائية والاستهلاكية، مشيراً إلى أن تأثير الجائحة على الدول يختلف من دولة إلى أخرى،تبعاً لانفتاح الدولة الاقتصادي عالمياً وحجم الواردات النفطية ف? الدول المعتمدة على النفط.

وبين د.أبو حمّور أن الدول المنتجة للنفط عملت على خفض سعره إلى 21% تقريباً، بسبب تراجع استهلاك العالم من النفط من حوالي 100 مليون برميل يومياً قبل الجائحة إلى 97 مليون برميل يومياً في عام 2021، كما عملت معظم دول أوبك على خفض إنتاجها النفطي من خلال خفض الميزانية وقيمة العمل، وتقليص أنشطة التنقيب والاكتشاف، والعمل على خفض أسعار بيع النفط بسبب كلف التخزين العالية.

وأوضح الكاتب والوزير الأردني الأسبق د.زيد حمزة أن توزيع الثروات الطبيعة وتكافؤ الفرص الاقتصادية والصحية والتعليمية في العالم غير متساويين ويعتمدان بصورة كبيرة على اقتصادات الدول، مبيناً ضرورة الاستفادة من الوفرة النفطية في التقدم والتنمية العالمية، واستخدام الواردات النفطية للحد من الفقر والبطالة وتعزيز التنمية على المستويات كافة وفي جميع الدول، مشيراً إلى أن أسعار النفط تتفاوت عبر السنوات بناءً على الأوضاع السياسية والاقتصادية للدول، إلا أنها في الوقت الحالي تضاعفت بشكل كبير جداً مقارنة بالسنوات السابقة ك?تيجة لزيادة الطلب على الأرباح من الدول والشركات المنتجة.

وقال الأستاذ الجامعي والأمين العام الأسبق لمجلس الوزراء في العراق د.زهير حمادي: إن تأثير جائحة كورونا يشمل العالم أجمع وليس الدول المصدرة للنفط فقط، وأن الجائحة ساهمت في تغيير نمط الحياة المعروف وإحداث تغيير في مختلف الأنشطة والقطاعات، وأن تأثيرها سيستمر خلال السنوات القادمة،كما أوضح أن تداعيات جائحة كورونا هي واحدة من عدة تداعيات ومعيقات ستواجه الدول المصدرة للنفط خلال السنين والعقود القادم.

ولفت إلى ان الدول التي تعتمد ميزانيتها على تدفق الإيرادات السنوية للنفط أن تفكر جدياً في موضوع انخفاض الطلب على النفط، وتأثير هذا الانخفاض على اقتصادها وطريقة معيشتها، والعمل على إيجاد حلول ووسائل أخرى لتصحيح هذا المسار الذي من الممكن أن يهدد وجود الدولة واستقرارها السياسي والاقتصادي.

وبدوره تناول الأستاذ الجامعي د.سعد ناجي جواد مسألة انتهاء الحاجة للنفط خلال الخمسين سنة القادمة معتبراً أنها مسألة بعيدة عن الواقعية، بالرغم من وجود البدائل للنفط وانخفاض الطلب عليه، وذلك لأن بعض دول أفريقيا وآسيا تعاني من مشاكل اقتصادية تحول بينها وبين التحول إلى الطاقة البديلة بسبب تكلفتها العالية، ومشيراً إلى أنه من الضروري إدارة موارد النفط وإيراداته بشكل صحيح لتعود بالفائدة على الوطن العربي، والعمل على تنظيف النفط وتحويله إلى وقود غير مُضر بالبيئة، وتبني سياسات اقتصاديات قوية للاعتماد على قطاعات أخرى ?قطاع الزراعة مثلاً ودعمها وتنميتها من أجل المستقبل.

وأشار الكاتب والباحث الأستاذ صفوت فاهم كامل إلى أن الحاجة للنفط مستمرة خلال العقود القادمة، ولن تتأثر بالإجراءات والسعي نحو استغلال الطاقة المتجددة، والقرارات المنادية بجعل أكثر من نصف سكان العالم سيستخدمون السيارات الكهربائية في سنة 2040، لأن نسبة استهلاك السيارات الصغيرة للوقود قليلة جداً مقارنة مع نسبة استهلاك البواخر والسيارات الكبيرة والمنشآت الضخمة التي ستبقى موجودة في غضون السنوات المقبلة.

الرأي