دعوهم يختلفون

جفرا نيوز - كتب - جهاد المنسي

أما وقد انتهت الدورة التشريعية الاولى لتعديلات الدستور، وتم اقرار التعديلات الدستورية من قبل مجلس النواب كما جاءت من الحكومة واللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية باستثناء اختلاف وحيد فقط تضمن رفض رفع الحصانة عن أعضاء مجلس الامة (نواب واعيان) طوال انعقاد الدورة البرلمانية.

الآن التعديلات الدستورية بحوزة مجلس الاعيان، وأرى أن من الحكمة تركهم (الاعيان) يتناقشون في التعديل بشكل مريح دون ضغط من اي طرف تحت سيف الوقت ومنحهم مساحة للاختلاف مع النواب في بعض المواد، فالاختلاف بين غرفتي التشريع أمر طبيعي ويؤشر لديمقراطية عالية، وذاك من مفاعيل الاصلاح المنشود.

النواب والحكومة واللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية جميعهم اجتهدوا في وضع رؤيتهم بالتعديلات الدستورية، والجميع ترك بصمات مختلفة حول التعديلات الـ30 التي تم التوصية بها، ومن حق الاعيان ترك مساحة لهم للاختلاف او الاتفاق مع النواب، وبحسب ما يرشح من معلومات فإن الخلاف مع النواب هو حول موضوع الحصانة للنائب والعين، حيث رفض النواب رفع الحصانة عن اعضاء مجلس الامة خلال مدة الدورة البرلمانية، وأراني مؤيدا بشدة لما ذهب اليه النواب، وأعتقد أن الحصانة مهمة لترك مساحة واسعة للنائب لممارسة دوره التسريعي والرقابي دون تردد او وجل، او حسابات لتبعات لاحقة، ولعلها مناسبة للأعيان للاستماع لوجهات نظر جمهرة الناس والساسة حول بعض التعديلات لاسيما تلك المتعلقة بسن المرشح، وهنا أيضا أراني أميل لرفع السن او إبقائه عند 30عاما، وليس تخفيضه لسن 25، والحديث عن تمكين الشباب مقولة غير موفقة، لاسيما وأن الشاب بعد الخامسة والعشرين يمكن ان يكون ما يزال يبحث عن عمل، وهذا حال سواد شبابنا، وبالتالي فإنني سأذهب للاعتقاد ان التخفيض وأعني تخفيض سن المرشح جاء لصالح الشباب الذين يملكون المال، وليس لعامة الأردنيين، وهنا أمل كي تحدث مراجعة جادة من قبل الأعيان، وعدم الذهاب خلف صراخ اولئك الذين يرفعون شعار تمكين الشباب دون الالتفات لطريقة التمكين وطبيعة الشباب المراد تمكينهم.

فِي الوقت نفسه فإنها مناسبة للتصريح انه لم أقتنع البتة بمبررات الحكومة واللجنة القانونية بشأن فصل النيابة عن الوزارة، وأعتقد أن هذا التوجه يتعارض مع ما جاء في الأوراق النقاشية لجلالة الملك التي اشارت الى تشكيل حكومات من رحم البرلمان، ولا أرى أن القول في منع الدمج بين النيابة والوزارة من شأنه تمكين الاحزاب، فهذا قول لا يستقيم، فتمكين الاحزاب يتأتي من خلال البرلمان، والتشريعات، ومن خلال حزب أقلية وآخر اكثرية وتداول للسلطة تحت شرعية البرلمان، وبالتالي فإن الحزب سيجد نفسه منغمسا بالعمل العام والسياسي بشكل دائم دون غض النظر عن الجانب الاقتصادي والاجتماعي.

تعديلات الدستور هي اليوم في بيت الاعيان، والمجلس امام واقع إثبات ذاته من خلال قراءة معمقة لما جاء من تعديلات ولا ضير لو توافق مع النواب أو اختلف معهم إنما المهم هو منح الاعيان وقتهم الكافي للتشريع دون إشهار سيف الوقت في وجههم، وأرى انه لو ترك الاعيان وحدهم دون ضغط فاننا سنذهب لتشريعات رصينة، وحتى لو اختلفت غرفتا التشريع، فالاختلاف بالرأي كفيل بالوصول لرؤية أمتن وأفضل .

ولأن تعديلات الدستور تعتبر الرأس الأول في مثلث اصلاحنا المنشود، فإنه يتبقى امامنا تكملة رؤوس المثلث بقانوني الانتخاب والأحزاب، وهنا وجب علينا جميعا سواء مشرعين او كتاب رأي او مؤسسات دولة ان نقتنع يقينا ان الاحزاب جزء من المجتمع، وهي دعوة لكل اولئك للتوقف عن التشكيك بالاحزاب عند كل شاردة او واردة ومهاجمتها وشيطنتها، وعندما يتوقف الجميع عن التعرض للأحزاب سنتمكن وقتها من البناء على ذلك للوصول لمرحلة جديدة من الاصلاح، فلا اصلاح حقيقيا دون احزاب حقيقية غير مصطنعة او مشكلة للسير مع التيار.