إلى أين تتجه أموال المستثمرين وسط ضبابية التضخم في 2022؟
جفرا نيوز - في وقت تسيطر فيه حالة من الضبابية على مستقبل الاقتصاد العالمي في الوقت الحالي بسبب المتحورة الجديدة لفيروس كورونا "أوميكرون"، وتداعياتها التي من شأنها أن تزيد من حدة الأزمات التي خلّفتها الجائحة الصحية، سواء على مستوى الانكماش في الناتج الإجمالي العالمي، أو التضخم الذي يزحف بعنف نحو مستويات قياسية وتاريخية، يبقى على المستثمرين أن يفكروا بشكل مختلف في آليات وخطط استثمارية جديدة من شأنها أن تقلص موجة النزيف التي تعرضوا لها خلال العامين الماضيين.
وفي وقت تتجه فيه معدلات التضخم إلى الارتفاع، مع استمرار أزمة سلاسل التوريد والإمداد، وفي الوقت نفسه يواجه العالم موجة من الارتفاعات في أسعار السلع والخدمات والطاقة وعناصر الإنتاج كافة، تبقى البنوك المركزية على مستوى العالم في مقعد المراقب، وأعلنت أنها ستتدخل في الوقت المناسب برفع أسعار الفائدة، مثلما حدث في البنك المركزي الأميركي الذي أعلن عن حذف كلمة "مؤقت" عند الحديث عن التضخم، وأكد أنه سيرفع أسعار الفائدة ثلاث مرات خلال العام الحالي.
وحتى الآن، لا تزال التداعيات الخاصة بالمتحورة الجديدة "أوميكرون" غير واضحة، وبخاصة على قرارات المستثمرين الذين تكبدوا خسائر حادة وعنيفة مع تراجع المؤشرات والبيانات الخاصة بمختلف القطاعات الاستثمارية على مدار العامين الماضيين.
عودة إلى الأصول والملاذات الآمنة
ومع دخول العام الجديد، وفي ظل عدم وجود أي مؤشرات على انفراج وشيك بملف التضخم، فإن حالة المشهد الاقتصادي على مستوى العالم، تجعل المستثمرين في حالة استنفار شبه يومية، بخاصة مع انخفاض المؤشرات العالمية والعربية للأسواق التقليدية، ومع زيادة التضخم، إذ سجلت أوروبا معدلات تضخم هي الأعلى خلال 13 عاماً في أكتوبر (تشرين الأول) 2021، ووفقاً للبيانات الأولية من مكتب الإحصاء الأوروبي، ارتفع معدل التضخم في 19 دولة تتعامل باليورو إلى 4.1 في المئة خلال شهر أكتوبر الماضي.
ولا يختلف الوضع في أوروبا عنه في الولايات المتحدة الأميركية التي سجل التضخم فيها أعلى مستوى في 39 عاماً، والحالة نفسها في الدول العربية ومنطقة الشرق الأوسط التي تواجه بالفعل ارتفاعات قياسية في معدلات التضخم، لكن يبقى السؤال الأهم: إلى أين تتجه أموال المستثمرين خلال العام الجديد وفي ظل استمرار الأزمات التي خلفتها الجائحة الصحية على مستوى الأنشطة الاقتصادية؟
غالباً، وفي ظل الأزمات الاقتصادية، تتركز اهتمامات المستثمرين على العودة إلى الأصول والملاذات الآمنة مثل الاستثمار في الذهب، لكن خلال الفترة الأخيرة ظهرت أنشطة استثمارية يعتقد البعض أنها توفر بعض الأمان مقارنة بأسواق الأسهم، وبخاصة سوق العملات المشفرة التي اكتسبت زخماً قوياً خلال العام الماضي بعد تسجيلها موجة ارتفاعات صاروخية.
يضاف إلى ذلك، "الاستثمارات الجريئة" التي تعد من الأدوات المالية التي تجذب انتباه المستثمرين خلال الفترة الأخيرة، حيث بدأت "الاستثمارات الجريئة" تأخذ مكانتها مع ظهور العديد من شركات الـ"يونيكورن" (هي شركات تبلغ قيمتها السوقية أكثر من مليار دولار) في العديد من المجالات مثل التقنية المالية، إذ بلغ عدد شركات الـ"يونيكورن" في الولايات المتحدة 81 شركة، وأبرزها تقع في ولايتي نيويورك وكاليفورنيا، وجاءت الصين في المرتبة الثانية بـ11 شركة.
الأزمات تزيد من تمسك المستثمرين بالذهب
في صدارة أسواق الأصول والملاذات الآمنة يأتي الذهب، ويعد الاستثمار في المعدن الأصفر الملاذ الآمن الأول في وقت الأزمات المالية تاريخياً. وتشير البيانات إلى أن معدل التغير في أداء أسعار الذهب قد وصل إلى ما يزيد على 50 في المئة خلال خمس سنوات، كما أن الذهب من الأدوات المالية الأقل مخاطرة عند تذبذب الأسواق التقليدية، وخلال 20 عاماً، كان أداء الذهب متصاعداً بنسبة تزيد على 551 في المئة، وهذا مؤشر واضح على أن الذهب هو التحوط الأول للمستثمرين وقت الأزمات، وأن العلاقة عكسية بين الدولار والذهب، فكلما زاد الدولار قل الإقبال على الذهب، والعكس صحيح.
أما العملات المشفرة فقد نجحت في أن تفرض نفسها على توجهات المستثمرين خلال الفترات الأخيرة، بخاصة مع المكاسب الضخمة التي حققتها خلال عامي 2018 و2021، ويعد الاستثمار في العملات الرقمية المشفرة، إحدى الأدوات الحديثة التي بدأ المستثمرون في التعامل معها بشكل جدي، بخاصة مع التقدم الكبير الذي تحققه هذه العملات وحصولها على المزيد من الاعتراف على الرغم من التحذيرات الدولية من بعض الجهات الحكومية والدولية التي تحارب انتشار ثقافة التداول بالعملات المشفرة وأن تكون بديلاً عن العملات الورقية أو الرقمية المدعمة بالعملات المحلية في البيع والشراء.